باكستان: رد تركيا على مجزرة نيوزيلندا جاء فوريا وإنسانيا

أشاد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، باجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي استضافته إسطنبول، الجمعة، فيما أثنى على الرد التركي إزاء مجزرة نيوزيلندا، مؤكدًا أنه “رد فوري وإنساني وإسلامي”.

وعقدت المنظمة اجتماعها الطارئ بناء على دعوة من تركيا، لبحث تداعيات المجزرة الدموية التي وقعت في مسجدين بمدينة “كرايست تشيرتش” النيوزيلندية 15 مارس/ آذار الجاري، وراح ضحيتها 50 شخصا أثناء تأديتهم صلاة الجمعة، وأصيب 50 آخرون.

وأكد “قريشي” في مقابلة مع الأناضول بإسطنبول، أن الاجتماع يأتي “في الوقت المناسب”، و”ينشئ بيئة من الوحدة داخل العالم الإسلامي وخارجه”، فيما وصف الهجوم على المسجدين بأنه “مأساوي”.

وقال: “لقد صُدمنا وفزعنا لما حدث، لأن هناك أناسا أبرياء تجمعوا في المسجد للصلاة، ولم يؤذوا أحدا، بل كانوا يتعبدون.. لقد قُتلوا بدم بارد، وتم تصوير كل شيء على الهواء مباشرة”.

وأضاف: “في الوقت نفسه، نشعر بالصدمة لأن هذا الصعود في الإسلاموفوبيا لا يعالج بالطريقة التي ينبغي أن يعالج بها. مثل هذه الحوادث تتكرر في كل مكان”.

وتابع: “إذا كان الهجوم وقع في مكان مسالم مثل كرايست تشيرتش، وبلد مسالم وودود للغاية مثل نيوزيلندا، فلا يوجد إذن شيء آمن أو مكان آمن”.

وفي تقييمه للاجتماع أفاد وزير الخارجية: “أرى أنه جاء في وقت مناسب للغاية، وسيساعد في إيجاد بيئة من الوحدة داخل العالم الإسلامي، ومن ثم سيفرز وعيا بعد ذلك للتعامل مع مثل هذه القضايا”.

وشدد على أن تركيا لعبت دورا إيجابيا في منظمة التعاون الإسلامي عقب المجزرة، وأضاف: “لقد كان رد تركيا فوريا وإنسانيا وإسلاميا. الردود الإسلامية والإنسانية تسيران جنبا إلى جنب”.

وأردف: “كان رد باكستان فوريا أيضا”، فيما أشاد قريشي برجل باكستاني شجاع قتل في هجمات نيوزيلندا، مشيرًا أن حكومة إسلام أباد ستكرّم اسم الرجل بأعلى وسام مدني في البلاد.

وأكمل بهذا الخصوص: “قتل باكستاني أثناء محاولته إنقاذ أرواح الآخرين، لم يكن قادرا على إنقاذ ابنه، لكنه كان يحمي العديد من الأبرياء”.

يشار أن مرتكب المجزرة، بث أحداث القتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وصاحب ذلك إصدار بيان عنصري وكاره للإسلام، هاجم فيه تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان.

وتعليقا على ذلك قال قريشي: “إن أردوغان يتخذ موقفا واضحا للغاية في الأوقات الصعبة، وأي شخص يتحدث بصراحة وبوضوح وبشكل مستقل، يُنظر إليه على أنه تهديد للكثيرين”.

وأعرب وزير الخارجية عن أمله في إمكانية اتخاذ بعض التدابير العالمية “للتعامل مع التوجه المتصاعد من الإسلاموفوبيا”.

وشدد بهذا الصدد: “أعتقد أن على وسائل الإعلام أن تلعب دورا مهما في تهيئة بيئة أفضل ومعالجة هذه القضية بشكل مباشر”.

وأكد مسؤول الدبلوماسية الباكستانية أن “وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تلعب دورا أكثر مسؤولية، وأن تفكر في الشعوب، وتهتم بالذين يعيشون في العواصم الغربية.. يجب أن تكون أكثر صراحة ضد الإسلاموفوبيا”.

وحول رد فعل الدول الغربية عقب الهجوم الإرهابي المزدوج، قال وزير الخارجية: “المجتمعات والشعوب والغرب أبدت كذلك تعاطفا واهتماما (حيال المجزرة)”.

وفي سياق حديثه عن تصاعد التطرف في الغرب، قال قريشي: “هناك عنصر يميني متطرف، ولسوء الحظ يزداد هذا الاتجاه تدريجيا الآن في الغرب. إنهم يلعبون على مشاعر مثل الخوف من الإسلام”.

– التوتر مع الهند

وعلى صعيد آخر، وصف “قريشي” التوتر الأخير الحاصل بين بلاده وجارتها الهند، بأنه “مؤسف”، مؤكدًا أن إسلام أباد “لا تريد التوتر أبدا، بل تريد نزع فتيل الأزمة”.

وتصاعدت مؤخرا حدة التوتر بين إسلام آباد ونيودلهي، بعد تفجير انتحاري في إقليم كشمير المتنازع عليه، أسفر عن مقتل 40 جنديا على الأقل من القوات شبه العسكرية الهندية، في 14 فبراير/ شباط الماضي.

وتابع قائلا: “باكستان تعرضت لهجوم، وقد تم تنفيذ عمل عدواني ضدنا، حيث تم انتهاك مجالنا الجوي، وتم الهجوم على سيادتنا وسلامة أراضينا، لذلك لم يكن لدى باكستان خيار سوى الرد دفاعا عن النفس”.

وأردف: “لقد أبلغنا الجانب الهندي أن لدينا بعض المشكلات، وقلنا دعونا نحاول حلها من خلال حوار مستمر ودون انقطاع”.

وأضاف: “ربما لم تكن الهند مستعدة لذلك”، معربا عن أمله أن يجلس البلدان إلى الطاولة، ويبحثا مثل هذه القضايا بعد الانتخابات المقبلة بالهند في أبريل/ نيسان ومايو/ أيار.

وأوضح “قريشي” أن باكستان تعاملت بطريقة “بناءة وجذابة وإيجابية”، فيما يتعلق بنزع فتيل التوتر مع الهند، وأضاف: “رغم تعرضنا لهجوم، أطلقنا فورا طيارهم (الهندي) في بادرة حسن نية وكبادرة للسلام”.

– الهند ومجزرة كرايست تشيرتش

وحول الموقف الهندي من مجزرة نيوزيلندا، قال قريشي: “لقد تعرض المسلمون للهجوم والقتل في نيوزيلندا، لماذا لم تشر الإدانة الهندية للهجوم إلى كلمة المسلمين؟”.

وأضاف: “لماذا تجاهلوا ذلك تماما؟ لقد قالوا أماكن العبادة، ألم تكن أماكن العبادة تلك هي المساجد؟”، وتساءل: “ما الضرر الذي يحدث في استخدام كلمة مسجد؟!”.

وقال: “أليس هناك آلاف المساجد في الهند”، وتابع مخاطبًا الهنود: “تدعون أن لديكم عددا كبيرا من المسلمين، وعلى هذا الأساس تريدون أن تكونوا جزءا من منظمة التعاون الإسلامي”.

واعتبر الوزير المواقف الهندية بهذا الشأن بأنها “معيار مزدوج”، مضيفا: “يجب على منظمة التعاون الإسلامي أن ترى ذلك بنفسها”.

– العلاقات مع تركيا

وفيما يتعلق بالعلاقات بين التركية الباكستانية، قال قريشي: “لقد كانت دائما جيدة. وإن شاء الله، ستبقى دائما على ما يرام. وشعب باكستان يقدر هذه العلاقة”.

وبيّن أن العلاقات لا تتمحور فقط على الحكومات والقادة، بل تتعلق أيضا بالشعبين، وقال: “الأتراك يبتسمون دائما عندما يلتقون بباكستاني. ويشعر الباكستانيون بدفء شديد تجاه الأتراك”.

وختم وزير الخارجية الباكستاني بالقول: “يجمعنا تاريخ مشترك، ولدينا مستقبل معا”.

.

المصدر/الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.