حرائق تركيا.. الحكومة أثبتت قدرتها والمعارضة استغلت الكارثة

مؤخرًا، اعتادت الحالة السياسية في تركيا على الانقسام في كل حدث من الأحداث التي تضرب المدن التركية، فتميزت ردود الفعل الأولى على فاجعة الحرائق التي التهمت آلاف الهكتارات بحالة من التضامن الوطني والتعاطف مع المتضررين والتقدير الكبير للفرق العاملة في الميدان لإطفاء الحرائق؛ إذ ما لبثت الحرائق أن تحولت لحالة جدل واستقطاب بين الحكومة والمعارضة وأحيانا أطراف أخرى.

والمتابع للأحداث يجد أن عوامل الخلاف تتعلق بأسباب الحرائق وجهود الحكومة لمنعها ثم إخمادها، فالسبب

الرئيس وأغلب الحرائق هو الطقس، إن كان لجهة التأثيرات طويلة المدى للاحتباس الحراري التي تشمل متغيرات في المناخ/الطقس وتسبب آفات طبيعية، أو لظروف فصل الصيف التي ترفع من احتمال حدوث الحرائق، كما حدث في عدة دول أوروبية ومتوسطية، ومنها اليونان وإيطاليا ولبنان وسوريا.

ومن المحتمل كذلك وفق مصادر إعلامية أن تكون الحرائق مدبرة ومن صنيع حزب العمال الكردستاني خاصة أن حزب العمال كان قد أعلن مسؤوليته سابقا عن بعض الحرائق، في محاولة لإفساد الموسم السياحي والضغط على الحكومة من زاوية الاقتصاد، كما أن الحكومة منعت التنزه في بعض الغابات تحسبا لهذا الاحتمال.

ووفق سعيد الحاج الباحث في الشأن التركي فإن تداول احتمالية الإرهاب للإحالة على تقصير أمني في توقع الحرائق ومنعها، بينما وضعها البعض الآخر في سياق توجيه الرأي العام باتجاهات محددة، حيث اتهم أحد الإعلاميين-المعروفين بقربهم من الحكومة- حزب الشعب الجمهوري المعارض بـ”التنسيق مع العمال الكردستاني” بحيث أحرق الأخير الغابات وتكفّل الأول بانتقاد الحكومة عليها.

تركيا .. السيطرة على الحرائق في أنطاليا وتشاناكالي

ويضيف الحاج أن الرئيس أردوغان نفسه قال إن احتمال الإحراق المتعمد قائم منذ البداية، وإن الجهات الأمنية والاستخباراتية تتابع الموضوع، لا سيما وقد أوقف عدد من الأشخاص بتهمة إشعال الحرائق. ولئن قال أردوغان “إن هناك بعض الإشارات” على تورط الكردستاني، إلا أنه أشار إلى أن الأمر لم يتأكد وأن الحكومة ستطلع الشعب على نتائج التحقيق حين ينتهي، وأنها لن تترك الجريمة -إن ثبتت- دون عقاب، مضيفا “سنحرق أكباد من حرقوا أكبادنا”.

وعلى جهة أخرى فقد اتهمت المعارضة الحكومة بأنها غير جاهزة لإطفاء الحرائق خاصة أنها استمرت لمدة طويلة مستغلة تصريحا لهيئة الطيران التركية التي تحدثت عن أسطول جوي مكون من 20 قطعة فقط، بواقع 3 طائرات إطفاء حرائق و15 مروحية ومروحيتي إخماد حرائق، وهو رقم أقل بوضوح من أساطيل دول أخرى مجاورة ومعروفة بالحرائق كتركيا، مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان.

أما الرئاسة التركية فقد صرحت سابقًا أن مهمة إخماد الحرائق من مسؤولية البلديات وليست الحكومة، ورغم ذلك فالأخيرة هي من تتولى المهمة، وأنه في السابع من أغسطس/آب الجاري- إن 16 طائرة و52 مروحية و9 مسيّرات (طائرات بدون طيار) تشارك في إخماد الحرائق مؤخرا.

المعارضة استغلت الحرائق

وفي السياق ذاته أشار الحاج إلى أن المعارضة استغلت الصور الأولى للكارثة لإظهار تركيا كدولة ضعيفة وعاجزة عن إخماد الحرائق وبالتالي هز صورتها أمام العالم، وقد رصد أحد الأكاديميين نسبة لا بأس بها من التخطيط المنظم للترويج للوسم ورفعه على رأس قائمة تويتر في تركيا والعالم، من خلال حسابات وهمية وإعادة نسخ ولصق وغيرها من التقنيات.

لكن بعض المواطنين الأتراك والموالين لحزب العدالة والتنمية الحاكم أطلقوا وسومًا مضادة كـ “تركيا قوية”

و”لا نحتاج مساعدة” من باب نفي العجز ورفض قبول المساعدات، وفي سبيل ما عدُّوه تثبيتا لمكانة بلادهم إقليميا ودوليا.

وبالمجمل فإن الحرائق تحوّلت إلى سجال سياسي في البلاد وخصوصا بين المعارضة والحكومة، ويمكن القول إنها ستكون امتحانًا للأخيرة الآن وعلى المدى البعيد، وكذلك مدى كفاءة الحكومة وسرعتها في تعويض المتضررين وإعادة السكان لمناطقهم وإعادة إعمار المناطق وإنعاشها ستكون معيارا مهما لتقييم الحكومة وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.