توقعات أنقرة من إدارة بايدن

لم تتضح نتيجة الانتخابات الأمريكية التي أجريت الثلاثاء إلا يوم السبت عندما فاز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن ليصبح الرئيس السادس والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة.

ومن الغريب أن أول رسالة تهنئة تلقاها بايدن من تركيا لم تكن من الحكومة بل من زعيم أكبر أحزاب المعارضة حزب الشعب الجمهوري كمال قيليجدار أوغلو الذي غرد عبر تويتر بالتركية والإنجليزية قائلا.  “أهنئ بايدن ونائبته هاريس على انتخابهما وأتمنى بهذه المناسبة تعزيز علاقة الصداقة والتحالف الاستراتيجي بين تركيا وأمريكا”.

من المفترض في الطبيعي أن نعلق على هذه العبارات بجملة من قبيل “وما الغريب في ذلك؟ إنها رسالة تهنئة عادية”. لكن عندما نتذكر تصريحات بايدن مطلع العام الجاري التي تتحدث عن التحالف مع المعارضة التركية وإسقاط أردوغان. نجد أن عبارات كيليجدار أوغلو تفتح الباب أمام تفسيرات متعجلة من قبيل “أنا مستعد، هيا نفذ ما وعدت”.

ألا نشعر منذ يوم الثلاثاء أن المناخ المسيطر على تركيا هو أنه “إذا فاز بايدن سيكون حزب الشعب الجمهوري قد فاز بالتبعية؟”

بيد أن هذا الجانب ليس هو أكثر الجوانب التي تثير الفضول من حيث العمل الصحفي خلال هذه الأيام. لذا سيكون من الأفضل أولا أن ننقل إليكم الصورة قرائي الأعزاء من خلال نظرة المسؤولين في مختلف الجهات داخل تركيا.

هل دعم حزب العدالة والتنمية التركي حملة بايدن؟

 

وجهت أمس في لقاء على قناة D (دي) مع السيد فؤاد أقطاي نائب رئيس الجمهورية أسئلة حول نتيجة الانتخابات الامريكي. فأجابني أقطاي بأن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأمريكية لن تتغير عندما يتغير الرئيس. مشيرًا أنهم ينظرون للعلاقات مع واشنطن على أساس كل مسألة وقضية على حد أكثر من أن تكون قائمة على الأشخاص، فقال:

“لدينا مع واشنطن مسائل أساسية تربطنا وهي ليست مرتبطة بالأشخاص. وبغض النظر عمن يحكم الولايات المتحدة فإن قنوات تواصلنا مع جميع الهيئات والمؤسسات على المستوى الدبلوماسي ورئيسي الدولتين مفتوحة وستستمر في أداء دورها”.

وعندما نتحدث عن هذه المسائل الأساسية سنجد أننا أمام مسألتين أساسيتين تتعلقان بالإرهاب. الأولى رعاية واشنطن لمنظمة غولن الإرهابيّة العقل المدبر لمحاولة انقلاب 15 تموز والثانية دعمها لتنظيم بي كا كا/ي ب ك وأنشطته على حدود تركيا الجنوبية.

وعندما تحدث أقطاي عن علاقة واشنطن بالتنظيمات الإرهابية ودعهما لها شدد على موقف تركيا الصحيح والمحق في هذا الصدد وأضاف:

“لقد عشنا محاولة انقلاب فاشلة. إن العقل المدبر لهذه المحاولة يعيش في أمريكا وليس هناك شيء طبيعي بقدر مطالبة تركيا بتسليمه. فهذه الوتيرة التي بدأت منذ وقت طويل ستستمر كذلك مع الإدارة الجديدة عندما نزيد ضغطنا لتسليمه. ونأمل ألا تواصل أمريكا التعاون مع التنظيمات الإرهابية وترجح على ذلك التعاون مع الدول والحكومات”.

وأضاف أقطاي في معرض حديث عن الوضع في الشمالي السوري “.في اللحظة التي نلاحظ فيها وجود تهديد فإننا نتحدث أولًا ثم نفعل ما يلزم ونتحرك استنادًا للحقائق التي على الأرض”. وهي الكلمات التي بعث بها رسالة مفادها أنّ تركيا لن تتراجع عن تصميمها مهما فعلت الإدارة الامريكية الجديدة.

لو تم انتخاب بايدن .. هل سيفتح صفحة جديدة مع أردوغان؟

من ناحية أخرى يمكن القول إنّ تركيا لديها رغبة واضحة في المحافظة على فتح قنوات الحوار مع الإدارة الجديدة. فعندما سألت السيد أقطاي “هل يتصل الرئيس أردوغان ببايدن لتهنئته أو ينشر رسالة تهنئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أجابني:

“لا شك أن هذا أمر طبيعي، فكما جمعتنا لقاءات بالرؤساء السابقين فسنلتقي هذا الرئيس كذلك ولا أظن أنّ مشكلة ستحدث”.

ولعلي أذكركم بظهور مصطلح صار مستخدما بكثرة عند الحديث عن أنشطة السياسة الخارجية التي تجري مؤخرا من خلال زعامة الرئيس أردوغان. ألا وهو مصطلح “دبلوماسية القادة”.

ولقد أشار أقطاي للحوار الذي جمع الرئيس أردوغان بترامب في أكثر الفترات العصيبة مشيرًا إلى أنّ حوارًا مماثلًا يمكن أن يكون كذلك حاضرًا في عهد بايدن، وأضاف:

“عشنا ذلك في عهد ترامب؛ إذ إنّ التواصل بشكل صحيح بين الزعيمين في فترة وصل فيها الغموض إلى منتهاه وكانت بها العديد من القضايا المطروحة على الطاولة مكننا من العمل بشكل أفضل رغم كل هذه المشاكل. لذلك فإنّ هذا سيستمر بشكل مماثلة كذلك في المرحلة المقبلة بغض انظر عمن يحكم أمريكا”.

من ناحية أخرى لا يخفى على أحد أنّ تصريحات بايدن خلال حملته الانتخابية حول تركيا والمسائل المرتبطة بها مثلت معضلة كبرى. فبخلاف تصريحاته المعروفة في كانون الثاني الماضي. فقد أطلق تصريحات قبل الانتخابات بأسابيع قليلة تضمن مسائل صادمة كدعمه لليونان في شرق المتوسط ومطالبته بإعادة تحويل أيا صوفيا إلى متحف. أما أقطاي فيخبرنا بأن بايدن قال هذه العبارات خلال دعاياه الانتخابية بتأثير من اللوبيات، فيرى أن تصريحات بايدن حول شرق المتوسط تعبر عن نية بايدن الحصول على دعم اللوبي اليوناني.

كما يعبر أقطاي عن أن مثل هذه التصريحات ستتغير بانتهاء الانتخابات وبداية فترة الرئاسة. ويضيف “إن ما أتوقعه يسير في هذا الاتجاه، تصريحات مرحلة الانتخابات وحقائق فترة الرئاسة. ستكون هناك مرحلة انتقالية ولا يمكن لتركيا غض الطرف عنها”.

محمد آجات بواسطة / محمد آجات 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.