غرة 2020 “غوْغاء” والأيام المواتية حبلَى بـ” الضَّيم”

دخلت السنة الميلادية الجديد 2020، يومها الخامس باستهداف السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وإحدى أكبر القواعدة الجوية في الموصل شمالي العراق، وهذه الاستهدافات تُرجمت بأنها طلِيعة الرد الإيراني على اغتيال أميركا قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني فجر أمس الجمعة قرب مطار بغداد بالعراق.

وخلال الـ 72 ساعة الماضية من 2020، وقعت أحداث على الساحة الدولية والعربية من شأنها أن تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط لـ”أسوء”.

ومنذ عشية “السنة الميلادية 2020” اشتدت التطورات في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد الخطوات التركية المتسارعة لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وذلك بطلب من حكومة الوفاق الليبية في “طرابلس”، ولكن هذه الخطوات قابلها تحالف “خليجي مصري” من “الإمارات والسعودية والبحرين ومصر” يساندهم في ذلك فرنسا وإسرائيل.

ورغم مهاجمة الجامعة العربية والتهديدات العربية للحكومة التركية، إلا أن تركيا واصلت قرارها بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وذلك تطبيقًا لاتفاقيتها مع ليبيا التي وقعت نهاية 2019.

وإلى جانب حماية “طرابلس” كما تقول الحكومة التركية، فإن هدفها الأول هو تأمين حصتها من غاز الشرق الأوسط الذي يعد حاليًا مصدرًا مقبولًا للطاقة، وبالإضافة إلى ذلك فإن تركيا لا تريد تحييد شواطئها أمام التحالف الخليجي العربي.

فمنذ العام 1969، وإعلان مصر عن اكتشافها لحقل النفط قبالة سواحها، انطلقت دول عدة مُطلة على البحر المتوسط للتنقيب عن الغاز، فكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي الثانية بعد مصر بإعلانها عن اكتشافها للطاقة البديلة قبالة شواطئ مدينة “حيفا” المحتلة.

كما أن نشر هيئة المسح الجيولوجي الأميركي احتمالاتها بوجود 122 تريليون من الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، أشعل فتيل الأحداث السياسة لرسم قواعد اللعبة الجديدة، وهذا ما يدلل أن ملف الغاز في المتوسط يحمل في طياته الكثير من الأحداث المقبلة خلال العام الجاري، لاسيما مع إصرار تركيا على قرارها الأخير والتخبط “الخليجي العربي” من أجل المصالح الشخصية.

وفي ظل هذه التحذيرات والتهديدات، خرجت “إسرائيل” للتوقيع في اليوم الثاني من العام 2020، على مشروع خط أنابيب الغاز “إيست ميد شرق البحر المتوسط” مع اليونان وقبرص اليونانية، لمد الغاز  إلى أوروبا.

وخلال مراسم توقيع الاتفاقية، قال نتنياهو إن مشروع “إيست ميد”ليس تهديدًا لأحد”، وإسرائيل” الآن تشهد يوميًا تاريخيًا، إلا أن هذه الاتفاقية وتصريحات “نتنياهو” فهمت بشكل مختلف لدى الحكومة التركية التي خرجت “قبل انتهاء مراسم التوقيع” في مؤتمر صحافي على لسان المتحدث باسم الخارجية التركية لتجدد تأكيدها بأن كافة المحاولات التي تجري شرق المتوسط والهادفة لإقصاء تركيا لن تصمد كثيرًا في المستقبل كما في الماضي.

واستمرت 2020 بأحداثها، حتى أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرارًا باستهداف قائد الحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” أمس الجمعة ثالث أيام السنة الجديدة.

وتبعات هذا القرار ما زالت معقدة وتتكشف تدريجيًا، لاسيما مع التهديدات الإيرانية المتواصلة لأميركا ودولة الاحتلال، والتي ترجمت بالجدية بعد استهداف السفارة والقاعدة في العراق.

ويبدو أن إيران ما زالت في صدمة، فالقرار الأميركي لم يكن ضمن التوقعات، وأدخلها في حالة “توهان” سياسي،  والاستمرار في إطلاق التهديدات، وهذا ما يؤكد أن اللواء “سليماني” كان أحد رجال طهران الفاعلين في الأراضي السورية العراقية وربما اللبنانية.

ومما لا يدع مجالًا للشك، فإن إيران خسرت باغتيال “سليماني”، ولكن ليست وحدها، فالخاسرين بجانبها أكثر من الرابحين، والأيام المقبلة ستحمل المزيد والمزيد من هذه الأحداث الدولية المتسارعة.

المصدر| عبدالله المنسي – إسطنبول.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.