رعاية المسنين بأزمة كورونا..غائبة أوروبياَ وحاضرة تركياَ

“اطمئنوا، فيروس كورونا يصيب كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة”..
عبارة لطالما رددتها وسائل الإعلام في كل دولة تقريبا، لِبَثّ الطمأنينة في قلوب المجتمعات، دون اكتراث لوقعها وآثارها الوخيمة في نفوس المسنين.
هؤلاء المسنين تحدثهم أنفسهم، إثر ذلك، بأنهم قضوا نهاية خدمتهم في الحياة، فلم تعد تُرجى منهم فائدة، وصاروا عالة على مجتمع ينتظر متى يلفظون آخر أنفاسهم، إنه موتٌ قبل الموت.

من المؤسف أن يكون المسنون على هامش الحلول المطروحة أو خارجها، حتى لدى الحديث عن تطبيق نظرية “مناعة القطيع” لاكتساب المجتمع مناعة من الفيروس من خلال الاختلاط والعدوى، لم يكن ثمة مجال لأخلاقيات النظر إلى المنتمين لتلك الشريحة الذين سيصبح هلاكهم محققا حينذاك.

لكن تركيا كان لها في القضية رأي آخر، ومسلك مختلف، فكبار السن بهذا البلد يدركون أن تمسك الشعب التركي قيادة وشعبا بالتقاليد الأصيلة يكفل لهم أن يوضعوا على الرأس والعين في الرخاء والشدة، ورعايتهم في ظل الظرف الراهن ستكون بشكل أقوى.

عندما اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن بعد، مع بلديات حزب العدالة والتنمية في الولايات، نبه على ضرورة العمل على ضمان تلبية احتياجات المواطنين وخاصة كبار السن، ولم تكن توصيات دعائية، بل ترجمت على أرض الواقع.

“نحن لا نتفق مع سياسات أوروبا في التعاطي مع العجزة فهم سعادتنا في الدنيا والآخرة”.. تلك هي الكلمات التي جسّد بها أردوغان السياسة التركية المغايرة لدول الغرب في التعامل مع كبار السن في ظل هذه الأزمة.
ومن ثم، أمرت القيادة بتطبيق برنامج عناية خاصة بكبار السن ممن يسكنون وحدهم وتتجاوز أعمارهم 80 عاما، وتوزيع الكولونيا والكمامات مجانا على الذين يتجاوزون الـ 65 عاما.
ولاحقا، أعلن رئيس دائرة الاتصال لدى الرئاسة فخر الدين ألطون، توزيع كمامات طبية بتعليمات الرئيس لمن تتراوح أعمارهم بين 20-65 عاما، بناء على فرض حظر تجوال لمن هم أقل من 20 عاما وأكثر من 65 عاما حفاظا على صحتهم.

وظهرت عناية الدولة بكبار السن من خلال القائمة التي أعدتها وزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية، والتي تضمنت 19 توجيهًا لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، تشرح كيفية الوقاية من فيروس كورونا.
وتمحورت المعلومات حول أهمية النظافة الشخصية، والإجراءات الصحية الوقائية في المنزل وطرق الوصول إلى الخدمات العامة دون مغادرة المنزل، وكيفية التواصل مع المؤسسات الحكومية وتلقي الخدمات العامة عبر بوابة الحكومة الالكترونية والمنصات الرقمية الرسمية الأخرى دون الحاجة لمغادرة المنزل، إضافة إلى إمكانية استلام الرواتب التقاعدية في المنزل.
وفور قيام وزارة الداخلية التركية بفرض قيود على كبار السن بعدم الخروج من المنازل في إطار مكافحة الفيروس، وظفت الداخلية فرقا خاصة إلى جانب عناصر الشرطة والدرك، لتأمين احتياجات الخاضعين لهذه التدابير.
وأعلنت الحكومة تبكير موعد تقديم منحة العيد لكبار السن، كما قامت ولاية إسطنبول بإطلاق حملة لتقديم طرود مساعدات لهم تحتوي على مواد غذائية ومنظفات ومعقمات، يتم تسليم طرد لكل أسرة أسبوعيا.

ولعل من أبرز اهتمام القيادة بكبار السن، أن الرئيس التركي بعث برسالة خاصة إلى المواطنين الأتراك ممن هم فوق الـ 65 عامًا، يطمئنهم خلالها بأن تركيا تمتلك جيشا ضخما مكونا من مئات الآلاف من الكوادر الطبية لمكافحة الوباء.

“اطمئنوا، لن يتغلب فيروس كورونا على تركيا”.. بتلك العبارة بث الرئيس الثقة والطمأنينة في نفوس المسنين الذين يرون أنهم أكثر الناس عرضة لأن يفتك بهم المرض.

ما لا يفهمه الذين يجهلون هذه اللغة الأخلاقية، أن التعامل في هذه الأزمة مع كبار السن على هذا النحو من الاهتمام، لن يمر هكذا على أعين الشباب وصغار السن مرورا عابرا، بل هي رسالة طمأنة لهم بأن دولتهم ستحوطهم بالرعاية أينما كانوا، وفي أي سن كانوا.

خطوة تعمق من الانتماء وتعزيز الروح الوطنية لدى هؤلاء وهم يرون أن وطنهم يُعلي من شأن الجانب الأخلاقي على الشأن المادي المصلحي الذي غرق فيه العالم.

.

بواسطة / إحسان الفقيه/ الأناضول

تعليق 1
  1. احمد يقول

    ماشاء الله تبارك الله .
    تركيا ياسادة تركيا .
    نعم الرئيس انت يا اردوغان .
    ونعم البلاد التى يتمنى اى انسان ان يعيش فيها الان .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.