تفاصيل تفوق الخيال عن تنظيم غولن الإرهابي.. بقاء الرئيس أردوغان في السلطة “معجزة”

اقترن اسم الإرهابي فتح الله غولن بعمليات الانقلاب في تركيا، والتي كشفتها العملية الأخيرة في 15 يوليو 2017، ما جعل اسمه الأكثر حضورا على رأس الكيان الموازي الذي تغلغل في مؤسسات الدولة التركية.

نشر حساب الصحفي التركي الراحل محمد جانبكلي  تفاصيل مثيرة عن نشأة غولن وسماته النفسية ومؤهلاته الدراسية.

كما رصد الحساب صعوده المفاجيء، ولقائه بالسياسي التركي ورئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان مرورا بالرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، حيث تحول غولن إلى عدو لدود إلى أردوغان.

وكتب حساب الصحفي الراحل في سلسلة تدوينات تضمنت الكثير من المفاجآت التفاصيل المثيرة قائلا : ” حركة الخدمة أو  تنظيم غولن .. حقائق مهمة عن أخطر الحركات في تاريخ تركيا” ” ومعلومات قد تعرفونها لأول مرة.

نشأة غولن

وأضاف مؤسس هذه الحركة والتنظيم يدعى  فتح الله غولن ، نشأ في قرية صغيرة تابعة بمحافظة أرضروم، وعاش حياه بسيطة.

وتابع قائلا : لكن كانت حياته مليئة ببعض التصرفات الغريبة..  فغولن، كان كان صبيا في إحدى قرى أرزروم ولم يكن في القرية وقته مدرسة حكومية، حيث كان الآباء يرسلون أولادهم للتعلم عند الشيخ سعدي مزلوم،  وكان غولن يدرس عنده، وذات يوم رأى الشيخ تلميذه غولن أمام المسجد يدخن وهو فتى صغير.


وفي تفاصيل حياته : أراد شيخه أن يؤدبه وصفعه على خده فذهب الفتى غولن إلى مركز الجندرما، واشتكى على شيخه قائلا: إن الشيخ سعدي يسب أتاتورك.

وكانت وقتها سب أتاتورك جريمة كبيرة جدا وذهبت قوة من الجندرما واعتقلت الشيخ وتم إخفاء الشيخ.

هروب غولن من قريته


غضب أهل القرية من الولد غولن، وأرادوا أن يبطشوا به فهرب إلى الجندرما فقامت الجندرما بتهريبه إلى العاصمة أنقرة، حيث استلمه، أحد العاملين في المخابرات في الإدارة المشتركة بين المخابرات التركية والأمريكية، وتم إدخاله في تدريب خاص قبل إرسال غولن إلى مدينة أدرنة على حدود اليونان.

وأكد حساب الصحفي الراحل أن هذه القصة ذكرها نقيب مزلوم أوغلو في عام 2014 وهو أحد أفراد عائلة الشيخ “سعدي مزلوم أوغلو ابن العالم” الوارلي إيفي” . يقول: إنني لم أرد الحديث في هذا الأمر بعد أن مرت عليه،عقود ولكن لا زالنا نحترق من الداخل، ولا أجد تفسيرا لما فعله غولن.


واستطرد في حديثه : وبعد قضائه عدة سنوات في أدرنة،  تم تعيينه فجأة كواعظ في جامع داخل سوق ” كمر الطي” . ” ليتم ترفيعه بعد سنوات قليلة ،وتم منحه ” يني جامع” في بورنوفا ” ليقوم بعدها بعمله الدعوي، مدعيا أنه من اتباع ” الشيخ سعيد النورسي” بازمير معقل الماسونية والروتاري والأرمن واليهود والدونمة.

غولن الواعظ بشهادة ابتدائية

وقد عمل غولن واعظاً بسيطاً في أحد مساجد “بورون اوفا” بأزمير في السبعينات وهو في الثلاثينات من العمر فقط.

صعد نجم فتح الله غولن بشكل لافت جدا في إزمير . . العجيب هنا أن مدينة إزمير التركية التي كانت مركز حركة فتح الله غولن،  هي معقل العلمانية في تركيا.

كما أن فيها منطقة علوية كبيرة “نارلي درة” وهي معقل أينونو الذي حارب الإسلام ومسقط راس سباتاي مؤسس حركة يهود الدونمة وكان فيها أكبر جالية يونانية ويهودية .


ومازالت معقل نوادي الروتاري الماسونية ويوجد مقر رسمي في فندق افيس فيها منطقة كبيرة (كارشي ياقة) يسكنه ذو العادات الغربية وهم أثرياء.

العجيب أن غولن لم يكمل الابتدائية ، حيث تساءل حساب جانبكلي :” لا تستغربوا ..لم يدرس…لكنه يملك موهبة نادرة جدا ” . ” نعم إنه يمتلك موهبة التأثير على الناس في محاضراته، فيستطيع أن يجعلك تبكي في دقائق عند الاستماع إليه”.

ومع صعود نجم فتح الله قولن.. وبداية تشكيله قاعدة شعبية من المحافظين الأتراك،  أصبح غولن محبوبا لدى كثير من فئات الشعب المحافظ، الذين كانوا يتوقون لوجود داعية ديني في الوقت الذي كانت فيه العلمانية،  تحكم بالحديد والنار وتشدد كثيرا على الإسلاميين.

غولن وأربكان

في السبعينيات تقريبا أثناء لقاء بين غولن، وأربكان، وأثناء تأسيس أربكان لحزبه السياسي عرض غولن على أربكان فكرة بديلة وهي حكم الإسلاميين لتركيا عن طريق إنشاء دولة موازية وسأله عن رأيه في الفكرة، وكان يرغب في أخذ مباركة الأستاذ أربكان قبل الشروع في العمل.

فكان رد نجم الدين أربكان مفاجئا لفتح الله قولن، حيث طلب أربكان من غولن، أن يعطيه مصدر الفكرة قائلا:  يا غولن: أنت إنسان من الأناضول من أرضروم، وهذه الفكرة ليست منك فيما يبدو، إن أردت رأيي في فكرتك، فأرجو أن تخبرني عن مصدر هذه الفكرة كي أقيمها لك.

وأضاف أربكان : ” أما أن أعطيك رأيي فيها دون أن أعرف مصدرها فهذا لا يستوي”.

من جانبه رفض غولن الرد على أربكان، وترك التواصل معه، بل ووقف بكل قوته ضد حركة المللي غوروش التابعة لنجم الدين أربكان.

 

كما أن غولن يؤمن بالتقارب مع أمريكا وإسرائيل والفاتيكان، ويكره العرب.. بالرغم من إجادته للغة العربية،  وهذا الشيئ كان مصدر خلاف بينه وبين أربكان،  الذي كان يقول إن غولن يريد أن يجعلنا عبيدا للغرب.

لم يكن أربكان من يهاجم غولن فقط بسبب فتاواه الغريبة، والتي يصفها بالمعتدلة، بل هاجم المؤرخ العثماني قدير مصر أوغلو قولن بشدة في عام 1995 قائلا: غولن ليس رجل علم و لا داعية، بل رجل فاسد، مختل عقلياً، لا يصلح أن يكون حتى قسا وقريبا سيكتشف الشعب التركي حقيقته.

صعود غولن وتنظيماته الإرهابية

واستطرد حساب جانبكلي في حديثه عن غولن : الغريب، أن ثقافة هذا الداعية، لم تكن لتتعدى ثقافة شاب ثانوي، ولكنه بقدرة قادر ترأس تنظيما غاية في التنظيم والدقة والانضباط.

وأضاف أنه في هذا التنظيم أشخاص من المستويات الثقافية والاقتصادية والبشرية العالية،فحقق خلال عقدين فقط، تنظيم ضخم يوازي حتى الدول.

وتابع قائلا: لقد نشأ من الصفر إلى صاحب أكبر شبكة مستشفيات ضخمه في تركيا . ومئات المعاهد وأضخم شبكة إعلامية.

ويمتلك ثلاث وكالات أنباء وصحيفة تسمى” زمان” جعل ترتيبها الرابع في تركيا، وست صحف أخرى وعشر قنوات أخرى ثم امتلك جامعة مرموقة وجمعية رجال أعمال.

كما كان منتسبو حركته بمئات الآلاف في التسعينيات،  فكان السياسيون يهرعون إليه .. لترويج حملاتهم الدعائية.. وأبرز من فعل ذلك هم تورغوت أوزال.. وتانسو شيلر مقابل حصول جماعته على امتيازات.

وفي منزل غولن وتحديدا في بوزكايا بأزمير،  لا تستطيع الدخول لمقابلة الداعية قبل أن تمر بجهاز كشف الأشعة، شيخ داعيه زاهد وتدخل عليه بأجهزة أشعة ،تفتيش كالتي توجد في المطارات.

كما يضم تنظيم غولن بين أعضائه مجموعة عالية الثقافة للغاية أساتذة جامعات وبرتبة بروفسور ..ومهندسين ورجال أعمال بل كانت هناك لجان أمنية فيها من أعلى رتب الأمن العام حتى مدير نفسه، متسائلا حساب جانبكلي :”  تخيلوا هذا الرجل الأمي يرأس هؤلاء المتخصصين”.

غولن وأردوغان

عندما انشق بعض الشباب عن أستاذهم أربكان اضطروا للتحالف مع غولن بعد تشكيلهم حزب العدالة وابتعادهم عن حزب السعادة، حيث اشترط غولن الداعية المثير، أيضا منح بعض أعضاء حركته مناصب ، في حال فاز حزب العدالة والتنمية.

وكان من شروط غولن إدخال بعض منتسبيه لسلك القضاء وسلك الشرطة.

فوافق الشباب على ذلك، كون غولن، إسلامي وعلى الأقل سيكون أقل وطأة من الأحزاب العلمانية التي تعاديهم، فقام غولن بتسخير كل قوته الإعلامية وحث منتسبيه للتصويت للحزب الجديد،  وحدث بالفعل نجاح حزب العدالة بالانتخابات.

وتابع قائلا : وعندما فاز حزب العدالة ، بالحكم، تم منح غولن مواقع كثيرة في رئاسة الوزراء لكنه كان يحضر نفسه لعمل أكبر من ذلك،طالب بأن يتم إدخال 20 مرشحا للبرلمان من جماعته، وهذا ما حدث بالفعل فكانت قوائم حزب العدالة تحوي عشرين مرشح برلماني على الأقل من أعضاء غولن.

كما طالب بإدخال منتسبيه بكثرة لسلك الشرطة ، وعندما لم يحصل على العدد الذي أراد، لجأ إلى تسريب أسئلة الامتحانات لأعضاء جماعته، عن طريق المعلمين الذين زرعهم بسلك التعليم فكانت الأسئلة تصل الجماعة قبل يوم من الامتحان.

وعندما طالب أردوغان بأن يدخل بعض منتسبيه إلى جهاز الاستخبارات، وهذا ما رفضه أردوغان قطعيا..ومن هنا بدأ الخلاف الصراع السري بين الرجلين.

وبعدما رفض أردوغان إدخال أعضاء منتسبيه فس سلك الاستخبارات دب الصراع السري بين حزب العدالة والتنظيم الرجلين.

وكان أول عمل قام به التنظيم هو استخدامه صلاحيات أعضائه في حكومة العدالة، حيث قامت أعضاء الجماعة المنتسبة لأجهزة الدولة بترتيب لعبة، اتهام الجيش بالهجوم على مسجد الفاتح وتفجيره في صلاة الجمعة, وذلك للإطاحة بالحكومة ،لياتي دور رجال النيابة والقضاة التابعين للتنظيم بتجميع الأدلة وسيق مئات الضباط إلى السجون واستمرت اللعبة سنوات قبل أن يتم كشف الحقيقة.

كما أن تركيا دخلت وقتها مرحلة اضطرابات خطيرة،  وقعت فيها اغتيال سياسيين وإغلاق القضاء الذي يسيطر عليه جماعة غولن إغلاق الملفات وتسجيلها ضد مجهول كاغتيال السياسي ” محسن يازجي أوغلو.

محاولة اغتيال أردوغان

ولم يتوقف التنظيم الموازي عند هذا بل أعد خطة محكمة كانت تحضر لاغتيال أردوغان والاستيلاء على السلطة.

وكانت الخطة ستبدأ بحقن “أردوغان” عقب مؤتمر إسطنبول من قبل شرطي يعمل في حراسته ينتمي للجماعة”.

وبعد فترة وجيزة بدأ تأثير الحقنة يظهر، وأجريت الفحوصات عليه بشبهة الإصابة بالسرطان.

وأخبر الفريق الطبي   أن نتائج الفحوصات أردوغان سيئة، ولا بد من إجراء عملية جراحية عاجلة لم يقتنع “أردوغان” وطلب إعادة إجراء الفحوصات، ولكن الفحوصات كلها أجريت من قبل المنتمين لـ”الجماعة”، وتم إقناع “أردوغان”،بالعملية.

وقد تم تحديد مكان العملية والأطباء الذين سيشاركون فيها وتفاصيل أخرى تتم كلها من قبل الفريق المنتمي للجماعة، بسرية تامة، وفي الوقت الذي يجهل فيه أقرب المقربين من أردوغان.

وبينما كان الفريق يكمل استعداداته، وصل إلى جهاز الاستخبارات الوطنية تسجيل صوتي؛ لم يكتشف مرسل التسجيل ولكن مضمونه كان مهماً للغاية، حيث كان أحد الأشخاص يقدم إلى غولن معلومات عن العملية الجراحية في مكالمة عبر برنامج سكايب، حيث كان حينها لم يبق إلا عدة أيام لإجراء العملية.

وبعد بحث جهاز الاستخبارات الوطنية، اتضح أن الذي يتحدث مع غولن شخص يثق به أردوغان كثيراً، فتم عقد اجتماع عاجل جمع أردوغان مع هاكان فيدان.


ولم يتغير موعد العملية الجراحية، ولكن تم تغيير المستشفى الذي ستجرى فيه العملية، كذلك تبديل جميع الأطباء الذين سيشاركون في العملية.

ففي الوقت الذي كان أردوغان في طريقه للعملية ،تلقى اتصالا من رئيس الاستخبارات فيدان يبلغه أن المدعي العام  سعد الدين ساريكايا طلبه لإستجوابه بخصوص قضية أركاناكون، ليأمره أردوغان بعدم الذهاب.

.

المصدر/ وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.