هل ستتمكن تركيا من تغيير دستورها الانقلابي؟

أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان هذا الأسبوع عن خطة حقوق الإنسان الجديدة التي من شأنها أن تحقق “مجتمعاً أقوى وأفراداً أحراراً و تركيا أكثر ديمقراطية”.

 

وتضم الخطة في هيكلها العام 9 أهداف و50 بنداً رئيسياً و393 نشاطاً وتستند إلى 11 مبدأ رئيسياً.

 

ومن المفترض أن تمهد حزمة الإصلاحات الجديدة الطريق أمام عوامل الرقابة الديمقراطية. مثل نقابات المحامين والمنظمات غير الحكومية لإنشاء آليات محاسبة وتفتيش.

 

كما تبرز من خلال هذه الخطة عناصر مراقبة جديدة .مثل “لجنة تعويض حقوق الإنسان” و”لجنة مراقبة حقوق الإنسان التابعة للمؤسسات الجزائية”.

 

كذلك يهدف تغيير قانون الأحزاب السياسية الذي يعد جزءاً هاماً من هذه الخطة، إلى تطوير سياسات ديمقراطية وتشاركية في البلاد.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاحات الهيكلية في الجهاز القضائي مدرجة ضمن بنود الخطة الاساسية. ويعتبر تمديد فترة التعليم في كليات الحقوق إلى مدة 5 سنوات بدل 4 سنوات مثالاً واضحاً عنها.

 

ومن المؤكد أن حزمة الإصلاحات الجديدة تمثل تطوراً ملحوظاً في تاريخ الديمقراطية التركية. لأنها تعرّف الحقوق والحريات على أنها جزء لا يتجزأ من “الكرامة الإنسانية”.

 

دساتير تركيا السابقة كلها أُعدت بعد الانقلابات العسكرية. ولذلك تركت هذه الدساتير البالية بصمة كبيرة على البلاد في العقود الستة الماضية، كونها لم تعر اهتماماً كبيراً للأفراد .كما فعلت بتسليط الضوء والتركيز على “النزاهة الأخلاقية” للدولة.

 

فإذا ما تمكنت تركيا من تحقيق دستور مدني جديد الآن. فإن حزمة الإصلاحات هذه التي تتبع المنظور القانوني للمنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي. ستغير روح دستور عام 1982، الذي لا يزال معمولاً به إلى الآن.

 

وبعبارة أخرى، سيتم بفضل خطة العمل الجديدة إلغاء القيود التي حددها جنرالات الانقلاب الخمسة، الذين أطاحوا بالحكومة الديمقراطية واستولوا على المناصب السياسية المنتخبة شرعياً عام 1980.

 

ومن الأمور الهامة التي تزيد في شرعية نفاذ الإصلاحات الجديدة، أن تسود سلطة البرلمان المنتخب بأغلبية الشعب كما كان عليه الحال تماماً عام 1924، وليس مجالس الدمى التي كان مخططو الانقلاب هم الفاعلين الحقيقيين وراءها.

 

وقد أكد “متين فيزي أوغلو” رئيس نقابة المحامين في تركيا، التي تعد من بين أهم منظمات الاستقرار والرقابة المدنية في البلاد، أن خطة العمل الجديدة تعطي الأولوية مباشرة للناس في الشوارع دون إقصائهم كما كان سائداً، وأنها خطة لتمكين الشعب التركي من الوصول إلى حريته وصنع قراراته بنفسه ومراقبة تنفيذ تلك القرارات وأنها بالفعل “خارطة طريق جادة”.

والآن، تتجه كل الأنظار إلى أحزاب المعارضة التي إن تمكنت من ترك التنافس السياسي جانباً، وعدم إفساد هذه الخطوة الحكومية الحيوية، والمساهمة في عملية وضع دستور يطالب بمزيد من الحريات، فستكون تركيا هي المستفيدة الأولى والرابحة على كافة الاصعدة.

 

ومما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن الخطوة التي اتخذتها تركيا في هذا الوقت بالتحديد حيث تكافح العديد من الدول لتوسيع حرياتها وسط الوباء، هي أكثر من هامة وحيوية.

 

فماذا يتوقع الشعب التركي أن يكون الموقف الغربي من هذه الخطة؟

 

نحن كشعب تركي، نتوقع من “الغرب المتحضر” ومنظماته مثل الاتحاد الأوروبي، ألا يلعبوا دور “الزعيم” وأن يتناولوا الأمر بتقييم منصف ومتكافئ وأن يشجعوا السياسة التركية والرأي العام اتجاهها لتمضي قدماً في هذه العملية.

 

بهذه الطريقة فقط، يمكن للغرب “المتحضر جداً” أن يُظهر دعمه الحقيقي لتوسع الديمقراطية خارج أوروبا.

 

ولا أدري إن كانت هذه مجرد أحلام وأمنيات فالحلم بمثل هكذا “غرب” جميل جداً، أليس كذلك؟

مليح التنوك
مليح التنوك

 

 

بواسطة / مليح التنوك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.