أكبر مُعمِّرة في العالم تموت وهي تصلي (قصة إنسانية)

قالت صحيفة The Daily Mail البريطانية إن سيدة روسية يعتقد مسؤولون في الحكومة الروسية أنها أكبر المعمرين ماتت في هدوء وهي تصلي.

ويقول مسؤولون إن كوكو إيستامبولوفا إحدى الناجين من حملات القمع التي شنها ستالين ضد الشعب الشيشاني توفيت الشهر الماضي عن عمر يناهز 128 عاماً، حسب صحيفة The Daily Mail البريطانية.

ماتت السيدة وهي تصلي

تصدرت كوكو عناوين الصحف العام الماضي بعد قولها إنها لم تشعر في حياتها الطويلة بالسعادة سوى يوم واحد فقط، عندما دخلت المنزل الذي شيدته بيديها إثر عودتها من المنفى في كازاخستان.

وقال حفيدها إلياس أبو بكروف إنها كانت تتناول طعام العشاء كالمعتاد يوم 27 يناير/كانون الثاني في منزلها القروي في الشيشان.

وقال: «كانت تمزح وتتحدث. ثم شعرت بالإعياء فجأة، وشكت من شعورها بألم في صدرها. اتصلنا بالطبيب، وأخبرنا أن ضغط دمها قد انخفض، وحُقنت أكثر من مرة. لكنهم فشلوا في إنقاذها. وماتت بعدها بفترة قصيرة، ماتت بهدوء، وهي في كامل وعيها وتصلي».

وقد دُفنت في قريتها براتسكو تاركة خمسة أحفاد و16 ابناً من أبناء أحفادها.

ويعود تاريخ ميلادها لما قبل تتويج نيقولا الثاني

ولدت السيدة المسلمة قبل تتويج آخر قياصرة روسيا نيقولا الثاني، وامتد عمرها ليتجاوز الاتحاد السوفيتي بجيل، وفقاً لجواز سفرها الروسي الداخلي.

وهناك مزاعم بأن تاريخ ميلادها هو الأول من يونيو/حزيران عام 1889، عندما كانت الملكة فيكتوريا تعتلي عرش بريطانيا.

لكن جواز سفرها يوضح فقط سنة ميلادها، ولا يوضح اليوم والشهر اللذين ولدت فيهما.

وقبل موتها تحدثت عن انتهاكات ستالين بحق الشيشانيين

وفي شهادتها الاستثنائية والمؤثرة التي أُذيعت العام الماضي، تحدثت بلهجة ملؤها الشجن عن ذاك اليوم المشؤوم الذي هجَّر فيه ستالين مواطنيها الشيشانيين إلى سهول كازاخستان قبل 75 عاماً.

وذكرت كيف كان الناس يموتون في قطارات نقل المواشي- وتُلقى جثثهم خارج العربات كي تأكلها الكلاب الجائعة.

إذا كان هذا هو عمر كوكو الحقيقي، فهذا يعني أنها كانت تبلغ في ذلك الوقت 54 عاماً، وشهدت تتويج القيصر الأخير نيقولا الثاني قبل يومين من عيد ميلادها السابع، والإطاحة به عندما كانت في السابعة والعشرين من عمرها.

وقالت عن صباح أحد أيام فبراير/شباط عام 1944، عندما نفيت أمة بأكملها من موطنها جنوب جبال القوقاز: «كان يوماً سيئاً وبارداً ومشؤوماً».

وتضيف: «زُجّ بنا في القطار وانطلق بنا.. لم يعرف أحد إلى أين كان متجهاً. كانت عربات القطار ممتلئة بالناس، وكانت الأوساخ والقمامة والفضلات البشرية منتشرة في كل مكان».

ولتأكيد بشاعة أفعال ستالين، قالت للصحفيين بلغتها الشيشانية في إصرار: «دونوا ذلك، كانت العربات ممتلئة بالفضلات البشرية. ولم يُسمح لنا بالذهاب إلى أي مكان».

وكانت الفتيات القوقازيات الصغيرات يلقين حتفهن بسبب تمزق مثاناتهن، إذ كن يخجلن من الذهاب إلى المرحاض في القطارات المزدحمة كريهة الرائحة.

وحاولت النساء الأكبر سناً التحلق حولهن حتى لا يشعرن بالإحراج أثناء قضائهن حاجتهن.

ولكن حدث ما هو أسوأ.

تقول كوكو: «في الطريق إلى المنفى، كانت الجثث تُلقى خارج القطار ببساطة».

وقالت: «لم يُسمح لأحد بدفن الموتى. وكانت الكلاب تأكل الجثث. وأُلقيت جثة والد زوجي من القطار بهذه الطريقة».

وقالت إن الحارس أطعمهم «سمكاً  فاسداً».

وأضافت: «مررنا بأوقات عصيبة أثناء ترحيلنا».

وكان ستالين المصاب بجنون الارتياب يزعم أن الشيشانيين كانوا يتعاونون مع النازيين.

وقالت: «أخبرونا أننا أشخاص سيئون ولهذا السبب كان علينا أن نرحل».

«لا أعرف السبب وراء معاناتنا.. لم يكن هناك ما يشعرني بالذنب».

قبل الحرب، تذكرت أن الدبابات النازية «المخيفة» كانت تمر بجوار منزل عائلتها.

ومرّت بمآسي شخصية مُدمِّرة في الجحيم الكازاخستاني الذي عاشت فيه، إذ مات ولداها في هذه الظروف القاسية.

وقالت: «لم يكن هناك أطباء، ولا أحد ليعالجهم».

وأضافت: «أصيب ولدي الأصغر بمرض ما ومات سريعاً. مرت كل العوائل بمثل تلك الظروف. كان الأطفال الذين تلدهم النساء يموتون في كثير من الأحيان بسبب عدم وجود أطباء التوليد، لم يكن هناك سوى الأصدقاء والجيران لمساعدتهن».

وقالت السيدة العجوز وهي تبكي: «لم يظل على قيد الحياة سوى ابنتي تمارا».

وتعرضت للنفي مدة 13 عاماً في كازاخستان

بلغت مدة المنفى في كازاخستان 13 سنة، ثم سُمح للناس بالعودة إلى ديارهم بعد موت ستالين.

وعندما عادت، استولى الروس القادمون إلى الشيشان على معظم المنازل، فاضطرت للعمل على بناء منزل خاص بها، وقالت إن زوجها كان «كسولاً جداً» أثناء العمل.

وقد أقرّت أنه على الرغم من ذلك، كان اليوم الذي انتقلت فيه إلى منزلها الخاص، والذي شيدته بيديها، بعد عودتها من المنفى السوفيتي الداخلي يوماً «سعيداً».

وقالت «لقد بنيته بنفسي، أفضل منزل في العالم. أعيش فيه منذ 60 عاماً».

وقالت كوكو العام الماضي إنها لم تذهب إلى المدرسة قط. وأضافت: «كنت أعمل منذ حداثتي. لم أدرس قط. كنت أربي بقرة، وبعض الدجاج. كنت أحفر الأرض في الحديقة، وأواصل الحفر.. كل يوم».

كانت تجمع القطن والذرة، وتعتني بأشقائها وشقيقاتها الأصغر سناً.

وتذكر أنها في طفولتها كانت تلعب بالدمى التي كان يصنعها لها عمها من القماش.

كان لديها حذاء أحمر وجورب أبيض اشتراهما لها والدها من أحد المعارض، وكانت «الملابس الجميلة» الأولى والوحيدة في فترة شبابها القصيرة.

قالت: «كان والدي مريضاً، ثم مرضت أمي. ولحقت بهما جدتي. كنتُ الأكبر سناً، كيف كان لي أن أتركهم»؟ وتزوجت كوكو في سن متأخرة عندما اختاروا لها زوجاً من قرية أخرى.

وقالت: «لم أعرفه مطلقاً ولكنني بدأت أحبه بعد ذلك. وماذا بوسع الزوجة أن تفعل غير ذلك؟ كان علي أن أتحمل. كان اسمه مغومد وكان أصغر مني سناً». وقالت ضاحكة: «لم يكن وسيماً على الإطلاق».

وكشفت عن سر حياتها الطويلة

وعندما سُئلت عن سر حياتها الطويلة، قالت في وقت سابق: «كانت إرادة الله. لم أفعل شيئاً لأصبح أطول عمراً. أرى أناساً يعيشون لفترة أطول لأنهم يمارسون الرياضة، أو لأنهم يتناولون طعاماً خاصاً، أو يحافظون على لياقتهم، لكن ليس لدي أدنى فكرة عن سبب بقائي على قيد الحياة  حتى الآن».

كانت وصفتها للحياة طويلة هي شرب الحليب المخمر، لكنها كانت تتجنب تناول اللحم والحساء.

وتتساءل كوكو: «لماذا أعطاني الله عمراً طويلاً وقليلاً من السعادة؟ كنت لأكون في عداد الأموات منذ زمن طويل، لولا أن الله لم يرد ذلك».

وقالت كوكو: «من الصعب أن نستمر في العيش فيما انتقل كل من يذكرونك إلى عداد الأموات. والموت أمرٌ مخيف للجميع، بغض النظر عن أعمارهم».

وكما هو الحال مع نانو شوفا، التي توفيت الشهر الماضي، لم تكن هناك وثائق أصلية تثبت عمرها الحقيقي على الرغم من اعتراف صندوق المعاشات التقاعدية في روسيا بأنها كانت تبلغ من العمر 129 سنة عندما توفيت.

ولكن على عكس نانو، كانت كوكو تتذكر بوضوح أحداثاً من الماضي البعيد.

لدى القوقاز تاريخ من الأشخاص المعمرين، ولكن يكون من المستحيل غالباً التحقق من هذه الأعمار المزعومة.

وتعدّ جين كالمنت الفرنسية أكبر المعمرين الذين وُثقّت أعمارهم، إذ عاشت 122 سنة، و164 يوماً، وتوفيت عام 1997.المصدر/عربي بوست

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.