العالم

فيلسوف فرنسي ينتقد ماكرون: المسلمون لديهم أخلاق وإحساس بالشرف

في حلقة تلفزيونية بُثت الجمعة الماضي، وفي جدل ساخن بين اثنين من المفكرين الفرنسيين المعروفين بمواقفهم المثيرة للجدل، أشاد الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفراي بالمسلمين على البرنامج الفرنسي الشهير (Face à l’Info) على قناة (CNews)، وذلك في مناظرته مع الصحفي والكاتب إريك زمور حول الأحداث الأخيرة في البلاد.

 

واعتبر أونفراي -المعروف بإلحاده- أن الإسلام يقدم نظامًا متحررًا من المادية، معتبرًا أن “المسلمين يعلموننا درسًا في مناهضة المادية”، وأردف “لأنه مهما كان رأيك، فهؤلاء أناس لديهم فكرة مثالية، فكرة روحانية”.

 

واتفق المتحاوران على أن فرنسا تعيش ما يشبه “صدام بين حضارتين” و”حرب أهلية”، في حين قال زمور -المعروف بمواقفه المؤيدة لليمين المتشدد والمناهضة للمسلمين في فرنسا- إن الإسلام “قوة سياسية” تريد “الانتقام من أوروبا”.

 

واعتبر أونفراي أن “للمسلمين إحساسا بالشرف”، وهو “شيء نادر للغاية في الغرب اليوم”، على حد قوله.

 

ويرى الفيلسوف الفرنسي -في الحوار- أن المسلمين “لديهم أخلاق وقيم”، معتبرًا أنهم “يؤمنون بأن الجنس مع أي شخص، عندما تريد، وكما تريد، ليس بالضرورة أمرًا مشرفًا للغاية تجاه النساء”، وهو ما يراه أونفراي “مسألة كرامة؛ لأن هؤلاء الناس لديهم أخلاق الشرف”.

 

جدل الانفصالية

وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كتب أونفراي مقالاً ردًّا على الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن “الانفصالية الإسلامية”، واعتبر أن فرنسا “لا تنتهج سياسة حضارية لسبب وجيه وبسيط، هو أنها لا تملك سياسة وتحتقر حضارتها”، ويحدث ذلك منذ عام 1969، وبالتحديد منذ اختفاء سياسة الجنرال شارل ديغول.

 

وتابع أونفراي -الذي قال إن الطبقة الإعلامية الفرنسية لديها مصلحة في الصمت عن إنتاجاته الإيجابية التي تشمل نحو 50 كتابًا- أن فرنسا تصنف مع الولايات المتحدة التي تبحث عن أعداء جدد بعد سقوط الإمبراطورية السوفياتية؛ وذلك لأن أميركا بحاجة إلى الحرب، وبالتالي لإنتاج وبيع واستخدام الأسلحة، إذ يشكل المجمع الصناعي العسكري أساس هذا البلد الشاب، الذي لم يتجاوز عمره 3 قرون، حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي.

 

وقال أونفراي “لذلك نحن نعلم لماذا ذهبت الولايات المتحدة إلى الحرب في أفغانستان والعراق وليبيا وجنوب الساحل الأفريقي، هذه هي مصلحتها التجارية. ولكن لماذا إذن تجد فرنسا نفسها في موقع مساعد للجيش الأميركي، لأي فائدة؟ ما شرعيتنا في قصف قرى الجبال الأفغانية وتدمير العائلات والأطفال والنساء والشيوخ والكبار؟” وأضاف “علينا أن نترك الدول الإسلامية التي لا تهددنا بشكل مباشر بسلام”.

 

واستنكر أونفراي غزو بلدان لم تضر فرنسا بحجة ترسيخ حقوق الإنسان، وهي الحجة التي قال إنها تُخفي أهداف الاستعمار الجديد والأعمال التجارية، بينما يتم غزو بلدان مسلمة وفقيرة وغير مجهزة عسكريًّا، مما يتسبب في موت المدنيين.

 

وتابع مستهجنا “من يقول إن فرنسا كانت تخشى العراق وليبيا لأن هذه الأنظمة العلمانية كانت أنظمة صديقة، لدرجة أن فرنسا ساعدت صدام حسين في مشروعه النووي، وزودته بمقاتلين فرنسيين في عهد شيراك، وحتى استقبلت العقيد القذافي بضجة كبيرة، بما في ذلك عندما نصب خيمته البدوية في حديقة ماريني، في حقبة نيكولا ساركوزي”.

 

وأردف كذلك “من يقول إن الماليين في فرنسا ارتكبوا اعتداءات على التراب الوطني (الفرنسي)؟” مستنكرًا منع الدولة الفرنسية مالي من تقرير مصيرها وسيادتها “حتى لو أقامت نظامًا إسلاميًا، فباسم أي مصلحة كانت يمكن أن نسمح لأنفسنا بمنعها؟ إلا إذا كانت الأسباب هي الاستعمار الجديد”.

 

ويكمل “نعلم من مالي أن الغرب لا يهتم بحقوق الإنسان في بلاد أفريقيا، فقد مضى نصف قرن منذ الاستعمار والاستعمار الجديد، وحقوق الإنسان هي أقل اهتمامات الحكام الغربيين والفرنسيين في هذه القارة المستغلة (أفريقيا)؛ فالغرب موجود لسرقة الشعوب الأفريقية بتواطؤ حكامها الفاسدين.”

 

وقال أونفراي -الذي اعتبر أنه يجب وضع حد للإسلاموفوبيا في فرنسا ونزع الطابع الأيديولوجي عن التاريخ- إنه ليس لديه شك في أن إيمانويل ماكرون من أتباع الفيلسوف والمنظر السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما (صاحب فكرة نهاية التاريخ والإنسان الأخير).

 

رؤى متناقضة لمثقفين فرنسيين

ويعرف الكاتب والصحفي إريك زمور بمواقفه المعادية للمسلمين في فرنسا، وفي تقرير سابق لصحيفة لومونود، أشار إلى أن موازين القوى في العالم ليست اقتصادية بقدر ما هي ديمغرافية، وذكر أن النمو الديمغرافي انقلب لغير صالح البيض، الذين كانوا 4 أضعاف أفريقيا، واستعمروا العالم وأبادوا الهنود الحمر والسكان الأصليين واستعبدوا الأفارقة، وأوضح أن اتجاه التيار اليوم قد انعكس، وأن البيض غدوا هم من سيكونون بالنسبة للمهاجرين الجدد محل الهنود الحمر والعبيد.

وقال إن لواء المهاجرين الجدد هو الإسلام، مؤكدا أن كل مشاكل فرنسا كالبطالة ونقص المدارس والمستشفيات وغيرها قد زاد وجود المهاجرين حدتها، وبالتالي زاد الإسلام تلك الحدة.

اقرا ايضا

أنقرة تستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا ضد تركيا

وقال إن مفاهيم مثل التعايش والتسامح وغيرها لم تعد صالحة اليوم، لأن المهاجرين الذين يحتفظون بكل عناصر هويتهم ويريدون التمسك بالشريعة سيخضعون الفرنسيين الأصلاء لأحكام الشريعة والحلال، وبالتالي “سيعاملوننا كمستعمرين، عن طريق الجهاد، ووسيلتهم الكلاشينكوف وزيهم الجلباب”.

وفي المقابل، يرى أونفراي -حسب تقرير سابق للجزيرة نت- أن جائحة فيروس كورونا المستجد ستشكل مرحلة جديدة ضمن “انهيار الحضارة اليهودية المسيحية”، حسب التحليل الذي قدمه في كتابه “الانحطاط”، واعتبر فيه أن الحضارة الغربية في انهيار متواصل، وتعيش حالة من الهرم، مشيرا إلى غياب الإبداع الأدبي والفني الحقيقي ضمن استعراضه مظاهر أفول الغرب.

 

وتُظهر الجائحة -حسب الفيلسوف الفرنسي- عدم كفاءة رئيس الدولة والحكومة، وعدم تماسك خطابات الرئيس إيمانويل ماكرون وتناقضها (مثل الدعوة للبقاء في المنزل والذهاب للتصويت)؛ مما يؤدي إلى عدم الثقة في الرئيس “الذي لا يطيعه أحد”.

 

ويتابع أونفراي القول إن أيديولوجية أوروبا آخذة في الانهيار، وذلك نتيجة السياسة الليبرالية التي تبرر وضع كبار السن في ممرات المستشفيات وتركهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، كما أن إلقاء الفريق الطبي في “ساحة الحرب”، والعجز عن توفير أقنعة لهم أو حتى معقم كحولي؛ لا تنذر كلها بالسقوط ولا تعجل به فقط، بل تظهر بشكل كامل الطرق التي يسلكها هذا السقوط.

ويقول إن وسائل الإعلام ترصد الموت على مدار الساعة، وتضع الفرنسيين أمام هذه المعضلة الوجودية.

أحدث الأخبار

أنقرة: على المجتمع الدولي التحرك بحزم ضد عدوان إسرائيل بالمنطقة

قالت وزارة الدفاع التركية، الخميس، إنه يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات حازمة ضد ممارسات…

04/12/2025

270.6 مليار دولار.. صادرات تركيا السنوية تسجل رقما قياسيا

أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط تسجيل صادرات البلاد من السلع في آخر 12 شهرًا…

04/12/2025

مسؤول تركي يحذر: أزمة المياه تهدد بحروب وهجرات كبرى وأزمات عالمية

حذّر نائب وزير الزراعة والغابات التركي، أبو بكر غيزلي غيدر، الاثنين، من احتمال اندلاع أزمات…

02/12/2025

رقصة الماء والغاز في قلب تركيا.. فوارة باردة تخطف الأنظار

تتحول منطقة "أولو كيشلا" في ولاية أقسراي، وسط تركيا إلى محطة لافتة لعشّاق الطبيعة وهواة…

01/12/2025

الاقتصاد التركي ينمو 3.7 بالمئة في الربع الثالث

حقق الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 3.7 بالمئة على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام…

01/12/2025

إعلام عالمي يسلط الضوء على نجاح المسيرة “قزل ألما” في إصابة هدف جوي

سلطت وسائل إعلام عالمية على نجاح المسيرة "بيرقدار قزل ألما" التركية في إصابة هدف جوي.…

01/12/2025