خلال العيد .. ماذا فعلت تركيا بملايين المسلمين حول العالم؟

 ليس في تركيا مليارات من الدولارات، وليس في تركيا آبار للنفط أو الغاز، وليس في تركيا قوة تتحكم بأموال الدول أو الأفراد، ولكن في تركيا شعب عظيم استطاع أن يقوم بعمل واحد خلال عيد الأضحى المبارك، لا يمكن لعاقل إلا أن يصفه أنه عمل جبار عظيم.

خلال عيد الأضحى المبارك، وكأي عيد، يذهب كلّ منا ليمضي هذه الأيام المباركة مع الأهل والأصدقاء والأحباب، إلا أن فئة واسعة من الشباب في تركيا ليس هذا هو حالها، فئة آثرت على نفسها أن تختار طريقة أخرى لتمضية العيد وأيامه وساعاته.

بكل تأكيد هي طريقة تدل على نبل هذه الفئة ورفعة أخلاقها وقوة إيمانها وصفاء قلبها تجاه بقية أفراد الأمة، ونفس هذه الصفات العظيمة تنطبق على من دعم هذه الفئة وسهل عملها وشد عضدها وشجعها على السير في طريقها.

آلاف من شباب الشعب التركي، غادروا تركيا قبيل أول أيام عيد الأضحى المبارك، ومازالوا حتى اليوم خارج تركيا، بعيدين عن الأهل والأحباب والأصحاب، لم يغادروا لأجل سياحة أو تنزه أو ترفيه، بل غادروا لأجل شباب آخرين وأفراد آخرين من أبناء هذه الأمة، غادروا ليقدموا ما جاد به الشعب التركي في هذه الأيام المباركة.

آلاف الشباب من عشرات الجمعيات والمؤسسات الإغاثية الخيرية التركية، وعلى رأسها الهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة التركية، ووقف الديانة التركي، وجمعية حجر صدقة، وغيرها كثير كثير… شباب حملوا الأمانة الموكلة لهم وانتشروا في بقاع الأرض حمالين دعوة الهلال البيضاء التي توحد الأمة ولا تفرقها.

شباب حملوا أمانة الشعب التركي من ملايين الدولارات ومئات آلاف الأضاحي، التي رسمت البسمة والفرحة والبهجة على وجوه عشرات الملايين من المسلمين، الذين لو دفعت لهم زكاة المليارات والنفط والغاز لما كان حالهم اليوم حال فقر وحاجة ومعاناة.

حال دفع أولئك الشباب الأتراك، وبدون مليارات، ليقفوا بما يستطيعوا مع إخوانهم المسلمين، فرأينها ألفين و500 شاب من الهلال الأحمر التركي انتشروا في 51 دولة لمعايدة المسلمين وتوزيع لحوم الأضاحي عليهم، وخاصة في ألبانيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا والجبل الأسود وكوسوفو ومقدونيا ومولدوفا ورومانيا وصربيا واليونان، وبوركينا فاسو وجيبوتي وتشاد وإثيوبيا وكوت ديفوار وغامبيا وغينيا وجنوب السودان والكاميرون وكينيا وجزر القمر وموريتانيا وموزمبيق والنيجر ورواندا والسنغال والصومال والسودان وناميبيا وتنزانيا وأوغندا وزيمبابوي، بالإضافة إلى أفغانستان وبنغلاديش وإندونيسيا والفلبين وجورجيا وكمبوديا وكازاخستان وقرغيزيا ومنغوليا وباكستان وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا والأردن واليمن.

قوة الإيمان وحب الآخرين، أمران دفعا 6 آلاف و500 شاب متطوع من وقف الديانة التركي، لمشاركة فرحة العيد مع ملايين المسلمين في 149 دولة مختلفة، حيث وزعوا لحوم الأضاحي على أكثر من 20 مليون شخص، من غزة إلى كينيا، ومن الفلبين إلى هاييتي، وباكستان إلى غانا، ومن العراق إلى اليمن، فضلا عن تخصيص مئات آلاف الأضاحي للشمال السوري وحده.

وكذلك الحال عند شباب هيئة الإغاثة التركية التي شارك آلاف من شبابها المتطوع برسم الفرحة على وجوه ملايين المسلمين في أكثر من 130 دولة، من رواندا وبنغلادش إلى سوريا واليمن مرورا بالعراق، ومن توغو ومورو إلى سيراليون مرورا بكولومبيا وغزة.

والحال نفسه في العمة الكبيرة لدى شباب جمعية حجر صدقة، التي انتشر شبابها في 35 دولة مختلفة لمشاركة فرحة العيد مع مئات آلاف المسلمين وتوزيع لحوم الأضاحي عليهم.

والحال يستمر بالصورة نفسها لدى مئات الجمعيات الإغاثية الخيرية التركية خلال مثل هذه المناسبات.

الأضحية عبادة، وعندما تتم مشاركة عبادة كهذه مع الآخرين، تتحول إلى دعم إنساني وثقافة للسخاء والكرم والأخوة والتعاضد، وإننا لنشعر بفخر كبير بما تقوم به تركيا تجاه المستضعفين في الأرض من المسلمين، الذين يئنون تحت وطأة الجوع تارة، وتحت وطأة الحرب تارة أخرى، وتحت وطأة النسيان في بلادهم البعيد تارة ثالثة… إلى أن تركيا عبر جمعياتها ومؤسساتها ورغم افتقارها للمليارات الضخمة، تشارك فرحة العيد مع جزء هام من جسد الأمة، تشارك فرحة العيد ولو ببسمة.

فجزى الله تعالى عنا أولئك الشباب الأبطال المرابطون على ثغور الأخوة والمحبة والوحدة وثغر أنه “لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى”، وجزى الله تعالى من ساند الشباب في طريقهم هذا… الطريق الذي يحبه الله ورسوله والمؤمنون حقا.

ويكفي تركيا عند الله ثم عند أهل الإيمان وأهل الصدق واليقين، أن يرفع فقير في بنغلادش يداه للسماء داعيا لها بالحفظ والبركة والخير… ويكفي الشعب التركي عند الله ثم عند أهل الإيمان وأهل الصدق واليقين أن تحبه امرأة فقيرة في أقصى أفريقيا فتدعو له.

فخلال العيد، أمر بسيط فعلته تركيا بملايين المسلمين حول العالم… رسمت الفرحة على وجوههم فابتهجت قلوبهم.

وعند الله يوم القيامة، يفوز من سار بطريق كطريق أولئك الشباب ولو بالقليل، ويخسر من شاتمهم وانتقص من طريقهم ولو كانت جيوبه وحسابته المصرفية ممتلئة بالمليارات… فشكرا تركيا أنك مازلت تتمتعين بجزء كبير من إنسانية فقدها كثيرون ممن ينسبون أنفسهم لأمة سيدها هو سيد الروح الإنسانية محمد عليه الصلاة والسلام.

.

 بواسطة/ حمزة تكين

2 تعليقات
  1. منى يقول

    جزاهم الله خيرا كل هؤلاء الشباب الذين فهموا معنى العيد وعنلوا خيرا تجاوز حدود دولتهم العلية .

  2. رمضان حمر يقول

    بارك الله جهود الشباب الأتراك في هذا العمل النبيل وانشالله في ميزان حسناتهم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.