من الذي يدعمه ترامب في سوريا.. بوتين أم أردوغان؟!

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لكل من لارا جيك ومايكل كراولي، يقولان فيه إن الرئيس دونالد ترامب واقع في سوريا وليبيا بين حربين ورجلين قويين.

 

ويشير التقرير، إلى أن الرئيس تجنب مواجهة كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، وهما قائدان قويان أجنبيان يتصادمان في الحروب الأهلية في ليبيا وسوريا.

 

ويستدرك الكاتبان بأن ترامب قد يجبر على تحديد موقفه بعد غارة يوم الخميس، التي قتل فيها عدد من الجنود الأتراك، فأردوغان وبوتين هما حليفان بالاسم، لكنهما قام بنشر قوات ودعم عسكري آخر في حربين دمويتين كانتا سببا في معاناة إنسانية كبيرة، بشكل هدد بتفكيك الاستقرار الهش في الشرق الأوسط، وربما فتح الباب أمام وصول مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا.

 

وتلفت الصحيفة إلى أنه رغم الدعوات الدولية المتزايدة لأمريكا بأداء دور فاعل في الحربين، إلا أن ترامب التزم بالصمت ووقف متفرجا، وهو قرار يتناسب مع تعهده بإنهاء “الحروب اللانهائية” التي تورطت أمريكا فيها خلال العقدين الماضيين.

 

ويستدرك التقرير بأن مسؤولي الخارجية عبروا عن موقف واضح، وهو اتهام روسيا بإثارة المشكلات، خاصة في سوريا، مشيرا إلى أن المسؤولين الأتراك يعرفون أنه ينظر إلى بلدهم في الكونغرس وداخل حلف الناتو بنوع من عدم الثقة، لكنهم يحاولون استخدام النزاعين لدفع الولايات المتحدة للتخلي عن عام من الدبلوماسية المتوترة، والعمل معا ضد العدو المشترك: موسكو.

 

وينوه الكاتبان إلى أن المعلومات حول الهجوم لا تزال غير واضحة، ومن غير المعلوم إن كان الروس هم الذين نفذوا الغارة أم الطيران التابع لنظام بشار الأسد على مدينة إدلب، التي تحولت الآن إلى مركز الأزمة السورية.

 

وتفيد الصحيفة بأنه مهما كان الأمر، فإن الأمريكيين والأتراك يؤكدون الوحدة العضوية للقوات الروسية مع قوات الحكومة السورية، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، حمل في يوم الثلاثاء روسيا مسؤولية عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى إدلب، وقال إن الرئيس الأسد “بدأ عدوانا جديدا هناك بدعم من موسكو وطهران”، ودعا السيناتور ليندزي غراهام، عن ولاية ساوث كارولينا والحليف لترامب، إلى إنشاء منطقة حظر جوي فوق إدلب؛ “لإنقاذ آلاف الرجال والنساء والأطفال الأبرياء من موت فظيع”.

 

ويشير التقرير إلى أن الخبراء يرون أن مشاعر ترامب موزعة بين موسكو وأنقرة، لافتا إلى أن قول جيفري إدموندز، الذي تعامل مع الشأن الروسي في مجلس الأمن القومي في عهد ترامب وباراك أوباما: “هناك بالتأكيد توتر”، فيميل ترامب إلى الرئيسين، و”هو داعم لروسيا في معظم الأوقات، لدرجة أن بوتين وضعه في مكان غريب بما يتعلق بتركيا”.

 

ويلفت الكاتبان إلى أن ترامب قلل في الأسبوع الماضي من شأن الأدلة التي تحدثت عن محاولة الروس التأثير على انتخابات عام 2016 التي فاز بها، وقال: “روسيا، روسيا، روسيا كلام تافه”، وناقش بعد دقائق مكالمة هاتفية أجراها مع أردوغان في وقت سابق “حول إدلب”، وقال: “نعمل معا لرؤية ما يمكننا القيام به”.

 

وتذكر الصحيفة أن الدبلوماسيين ينتظرون تحرك أردوغان، الذي طلب مساعدة الناتو بناء على بند الدفاع المشترك، مشيرة إلى أن الرئيس التركي سبب حالة إحباط للناتو والولايات المتحدة تحديدا عندما قرر، ومن طرف واحد، شراء نظام دفاعي روسي، بشكل عرض تركيا للعقوبات.

 

وينقل التقرير عن السفير الأمريكي لدى حلف الناتو ري بيلي هاتشسون، قوله، يوم الخميس، إن الحلف لم يناقش المبدأ الرئيس الذي يقول إن الاعتداء على عضو يعد اعتداء على الجميع، وإن كان ذلك ينطبق على تركيا.

 

ويقول الكاتبان إن ترامب لم يستخدم الأدوات غير العسكرية المتوفرة لديه ليؤثر على مسار الأحداث في كل من سوريا وليبيا.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي فولكان بوزكر، قوله في هذا الشهر، إن بلاده تعرف أنها تواجه “لحظة حرجة في علاقاتها مع الولايات المتحدة”، وأشار تحديدا إلى النزاع في سوريا وليبيا، حيث تحتاج تركيا والولايات المتحدة للتعاون، وأضاف بوزكر في تصريحات في واشنطن يوم 12 شباط/ فبراير: “يجب أن تكون الولايات المتحدة قوية، ويجب أن تكون تركيا قوية لتجاوز هذه الأحداث”.

 

وينوه التقرير إلى أن روسيا تدافع عما تقول إنها عملية للنظام السوري ضد الإرهابيين، وتقول إن الأسد لا يمكن إقناعه بحماية المدنيين الذين وجدوا أنفسهم عالقين في المعارك، إلا أن بوزكر يقول “في الواقع في سوريا، فإن النظام العسكري كله توفره روسيا.. هم يقدمون كل شيء، ومن الواضح أن هناك استخداما للطائرات والصواريخ والقنابل، ولا يمكن عمل أي من هذا دون معرفة من الروس”.

 

ويفيد الكاتبان بأن روسيا تساعد نظام الأسد في حملة السيطرة على إدلب، وأدت هذه الحملة الوحشية إلى تشريد 900 ألف شخص، وقادت إلى أكبر كارثة إنسانية تشهدها الحرب الأهلية في سوريا منذ 9 أعوام، فقتل حوالي 100 شخص هذا الشهر جراء القصف الروسي أو الحكومة السورية.

 

وتقول الصحيفة إن الأسد يبدو مصمما على استعادة إدلب، وقد تجاهل تهديدات أردوغان الانسحاب، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الأمريكيين دعوا تركيا وروسيا لتجنب التصعيد في كل من ليبيا وسوريا، والالتزام بوقف إطلاق النار المتفق عليه للتوصل إلى تسوية سلمية.

 

وينقل التقرير عن مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي روبرت سي أوبراين، قوله هذا الشهر في كلمة أمام المجلس الأطلسي: “لا أعتقد أن أحدا في هذا البلد مستعد لإرسال الفرقة الجوية المحمولة 82 إلى وضع فوضوي من أجل حل المشكلة التي لم نخلقها في سوريا”.

 

ويشير الكاتبان إلى أن تركيا حاولت خلال الأشهر الماضية منع موجة جديدة من اللاجئين إلى أراضيها، وأقامت نقاط رقابة، ودفعت بقوات جديدة إلى إدلب، لافتين إلى قول مسؤول بارز في إدارة ترامب، إن روسيا هي الطرف الوحيد القادر على إقناع الأسد بالتوقف في إدلب وفي حلب، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا وتنظيم الدولة، جيمس جيفري، قوله إن روسيا إما عاجزة عن السيطرة على الأسد، أو أنها اختارت عدم التدخل، ومهما كان الحال فإن جيفري قال للصحافيين يوم 5 شباط/ فبراير: “روسيا ليست متعاونة”.

 

ويلفت التقرير إلى أن تركيا وروسيا اتخذتا الموقف المضاد في ليبيا، فيحاول خليفة حفتر مواجهة الحكومة المعترف بها دوليا، ووقفت روسيا مع حفتر، حامل الجنسية الأمريكية والليبية، والرصيد السابق لـ”سي آي إيه” المتهم بالتعذيب، مشيرا إلى أن حفتر يحظى بدعم من مصر والسعودية والإمارات، وكلها دول حليفة لأمريكا.

 

ويقول الكاتبان إن الإمارات تعد أكبر مزود لحفتر من السلاح والمقاتلات، لكن روسيا نشرت حوالي 1400 من المرتزقة التابعين لشركة “واغنر” للتعهدات الأمنية لمساعدة قوات حفتر، لافتين إلى أن موسكو دعمت جهوده لإنشاء حكومة منافسة في الشرق، من خلال طباعة أوراق عملة ليبية له.

 

وتذكر الصحيفة أن دبلوماسيا أمريكيا بارزا تحدث في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ عن سوريا وليبيا، وحمل الحملات الروسية الخارجية مسؤولية التصعيد في البلدين.

 

وتختم “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى قول مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية، كريستوفر روبنسون، إن الدعم الروسي للأسد أدى إلى إشعال نزاع تسبب بسقوط مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء، وأجبر الملايين على الفرار، و”تتعرض ليبيا لخطر تحولها إلى مكان جديد لجهود روسيا الخبيثة، واستغلال نزاع دولي من أجل مكاسب سياسية واقتصادية ضيقة”.

 

 

.

بواسطة/ لارا جيك ومايكل كراولي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.