حركة الشباب الصهيوني السرية في تركيا

كشفت التقارير والوثائق عن أن مؤسس الحركة الصهيونية التصحيحية المتطرفة، الروسي الأصل فلاديمير جابوتنسكي، الذي كان له دور كبير في تأسيس إسرائيل، قام في ثلاثينيات القرن الماضي بتأسيس حركة شبابية صهيونية في تركيا.

أسس جابوتنسكي منظمة الميليشيات اليهودية «بيتار» لإعداد الشباب الصهيوني في أنحاء كثيرة من العالم لخدمة «دولة إسرائيل»، التي ستقام في المستقبل. انتشرت بيتار في الكثير من المناطق حول العالم. أمّا «بيتار تركيا»، فإن تاريخ انطلاقها هو عام 1933. لقد شارك الشباب اليهود من إسطنبول وإزمير بشكل فعال في حركة بيتار الصهيونية، التي كان هدفها في تركيا هو ضمان كسب اليهود السفارديم، الذين هاجروا من الأندلس إلى الأراضي العثمانية، لصالح الصهيونية. كانوا يمارسون نشاطهم بسرية. هدفها الرئيسي كان «عليا» التي تأتي بمعنى «الصعود» و»الارتفاع» وترمز إلى هجرة اليهود الذين يعيشون في الشتات إلى إسرائيل. كان الهدف الرئيسي لمنظمة بيتار السرية، التي قيل إنها أنهيت عام 1973، هو إقامة دولة يهودية صهيونية في الأراضي الفلسطينية، والاعتراف بالعبرية على أنها اللغة الوحيدة والأبدية للشعب اليهودي، وأن يتقن جميع الأعضاء استخدام الأسلحة النارية بشكل جيد للغاية. والأعضاء كانوا يتلقون بشكل متكرر توصيات لإقامة المعسكرات، وسط التأكيد على أهمية التنظيم من أجل تأسيس الدولة اليهودية. لقد وضعوا الشريعة اليهودية بين الأهداف الرئيسية، وجرى تأسيس مجلة باسم «هدار»، وكان أعضاء «بيتار» يشجَعون على الكتابة هنا.

الأسبوع الماضي، ظهر كتاب حول حركة بيتار من بين منشورات دار ليبرا التي أسسها عام 2008 الكاتب والمؤرخ التركي اليهودي رفعت بالي، الذي يركز بشكل خاص على تاريخ يهود تركيا، في تطور أحدث صدى واسعًا. وثمة مزاعم بأن الكتاب الصادر بعنوان «بيتار تركيا: قصة حركة شباب صهيونية 1933-1971»، قررت دار النشر سحبه من السوق، نتيجة ضغوط تعرضت لها من طرف إسرائيل. يتضمن الكتاب معلومات عامة عن أعمال حركة بيتار، ويعرض في الجزء الأخير العديد من الأنشطة التي قامت بها بيتار موثقة بالصور.

يشعر المرء بالقهر عندما يقرأ ما قام به الصهاينة من أعمال دقيقة للغاية في مختلف المجالات من أجل إقامة إسرائيل

مؤسس حركة بيتار فلاديمير زئيف جابوتنسكي (1880- 1940)، يعد من بين الشخصيات المهمة، مثل مؤسسي الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل (1860-1904) وحاييم وايزمان (1874 – 1952). ويعتبر جابوتنسكي الأب الفكري لأرييل شارون وحزب الليكود واليمين الإسرائيلي عمومًا، وكان يتبنى الأيديولوجية الداروينية الاجتماعية والفاشية والعسكرية. من الأسباب الرئيسية وراء تأسيس حركة بيتار من قبل جابوتنسكي، غرس الفلسفة الصهيونية في الشباب اليهودي وتحويلهم إلى خدام، وجنود للدولة التي سيتم تأسيسها في المستقبل، تحت مسمى «إسرائيل».

انشق جابوتنسكي عن المنظمة الصهيونية العالمية التي أسسها ثيودور هرتزل في عشرينيات القرن الماضي، ليقوم في عام 1925 بتأسيس «حزب الصهيونية التصحيحية». وكان شعار الحركة التصحيحية، «هدف الصهيونية هو أرض إسرائيل كدولة واحدة على جانبي نهر الأردن»، أي كل الأرض الموعودة في التوراة، حسب زعمهم. بعد وفاة جابوتنسكي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1940، حلّ حزب الصهيونية التصحيحية نفسه عام 1946 وانضم إلى المنظمة الصهيونية العالمية مرة أخرى.

انتقد جابوتنسكي الأحكام التي تحتوي على منظور إنساني في التوراة، مثل «أحب جارك كنفسك»، معتبرًا أن القوة هي التي تشكل الحياة السياسية في يومنا، لذلك كان من أنصار العنف والصراع المسلح. تأثر كثيرًا بآراء الرئيس الإيطالي موسوليني، الفاشية. كان موسوليني قد زار عام 1936 معسكرًا لحركة بيتار في إيطاليا، وقدم لهم كل أنواع الدعم حتى يتمكنوا من ممارسة نشاطهم بسهولة في الأراضي الإيطالية.

كما يعد جابوتنسكي، مؤسسًا لمنظمات إرهابية مثل هاجاناه وإرغون، مارست الإرهاب في فلسطين والشرق الأوسط، قبيل إقامة دولة إسرائيل الصهيونية، وكانت هذه المنظمات ستعرف بهجماتها الدموية في المنطقة.

عمل جابوتنسكي محررا في صحيفة «Le Jeune Turc» التي جاءت إلى تركيا عام 1908، وقام الصهاينة بتمويلها، وعيّن في السنوات التالية مسؤولًا عن كل الصحف الممولة من قبل «المنظمة الصهيونية العالمية» في إسطنبول: «Courrier D’Orient» اليومية، و»L’Aurore» الأسبوعية، و»El Jedeo – Ha Hehudi» الأسبوعية الصادرة بلغة ولادينو، و»Ha-Mevasser» الأسبوعية العبرية. وكان صاحب ومحرر صحيفة «Courrier D’Orient» هو جلال نوري بيك، أحد أبرز الكتاب في أواخر العهد العثماني.

كان جابوتنسكي يسعى من أجل انهيار وتمزيق الدولة العثمانية، حتى يتسنى تأسيس دولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. يقول جابوتنسكي في كتابه «صيغة أمر فقط: أقم إسرائيل»، إن «المكان الذي يحكمه الأتراك لا تشاهد فيه الشمس ولا ينبت العشب»، مضيفًا أنه «من أجل إقامة دولة إسرائيل في فلسطين، يجب أولاً هزيمة الأتراك. هل سنوجه الضربة من الشرق أم من الغرب؟ هذا مجرد سؤال تقني. كل جبهة هي طريق يؤدي إلى صهيون». حارب جابوتنسكي في صفوف الإنكليز ضد الدولة العثمانية في معركة جناق قلعة، ومعارك صحراء سيناء وغزة، مع الوحدات العسكرية الأولى التي أسسها اليهود بعد سنوات طويلة من انتشارِهم حول العالم.

خلاصة الكلام، يستحيل على المرء ألا يشعر بالقهر عندما يقرأ ما قام به الصهاينة من أعمال دقيقة للغاية في مختلف المجالا

ت من أجل إقامة إسرائيل، بناء على خطط وضعوها قبل 100 عام، ثم يرى حال المسلمين والعرب والفلسطينيين اليوم. وكم تشبه دعايات «فلسطين ليست قضيتي» التي تطلقها بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة بشكل خاص، تلك الخطط التي وضعها الصهاينة قبل 100 عام.. كان هدف جابوتنسكي الأعظم في الماضي هو جعل العرب أعداء ضد أخوتهم الأتراك، الغريب أن تلك الخطة لا تزال مستمرة.

.

  بواسطة / توران قشلاقجي

تعليق 1
  1. حمدي حسن يقول

    اود استقبال رسائلكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.