ما سر تعافي الليرة التركية السريع بعد أسوأ هبوط لها منذ 7 أشهر؟

ارتفعت الليرة التركية، خلال جلسة تعاملات اليوم الاثنين، بنحو 3.5 بالمئة أمام الدولار، لتعوض الجزء الأكبر من خسائرها التي تعرضت لها خلال تعاملات الجمعة.

وسجل سعر صرف الليرة التركية خلال تعاملات الاثنين 5.53 ليرات للدولار الواحد، مقابل نحو 5.85 ليرات للدولار الواحد في تعاملات الجمعة التي تعد الجلسة الأسوأ في التعاملات اليومية منذ أزمة العملة التركية في أغسطس آب الماضي بعد أن فقد نحو 5 بالمئة من قيمتها خلال تلك الجلسة.

وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، تعهد البنك المركزي التركي، في بيان له، باستمراره في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية وإدارة السيولة لدعم الاستقرار المالي في البلاد.

وأكد المركزي التركي أن التقلبات التي تطرأ على الاحتياطي النقدي، ناجمة عن العمليات المعتادة والدورية، وأنه لا يوجد موقف لا يمكن التنبؤ به، لافتا إلى أن مؤشرات الاقتصاد الكلي لتركيا، تشير إلى استمرار عملية التوازن مع تأثير خطوات السياسة المنسقة.

وقال البيان إن المركزي التركي يراقب عن كثب، التقلبات الملحوظة في الأسواق المالية والتذبذبات في أسعار الصرف.

وخلال لقاء تلفزيوني مع قناتي “TGRT Haber” و”Beyaz TV” المحليتين، أمس الأحد، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بعض المصارف تقف وراء تقلبات سعر الصرف في تركيا.

وأضاف الرئيس التركي: “هنالك بعض الإملاءات للتلاعب بسعر الصرف، وللأسف بعض المصارف تقف وراء ذلك، ونحن نعلم بذلك”، لافتا إلى أن “المصارف تشجع على سحب العملات الأجنبية من الأسواق التركية بهدف خفض قيمة الليرة التركية، ونحن لن نسمح بذلك”.

وأكد أردوغان أن حكومة بلاده ستضع حدا بعد الانتخابات المحلية نهاية مارس/ آذار الحالي، للمصارف التي تقف وراء تقلبات سعر الصرف.

وأوضح أن تركيا استقبلت في الربع الأول من 2019 ما قيمته 11 مليار دولار كتمويل من أسواق رأس المال العالمية، وهذا أمر لا يحصل في جميع البلدان، مستطردا: “هذا تطور مهم جدا والجهات المضاربة الممتعضة من هذا الأمر تحاول تضليل الأوساط المالية الدولية ومواطنينا”.

 

اقرأ أيضا: أردوغان متوعدا المضاربين على الليرة: “ستدفعون الثمن”

وفي تعليقه على تطورات الأوضاع في سوق الصرف التركي، أكد أستاذ الاقتصاد بأكاديمية العلاقات الدولية بإسطنبول، أحمد ذكر الله، أن “الأمر لا يتعدى كونه استخدام أداة اقتصادية في حرب سياسية”.

 

وقال ذكر الله، إن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل أوراق ضغط اقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية معينة على حساب الطرف التركي، عن طريق التلاعب بالليرة كما حدث العام الماضي عندما وصل سعر صرف الليرة التركية إلى 7 ليرات للدولار الواحد قبل أن تتراجع لتستقر فترة عند مستويات 5.30.

وأشار إلى أن تركيا تمر بعلاقات من التجاذب مع الإدارة الأمريكية على خلفية أكثر من قضية أبرزها تتعلق بصفقة صواريخ S400 الروسية، وبعض الخلافات داخل النطاق السوري أبرزها تتعلق بالملف الكردي.

وأوضح ذكر الله أن الولايات المتحدة استغلت الوضع السياسي الداخلي وقرب التصويت في الانتخابات المحلية التركية، واستخدمت بعض الصحف الأمريكية المشهورة لتمرير تقارير اقتصادية “مشبوهه” تحدثت عن ذعر بين الأتراك لتحويل ودائعهم بالليرة التركية إلى دولار.

 

وأضاف: “الواضح من تصريحات الرئيس أردوغان الأخيرة، أن هناك معلومات وصلت إلى الإدارة التركية تفيد بوجود دول وراء مثل هذه التقارير الاقتصادية المشبوهه للتلاعب بالأمن الاقتصادي والأمن القومي التركي، وبالتالي هو توعدهم بدفع الثمن غاليا، بعد الانتهاء من الانتخابات المحلية المقررة في نهاية الشهر الجاري”.

وحول الحساسية المفرطة لليرة التركية في مواجهة الصدمات السياسية أو الاقتصادية، قال ذكر الله: “هذه ليست حساسية مفرطة بقدر ما هو تلاعب بأسواق المال العالمية، بحجم كبير جدا من الأموال، يستخدمها المتربصون بالاقتصاد التركي لهز ثقة المستثمرين فيه”.

وتابع: “صحيح أن الاقتصاد التركي مدين بنسبة كبيرة، إلا أنه لا يمكن أن يحدث انخفاض بنسبة 5 بالمئة أو 10 بالمئة في يوم واحد إلا إذا كانت مؤشرات الاقتصاد ضعيفة للغاية وهذا غير صحيح في حالة الاقتصاد التركي”.

 

وأردف: “تركيا تدرك تماما أن الوصول إلى العشرة الكبار اقتصاديا لا بد أن يواجه بمزيد من الضغوط والعراقيل، وتدخلات دولية كبرى لا تريد أن تصبح تركيا من بين أكبر عشر اقتصاديات في العالم”.

 

وفي هذا الإطار توقع أستاذ الاقتصاد  ذكر الله أن “تواجه الليرة التركية بين الحين والآخر مثل هذه الأزمات خلال الفترة المقبلة”، مستطردا: “لكن الإدارة التركية عودتنا أن تراجع الليرة يكون مؤقت، وهذا لا يدل إلا على شيء واحد وهو أن الاقتصاد التركي يتمتع بمؤشرات قوية تمكنه من التغلب على التحديات التي تواجهه”.

ودلل على حديثه بأن التراجع التي شهدته الليرة التركية خلال جلسة تعاملات الجمعة الماضية، والتي فقدت خلال نحو 5 بالمئة من قيمتها، لم يروع أو يفزع المستثمرين الأتراك أو الأجانب، لأنهم، بحسب قوله، يدركون أن الاقتصاد التركي ليس بالضعف الذي تروجه بعض التقارير الإعلامية “المشبوهة”، ويعرفون أنه لا يوجد تفسير منطقي ولا اقتصادي لمثل هذه التراجعات الضخمة في يوم واحد، وهو ما حدث بالفعل مع التعافي السريع للعملة التركية اليوم الاثنين بعد أسوأ هبوط يومي على مدار الأشهر السبعة الماضية.

 

 

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.