هكذا يتعامل نظام السيسي مع دعوات التعاون مع تركيا

تباينت ردود الفعل المصرية حول دعوة مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، للنظام المصري، بأهمية التعاون بين الدولتين، خاصة في منطقة شرق المتوسط، وتشكيل تحالف ثلاثي يضم مصر وتركيا وليبيا، خاصة أن الانفصال بين البلدين يخلق العديد من الفرص للآخرين، ويتسبب في خسائر فادحة للدولتين والعالم الإسلامي كله.

ورغم أن نظام الانقلاب العسكري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، لم يعلق رسميا على دعوة أقطاي، إلا أن إعلاميين مقربين منه وضعوا شروطا من أجل قبول مصر لإعادة العلاقات مع تركيا، حيث طالب الإعلامي محمد الباز، في برنامجه اليومي بقناة المحور، تسليم قيادات الإخوان المسلمين المتواجدين في تركيا، وتقديم اعتذار رسمي للنظام المصري، كشرط أساسي قبل الدخول في أي علاقات.

 

ولم يختلف موقف الإعلامي نشأت الديهي في قناة “TEN”، حيث طالب بتسليم الإعلاميين المعارضين للسيسي، ووصفهم بالخونة والمرتزقة، وتساءل قائلا: “هتروحوا فين لو مصر تصالحت مع تركيا”.

 

في المقابل، دعا القيادي السابق في الإخوان المسلمين، عضو البرلمان السابق، محيي عيسي، بالتعامل الإيجابي مع دعوة أقطاي، واعتبرها فرصة لإنهاء الأزمة التي تعيشها مصر منذ عدة سنوات.

 

وقال عيسى، في صفحته على فيسبوك، إن المعارضة المصرية في الخارج فشلت في تقديم حلول الأزمة السياسية، وأصبح بمصر آلاف المعتقلين المهددين بالموت بسبب البرد والجوع، وبالتالي يمكن الاعتماد على تدخل لبعض الدول بعينها لحلحلة قضية المعتقلين، ووضع الإخوان المسلمين، معتبرا أن تركيا وقطر يمكنهما القيام بهذا الدور.

 

 

وحسب القيادي الإخواني السابق: ” تركيا لها مصالح اقتصادية مع مصر، ولمصر مصالح كبيرة مع تركيا، ويمكن لتركيا، من خلال الحوار مع النظام المصري، أن تعرف ماذا يريد، وكيف يمكن التعايش بين النظام والإخوان داخل مصر”.

وخاطب عيسي النظام المصري قائلا: “على النظام أن يعلم أنه يستحيل دوام الأمور على هذا الوضع المخزي، فليقل لنا ماذا يريد لحل هذه الأزمة.. ما يهمني الآن هو إنقاذ الآلاف من غياهب السجون، ورد المهجرين إلى ديارهم”.

 

رفض مصري

 

ووصف رئيس حزب الأصالة المصري، إيهاب شيحة، دعوة أقطاي بالإيجابية، ولكنه اشترط في المقابل أن يكون بمصر من ينظر إلى مصالح الوطن، وليس من يعمل ضد مصالح الوطن والمواطنين.

 

ويضيف شيحة قائلا: “لو هناك إرادة، وإدارة تعمل لصالح الوطن، لم تكن تتأخر عن تلبية هذه الدعوة على الإطلاق، بل إن الأصل أن يكون ذلك هو الهدف الأساسي لأي حكومة وطنية، وأن يكون ذلك هو الإطار الحاكم لعلاقاتها في المنطقة، للحفاظ على ثرواتها وسيادتها في منطقة شرق المتوسط، بغض النظر عن التوترات السياسية بينها وبين تركيا”.

 

ويؤكد شيحة أن سلطة الانقلاب العسكري بمصر لن تعير مثل هذه الدعوات انتباها، بل قد تهاجمها، لأنها لا تحقق المصلحة الشخصية لنظام السيسي، حتى لو كانت في المقابل تمثل المصلحة العليا للوطن.

 

ويشير رئيس حزب الأصالة المعارض، إلى أن ممارسات نظام السيسي منذ انقلابه العسكري، في تموز/ يوليو 2013، تناقض جميعها المصلحة الوطنية لمصر، سواء في سيادتها واستقلال قرارها، أو ما يتعلق باستغلال ثرواتها، ما جعل أجندة السيسي في إدارة مصر غير وطنية، ولا تعمل لصالح الأمن القومي.

 

ويدلل شيحة على رأيه بالاتفاقيات المثيرة للجدل التي وقعها السيسي منذ الانقلاب، والتي من بينها التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية، وتوقيعه للاتفاق الإطاري المتعلق بسد النهضة، الذي ضيع الحق المصري في مياه النيل لصالح إثيوبيا، وأخيرا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي حولت مصر من دولة مصدرة للغاز الطبيعي للأردن وإسرائيل، إلى دولة مستوردة للغاز من إسرائيل.

 

ويؤكد شيحة أن النظام المصري رد على الدعوات التركية بطريقته المعتادة، باقتحام مكتب وكالة الأناضول التركية بالقاهرة، واعتقل عددا من الصحفيين العاملين بالمكتب، من بينهم مصريون وأتراك، وكأنه يعلن رفضه للدعوة، ولكن بشكل إجرائي وقمعي.

 

مصالح محدودة

 

وحسب رئيس المكتب الإعلامي بالمجلس الثوري المصري، محمد صلاح حسين، فإن تصريحات أقطاي لا تعني بالضرورة وجود ضوء أخضر من الرئاسة التركية، خاصة في ظل الموقف التركي العام والمعروف من الانقلابات العسكرية، وكيف تحوّل الانقلابات الدول لمجرد تابع للقوى العظمى، كما أن إعادة بناء العلاقات الثنائية بين الجانبين سوف تتطلب من تركيا تقديم تنازلات للجانب المصري، وجميعها مرتبطة بالمصريين المعارضين المقيمين بأراضيها، وهي أمور تخالف البنية الأخلاقية التي يسير عليها النظام التركي.

 

وتوقع حسين،  ألا تتعدى الخطوة التركية العلاقات الاقتصادية المحدودة، التي تخدم مصالح مصر كدولة وشعب، وليس كنظام، وتخلق نوعا من التوازن في شرق المتوسط ضد مطامع قبرص واليونان وإسرائيل في حقول الغاز الطبيعي.

 

ووفق السياسي المصري، فإن تصريحات “أقطاي” لا تخرج عن كونها علاقات بين الشعبين، ومصالح تصادية يدعمها البعد التاريخي للعلاقة بين الدولتين، أكثر من كونها علاقات بين نظم سياسية متنافرة، من حيث المبدأ، وأسلوب التعاطي مع المصالح والمشاكل الإقليمية المشتركة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.