هكذا أثّرت تركيا علي الحوار بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية

يقول سفير أنقرة لدى الفاتيكان، لطف الله غوكطاش، إنّ تركيا تتولى دورًا مهمًّا في الحوار داخل العالم المسيحي من جانب، وتعزيز العلاقات مع نظيره الإسلامي من جانب آخر.

جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول، تحدث فيها غوكطاش عن الدور التركي في العالمين الإسلامي والمسيحي، والعلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والفاتيكان، فضلا عن وضع مدينة القدس والقضية الفلسطينية بشكل عام.

– الحوار بين الطوائف المسيحية

وفي مستهل اللقاء، يشير غوكطاش إلى أن “الزعيم الروحي للكنيسة الكاثوليكية (البابا) يوجد في الفاتيكان، بينما يوجد الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية الرومية في إسطنبول، ما يعني وجود دور مهم لتركيا في الحوار بين الكنيستين”.

ويضيف غوكطاش الذي عمل لمدة 8 أعوام مستشارًا إعلاميًا للرئيس رجب طيب أردوغان، أن الفاتيكان دولة مهمة رغم صغر مساحتها، وأن نحو مليار و200 مليون كاثوليكي مرتبطون دينيا بالبابا.

– زخم بالعلاقات الدبلوماسية

ويشير السفير إلى أن 183 دولة حول العالم تقيم علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان، “فيما تمتلك نحو 88 دولة سفارات في هذه الدولة الصغيرة والمهمة في آن واحد”.

ومستعرضا تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والفاتيكان، يبيّن أنها بدأت عام 1959 في عهد الرئيس التركي الأسبق جلال بايار، حين أجرى زيارة إلى الفاتيكان التقى خلالها، البابا جان الثالث والعشرين.

بعد ذلك، دخلت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين حيّز التنفيذ رسميا عام 1960، لتفتح تركيا في العام 1962 أول سفارة لها في الفاتيكان.

وفي فبراير/ شباط 2018، اكتسبت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين زخما جديدا، عقب زيارة أجراها الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الفاتيكان.

ويصف غوكطاش زيارة أردوغان إلى الفاتيكان بـ”التاريخية”، ويقول إنها كانت الأولى من نوعها لرئيس تركي منذ زيارة الرئيس الراحل بايار.

ويلف السفير إلى أن الزيارة أحدثت “زخما جديدا” بين البلدين، وكانت “مثمرة وبناءة”.

ويتابع: “عقب انتقال مقر الرئاسة التركية من قصر جانقايا إلى المجمع الرئاسي الحالي (كلاهما بالعاصمة أنقرة)، كان البابا فرنسيس أول من زار المجمع عام 2014”.

ويعتبر السفير أن زيارة أردوغان إلى الفاتيكان كانت بمثابة خطوة مماثلة، ويوضح: “لقد ساد التفاهم بين أردوغان والبابا خلال اللقاءين، وكنت مترجما للحديث الذي دار بينهما آنذاك”.

وعن فحوى اللقاءيْن، يذكر غوكطاش أن الرئيس أردوغان تناول مع البابا المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر حول سبل إحلال السلام والأمن في العالم”.

– القدس مصدر قلق للجانبين

وفي سياق متصل، يلفت غوكطاش إلى أن زيارة أردوغان إلى الفاتيكان العام الماضي تزامنت مع تصدّر ملف القدس الاهتمام الدولي آنذاك.

فقبل الزيارة بأقل من شهر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها.

ويشدد السفير أن “السياسات الإسرائيلية تجاه القدس، واعتراف واشنطن بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، شكل مصدر قلق بالغ لتركيا والفاتيكان على حد سواء”.

ويكمل: “يحرص الجانبان (تركيا والفاتيكان) على الحفاظ على الوضع القائم في القدس، لأن المدينة تعتبر مهدا للأديان السماوية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وهي أرض مقدسة”.

ويوضح أن التواصل بين تركيا والفاتيكان لم يقتصر على زيارة أردوغان إلى الفاتيكان وحسب، بل جرت في تلك الفترة 3 مكالمات هاتفية بين الرئيس التركي والبابا، تباحثا خلالها عدة قضايا في مقدمتها أزمة القدس.

ويؤكد غوكطاش حرص تركيا والفاتيكان على حماية حقوق الفلسطينيين، وبناء دولة مستقلة لهم عاصمتها القدس الشرقية.

– تعزيز العلاقات بين المسلمين والمسيحيين

وتطرق السفير إلى الزيارة التي أجراها البابا بولس السادس (بابا الكنيسة الكاثوليكية الـ262) إلى تركيا عام 1967، في إطار خطواته الرامية لإنهاء الخصومات حينها بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، لتتكرر منذ ذلك الحين زيارات الباباوات إلى تركيا.

كما أن زيارات الباباوات إلى تركيا كانت تحمل أهمية بالغة على صعيد تحسين العلاقات بين العالمين المسيحي والإسلامي.

وعن ذلك، يقول غوكطاش إن “تركيا لديها مكانة مرموقة داخل العالم الإسلامي، والبابا عندما يزورها، فإنه يتحدث عن سبل تعزيز العلاقات بين العالمين المسيحي والإسلامي”.

ويشير إلى إمكانية تعاون تركيا والفاتيكان في حل عديد القضايا العالقة، وفي مقدمتها المساهمة في إحلال السلام العالمي، والقضاء على ظاهرة الهجرة، وفعاليات المساعدات الإنسانية، وتعزيز العلاقات بين الأديان والثقافات المختلفة.

.

المصدر/الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.