أين سيتجه الوضع بإدلب؟

تطرح الهجمات التي نفذها النظام السوري المسنود روسيا على أطراف إدلب، ضد القوات التركية، والتي أوقعت حتى الآن 14 شهيداً وعشرات الإصابات تساؤلات، بشأن السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين الطرفين التركي والروسي- الذي يشرف على حركة قوات النظام.

ورجح باحثون ومحللون سياسيون سيناريو الشد والجذب بين الطرفين، للحفاظ على الواقع الموجود حاليا، في حين استبعدوا مسألة المواجهة المباشرة بين القوتين الكبيرتين في المنطقة، وتطويق ما يدفع بانزلاق الأمور في ذلك الاتجاه.

وعلى الرغم من ذلك جاءت تهديدات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، صريحة بشأن ضرورة عودة قوات النظام السوري، التي تقدمت خلال الأيام الماضية بغطاء جوي روسي عنيف، وباتت على مقربة من إدلب، وهدد فيها أردوغان بتجاوز الرد على الأسد لحدود سوتشي إذا تعرض للقوات التركية.

وأكد أردوغان في كلمة أمام نواب حزبه، العدالة والتنمية، في البرلمان التركي، أن طيران النظام لن يحلق بحرية بعد الآن في أجواء إدلب.

وتكشف تهديدات أردوغان للنظام، وحديثه عن المجازر التي ارتكبت بدعم روسي والمليشيات الإيرانية، في إدلب مدى التوتر بين أنقرة وموسكو في هذا الملف.

الكاتب والباحث سعد وفائي، قال: إن ما جرى منذ سنوات وحتى الآن بين تركيا وروسيا، كانت محاولات تكتيكية للتفاهم، ولم تصل إلى اتفاق استراتيجي، وأكبر المدلولات، عدم تشغيل منظومة أس400 حتى اللحظة، وكانت بمثابة مؤشر مهم على استراتيجية العلاقة.

 

وأوضح وفائي لـ”عربي21″، أن محاولات بناء الثقة بين الجانبين، اصطدمت على أرض الواقع، بمصالح غير متفقة، فمن جانب تريد روسيا ترسيخ سلطة بشار الأسد قبل العام 2024، بينما تركيا لديها مصالح مختلفة تماما، وتريد تثبيت الأمن القومي في المنطقة، وهو ما يخدم مصالح الثورة السورية بالمحصلة، بعيدا عن تغول النظام.

ورأى أن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد والاحتدام، لكن “بيضة القبان” فيها، ستكون الولايات المتحدة، و”تدخلها، خاصة أن هنالك مؤشرات عبر تصريحات داعمة لتركيا، سيدفع المنطقة باتجاه الهدوء على الأرض، لكن الحدة في المقابل على طاولة المفاوضات”.

ولفت وفائي إلى أن أحد السيناريوهات “استمرار الروس بتحريض النظام على ضرب تركيا، وهو ما يعني استمرار دوامة العمل العسكري والشد والجذب، لحين انتهاء شرعية الأسد وعدم قدرته على السيطرة على كافة الأراضي، وهو ما لا تريده موسكو، ويضعها في مأزق”.

واعتبر أن الاحتكاكات، ستبقى في مدى محدود، لكنه شدد على أن “الضربات التي وجهها النظام خلال الأيام الماضية، كانت بقدرات روسية، وليس بقدراته المتهالكة عبر سنوات الثورة، فجيش النظام حتى في ذروة قوته إبان حكم حافظ الأسد، يخشى القوة التركية، وأرغم على توقيع اتفاق أضنة في الثمانينيات، وهو يعلم حجم خسارته في حال وجهت له أنقرة ضربة عسكرية”.

وشدد وفائي على أن معركة إدلب، “معقدة بصورة كبيرة، لأن المصالح الدولية متداخلة فيها بصورة عجيبة، وكل طرف يدفع باتجاه ما يحقق له أهدافه لذلك هناك تحركات أمريكية بين أنقرة وبرلين، لتحديد اتجاه الدعم في ملف إدلب”.

 

من جانبه قال الباحث في مركز عمران للدراسات المحلل السياسي معن طلاّع: إن التحرك التركي في إدلب، “مختلف هذه المرة، في العلاقة مع الروس لأنه يعتمد على القوة العسكرية على الأرض، لكنه دون رغبة بالاحتكاك بالروس”.

وقال طلاع : “إدلب تعد نقطة دفاع متقدمة عن الأمن القومي التركي، وبالتالي لا بد من تحرك يخدم هذا الهدف، وحركة الأرتال التركية الداخلة لسوريا تقول إن الأمور ذاهبة إلى اتجاهين”.

وتابع: “أولا إبقاء تركيا الزخم العسكري لقواتها داخل سوريا، لكن لن نقول حربا نظامية مع قوات الأسد، بل تبقى في إطار مناوشات للتأثير على طاولة المفاوضات ووقف نزيف الخسائر على الأرض”.

وأضاف طلاع: “ثانيا، تحويل من تبقى من المناطق في الشمال، عبر القوة العسكرية إلى مناطق آمنة، تمنع نزوح السكان، واستمرار العمليات العسكرية فيها، بما يؤثر على المصالح التركية”.

ولفت إلى أن قواعد الاشتباك بين الجانبين التركي والروسي، “لا تزال تحترم، وهناك استبعاد لانزلاق الأحداث نحو تطور عسكري مباشر بين الجيشين”. لكنه في الوقت ذاته شدد على أن هذا مرهون “بعدم ارتكاب النظام السوري مستوى خطيرا من التصعيد ضد تركيا”.

وأكد طلاع أن أوراق القوة التركية، وهي “الظهير الأمريكي وحلف الناتو، تعزز تحرك أنقرة العسكري داخل سوريا، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات، وبدأنا نشهد تصريحات للناتو بشكل إيجابي تجاه تحركها وهناك تحركات أمريكية في هذا الإطار وتأييد”.

ورأى أن كثافة التواجد التركي بسوريا اليوم، ستفرض تثبيت الانهيار الذي حصل خلال الفترة الماضية، وربما العودة إلى مرحلة سابقة وتحويل المنطقة إلى أكثر أمنا من العمليات العسكرية والقصف.

 

.

المصدر/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.