لو كان الانقلاب نجح لكانت تركيا اليوم مثل مصر السيسي       

لقد كان 15 تموز يومًا رأت فيه قوى الشر كيف انقلب عليها السحر الذي أرادت استهداف تركيا به وكيف أسقط الانقلابيون بانقلاب، يوما أحس فيه الشر بأنه في أقوى حالاته لكنه أطيح به بغفلة بسيطة وقع فيها في لحظة عاش فيها ترف القوة. لو كان هذا الانقلاب المشؤوم قد نجح، لا قدر الله، لكن الآن ثمة احتفال مختلف بيوم 15 تموز، مراسم احتفال رسمي ربما لا يحضرها الشعب أو ربما يحضرها أطياف الشعب ممن يكنون البغضاء لأردوغان. ولا شك أن مثل هذه الاحتفالات كانت ستعمق أكثر حزن الشعب وأسره وحظه التعيس وستكون ساحة للخطابات التي يتغاضى أصحابها دون حياء عن أن البلاد تخلفت خمسين عاما على أقل تقدير.

بالضبط كما حدث في مصر. تصادف الذكرى الرابعة لمحاولة انقلاب 15 تموز في تركيا الذكرى السابعة للانقلاب العسكري الغاشم في مصر الذي صادف حينما وقع عام 2013 أحداث غيزي بارك في تركيا التي كانت تسير نحو انقلاب وصفه البعض بالثورة، بالضبط كما حدث في نهاية المشهد الذي عاشته مصر وكان نهايته أكثر الانقلابات العسكرية في تاريخها.

لقد كانت أحداث غيزي بارك والانقلاب في مصر مخططين متوازيين يلقيان الدعم من الجهات ذاتها ويستخدمان اللغة والأدوات عينها، وهو ما يمكنني قوله بصفتي شخصا تواجد في مصر في تلك الفترة قدرا وسنحت له الفرصة متابعة ما يحدث عن كثب. لقد كانوا في مصر يمهدون الطريق أمام التمرد بوصفهم محمد مرسي الذي لم يكن قد حكم عاما واحدا بعد ولم يستطع تشكيل حكومة مخلصة بل إن برلمانه قد حل وأضعفت كل مؤسسات التنفيذية “لقد طغى وتجبر في محاولة للاستئثار بحكم مصر، كما أنه فشل في حل مشاكل البلاد”.

لم يمنحوا أول رئيس منتخب في تاريخ مصر في انتخابات شبه ديمقراطية بشكل كامل الفرصة لعام واحد حتى ليحل مشاكل البلاد المزمنة، فأخذوا يصيحوا حتى بدأ عددا كبيرا من الشعب يصدق بأن مرسي ديكتاتور حقيقي. بيد أن الرجل لم يسطع أن يكون رئيسا للجمهورية، ناهيكم أصلا عن أن يكون ديكتاتورا، في مواجهة الجيش وسائر المؤسسات الأمنية والمحكمة الدستورية وغيرها من مؤسسات الدولة التي وقفت ضده وحاكت الألاعيب من ورائه.

ونتيجة كل ذلك معلومة، فلا يخفى على أحد مظاهر الاستبداد الشديد والممنهج الذي وضعه من استولوا على السلطة بانتقادهم مرسي أنه كان مستبدا. فمصر اليوم هي بمثابة سجن كبير مفتوح، كما أن الذين انقلبوا على مرسي لأنه عجز عن حل مشاكل مصر المزمنة خلال عام واحد جعلوا مصر تتخلف اقتصاديا 50 عاما على أقل تقدير.

إن مصر التي تعتبر واحدة من أهم دول المنطقة بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجي أصبحت اليوم “عبد المأمور” لدى دولة الإمارات الصغيرة التي ليس لها لا تاريخ ولا شخصية بل إنها دولة فسدت بسبب المال. وللأسف فإن الوضع يزداد سوءا في مصر بمرور الأيام بعد أن انحط مستواها إلى مستوى دولة تتلقى التعليمات وليس لديها ما يمكن أن تقوله للعالم أو أي قيمة تمثلها. وهذا هو أكبر خسارة يمكن أن تلحقها الانقلابات العسكرية بالدول. فالانقلابيون لا يحملون هم تطوير بلادهم أو ضمان حياة أفضل لشعوبهم لأنهم بدأوا حكمهم بالخيانة، فالشيء الوحيد الذي يهمهم هو أمنهم الشخصي ومستقبلهم، وهو الشيء الذي يستعدون من أجله التضحية بكل القيم.

لقد أصبح الشعب المصري خلال السنوات السبع الماضية يتلقى من الانقلابيين مزيدا من الانقلابات المتتالية. فهناك عشرات الآلاف من المعتقلين دون أي تحقيق أو مراعاة لحقوق الإنسان، كما يتعرضون لشتى صنوف التعذيب في ظل أقسى الظروف ليموتوا ببطء. كما أن أقارب الذين استطاعوا الهروب خارج البلاد بطريقة أو بأخرى يتعرضون للتنكيل وتصادر ممتلكاتهم، بل إن بعضهم يقتل داخل منزله في وضح النهار تحت مسمى العمليات الأمنية. وهناك عدد لا محدود من نماذج هذه الأحداث التي أصبحت أحداثا عادية.

وفوق كل هذه الممارسات القمعية يحتفل النظام المصري كل عام بذكرى انقلابه بأن يسميه ثورة، فيتم الاحتفال بتخلص الشعب من مرسي بمراسم رسمية ضخمة. إنها احتفالات ليس لها علاقة بالشعب، فهي تقام بحضور شخصيات النظام الذي جنى على الشعب واقتصاده وسياسته وأوقعه في أسوأ الحفر في تاريخه، بل إنهم يروجون خلال هذه الاحتفالات لفكرة أن الفترة التي حكمها مرسي، ولم تكتمل عاما واحدا، كانت السبب في كل المساوئ التي كان السبب فيها بالفعل الانقلابيون أنفسهم. بيد أن الجميع يعلم جيدا ماذا حدث.

إن السيسي يرسم لنا صورة ما يمكن للانقلابيين فعله إذا نجحوا وما الذي يمكن أن يقودوا له البلد وإلى أي مدى يمكن أن يصل الظلم والاستبداد. وهو ما يعتبر نموذجا متكاملا لمن أراد أن يعتبر.

.

ياسين اكتاي بواسطة / ياسين اكتاي  

4 تعليقات
  1. الشمالية الغربية يقول

    نعم والدليل الإقتصاد التركي شبة المنهار والدين الخارجي الخيالي وآلاف المساجين المظلومين وآلاف الهاربين للخارج وآلاف المصانع المنهارة والفساد المستشري والمشاكل مع جميع الدول المحيطة بتركيا ماعدى دولة صغيرة خانت أمتها وغدا تخونك وهي قطر واسرائيل والإخوان المفلسين
    اما مصر فهي وقفت على رجليها بعد شبة إنهيار مصانع شغالة ومساكن تفتتح بدل الأحياء العشوائية وقوة إقليمية لا تجرأ تركيا أن تقف أمامها
    تركيا عايشة على النفخ والتطبيل لاردوغان وأحلام سرقة ثروات دول أخرى مع انكم دولة مفلسة ومديونة وبترول ليبيا هو حبل النجاة الوحيد لكم لكن راحت عليكم الدول العربية اتحدت وليبيا بعيدة عن شواربكم والميدان ياحميدان

    1. Amr يقول

      لما بنقرأ المقالات العجيبة اللى بيكتها الاتراك عن مصر وكم حرقتهم من ثورة يونيو وخلع مرسي وجلوس السيسي فى سدة الحكم والله بنضحك من قلوبنا النظام التركى عايش فى عالم سمسم كبير

  2. مخمد يقول

    والله لوكانت ما ادعاه اردوغان من انفلاب لتبدأ الحال لتركيا للافضل وستعيش باقتصادر قادر على تجنب التحديات..الاعلام الاردوغاني باسك ذراعيه بالوسيط ومن يزعم أن تركيا تعيش في اوج ازدهارها فهو اما لا يعرف حقيقة الداخل اوانه يحاول أن يطمئن نفسه ليخرج من كابوس اردوغان

  3. مهندس / احمد هلال يقول

    للتايخ
    السيسي زعيم وطني ومخلص وليس له دخل بالاطاحه بمرسي الضعيف المنبطح الخائن . شتان بين الرجلين والشعب هو من قال كلمته . والشعب هو المعلم الاقدم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.