رئيسة وزراء نيوزلندا: هكذا نوقف مجزرة كرايستشيرتش القادمة

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لرئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أردين، تحت عنوان “كيف نوقف الجريمة المقبلة لكرايستشيرتش؟”، تقول فيه إن وسائل التواصل الاجتماعي تحتاج إلى الإصلاح، مشيرة إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يكون قادرا على بث القتل الجماعي.

 

وتبدأ أردين مقالها بالقول: “في الساعة 1.40 من 15 آذار/ مارس دخل مسلح مسجدا في كرايستشيرتش، وقتل 41 شخصا وهم يصلون، وبعد ذلك قاد سيارته لمدة ست دقائق إلى مسجد آخر، الذي دخله في الساعة 1.51 دقيقة، وقتل سبعة من المصلين في ثلاث دقائق، وقتل ثلاثة آخرين متأثرين بجراحهم من الهجوم”.

 

وتعلق أردين في مقالها قائلة: “بالنسبة لنيوزيلندا فإن هذه جريمة غير مسبوقة، هزت بلدنا الصغير في يوم جمعة عادي، وكنت في طريقي لزيارة مدرسة جديدة، وكان الناس يحضرون لنهاية الأسبوع، فيما كان (كيوي) المسلمين يلبون نداء الصلاة، وقتل 55 رجلا وامرأة وطفلا في ذلك اليوم، وجرح 39 شخصا، مات أحدهم في المستشفى بعد أسابيع، ولن يتعافى البعض أبدا”.

 

وتردف رئيسة الوزراء قائلة: “كان هذا الهجوم جزءا من موجة مثيرة للرعب يبدو أنها تنتشر حول العالم، وتهدف لنشر (فظائعها) على الإنترنت”، مشيرة إلى أن كامل الحادث بثه الإرهابي على وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 16 دقيقة و55 ثانية، وشاهد اللقطات الأصلية 4 آلاف متابع قبل أن يتم حذفها، وتم نسخها خلال 24 ساعة، وتم تحميلها 1.5 مليون مرة قبل أن تحذف عن “فيسبوك”.

 

وتقول أردين: “كان مستوى هذا الفيديو المرعب مذهلا، وقال الكثير من الناس إنه تم بثه بشكل تلقائي على وسائل التواصل الاجتماعي على محركهم الآلي دونما معرفة بماهيته، وبعد هذا كله فكيف يسمح بتداول شيء شائن كهذا؟ أستخدم وأتحكم في وسائل التواصل الاجتماعي مثل أي شخص، وأعرف مدى تأثير هذا الفيديو لأنني شاهدته دون قصد”.

 

وترى رئيسة الوزراء أنه “من الممكن تحديد المدى الذي وصل إليه هذا الفعل الإرهابي على الإنترنت، لكننا لا نستطيع تحديد أثره، فما نعرفه أن الكثير من الذين شاهدوه في أول أسبوع من الحادث هنا في نيوزيلندا اتصلوا بخطوط الهاتف المتخصصة بالمساعدة النفسية”.

 

وتشير أردين إلى أن مهمتها بعد الحادث هي التأكد من سلامة المواطنين كلهم، ومساعدة المتضررين، مؤكدة أن العالم شارك نيوزيلندا حزنها، وكان الدعم العاطفي والحزن من أنحاء العالم كله كبيرا، “لكننا لا نريد الحزن بل نريد فعلا”.

 

وتلفت الكاتبة إلى إصدار البرلمان تشريعا يحرم استخدام السلاح العسكري الذي استخدمه الإرهابي، “مع أن السلاح الذي استخدمه في القتل لم يكن الوحيد الذي استخدمه القاتل، بل أيضا سائل التواصل الاجتماعي لنشر رؤية الكراهية التي يؤمن بها، وكان يريد نشر أفكاره ومعتقداته المثيرة للخوف، واختار وسائل التواصل الاجتماعي”.

 

وتدعو أردين إلى معالجة هذا الوضع، والتأكد من عدم وقوع حادث كهذا في مكان آخر، مشيرة إلى الاجتماع الذي ستقوده مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء المقبل في باريس، الذي لا يضم قادة فحسب، بل مديري شركات التكنولوجيا أيضا، و”ربما كانت لنا خلافاتنا، لكن لا أحد يريد استخدام المنابر الرقمية للإرهاب”.

 

وتعترف رئيسة الوزراء بأن “الهدف صعب، وهو إنهاء المحتوى الإرهابي كله وخطاب العنف على الإنترنت، ولن يحدث هذا إلا إذا كان هناك تعاون”، مشيرة إلى أن عددا من القادة يريدون الحضور، فيما استعدت شركات التكنولوجيا للتعاون، مؤكدة أن هذا الاجتماع “ليس من أجل تقييد الحرية، لكن من “أجل معرفة عمل هذه الشركات”.

 

وتقول أردين، إنها تستخدم “فيسبوك” و”إنستغرام” وأحيانا “تويتر”، و”لا أحد ينكر قوتها وأهميتها، فهي الوسائل ذاتها التي استخدمها تلاميذ المدارس الذين فقدوا زملاء لهم في الهجوم لتنظيم تجمعات في المتنزهات العامة في كرايستشيرتش، فوسائل التواصل الاجتماعي تربط الناس، ويجب التأكد من أن حرية التعبير مصانة، في الوقت الذي نقوم فيه بمنع استخدام المنابر الاجتماعية لإيذاء الآخرين، هذا الحق لا يشمل حق نشر جريمة جماعية”.

 

وتنوه الكاتبة إلى أن “نيوزيلندا ستقوم باتخاذ فعل باسم مدينة كرايستشيرتش لمنع نشر المحتويات الإرهابية على الإنترنت، والتأكد من حذف المواد الإرهابية على الإنترنت، ومنع بثها حية على المنابر الاجتماعية، والتأكد من استثمارات أخرى في التكنولوجيا لمعالجة هذه الموضوعات”.

 

وتقول أردين إن مدينة كرايستشيرش تدعو للبناء على ما تم إنجازه حول العالم وقامت به منظمات دولية، وتقترح هنا إطارا طوعيا يلتزم فيه الموقعون لمواجهة دوافع الإرهاب، واقتراح معايير لمنع تحميل المواد الإرهابية، محذرة من أن الهجوم الإرهابي الذي ضرب بلدها قد يحدث مرة أخرى، “إلا إذا تغيرنا”.

 

وتختم رئيسة الوزراء مقالها بالقول: “يمكن لنيوزيلندا أن تغير قوانين حيازة السلاح، ومحاربة العنصرية والتمييز، وهو ما يجب عمله، ويمكنها مراجعة الإجراءات الأمنية، كما فعلت، لكنها لا تستطيع منع انتشار محتويات العنف على الإنترنت بنفسها، ويجب التأكد من عدم حدوث أمر كهذا في نيوزيلندا أو أي بلد آخر”.

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.