اجتماع سداسي لأول مرة.. هل سيتكمن زعماء المعارضة التركية من الاتفاق على مرشح ينافس أردوغان حقاً؟

التقى زعماء 6 أحزاب تركية مُعارِضة بناءً على دعوة من زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، على عشاء عمل، يوم السبت الماضي، وقد كان الهدف المعلن للقاء الأحزاب المعارضة هو دراسة فكرة مشروع النظام البرلماني المعزز في تركيا، بديلاً عن النظام الرئاسي الحالي، والحديث عن خارطة الطريق، قبل تحويل المشروع إلى نصّ يتم عرضه على الرأي العام.

ويعتبر هذا اللقاء هو الأول من نوعه حيث ضمَّ 6 من قادة أحزابٍ معارضة في تركيا، ربما تاريخياً، حيث اجتمع رؤساء أحزاب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، وحزب السعادة، وحزب المستقبل، والحزب الديمقراطي، وحزب دواء.

وقد ذكرت تصريحات صادرة عن بعض قادة المعارضة، أنّ المواضيع التي سيشملها مشروع النظام البرلماني المعزز هي ضمان الحرية الأكاديمية، وحرية الصحافة، واستقلال القضاء، وقانون الأخلاق السياسية، وقانون الانتخابات، وقانون الأحزاب السياسية، والشفافية، وتعزيز سلطة الرقابة والإشراف البرلماني، وخاصة فيما يتعلق بالميزانيات.

وكما هو معلوم كان أحد أسباب نجاح استفتاء التحول للنظام الرئاسي في 2017، أن الحكومات الائتلافية في النظام البرلماني كانت تتسبب في أزمات سياسية، وحالة من عدم الاستقرار، ولهذا ستُحاول المعارضة من خلال المشروع الجديد تجنُّب الأسباب المؤدية للأزمات.

وكذلك الحال، فإنه وفقاً لآراء قادة المعارضة الستة المجتمعين، فإن موقع رئيس الدولة هو موقع رمزي، ولذلك لن يكون الرئيس تابعاً لحزب، وسوف تقتصر صلاحياته على تمثيل الدولة فقط.

من الواضح أن صورة 6 زعماء لأحزابٍ معارضةٍ، مجتمعين على طاولة واحدة، كانت بحد ذاتها هدفاً إعلامياً، خاصة أن اللجنة التي أقامتها بعض هذه الأحزاب لتوحيد مقترحات النظام البرلماني لم تنجح حتى الآن في الاتفاق على نص واحد، بعد 3 أشهر من العمل، ولذلك كان من الضروري لهذه الأحزاب إعطاء صورة بأنها متحدة، قبل الحديث عن التفاصيل.

وكما يقال، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، ولهذا لقي اقتراح يقال إنه من أحمد داود أوغلو، يدعو لتسريع وحدة المعارضة، وتسريع استعداداتها، قبولاً من بقية الأحزاب. كما أن زعيم حزب الشعب الجمهوري معنيّ بوجود أحزاب أخرى إلى جواره، ما عدا الحزب الجيد؛ لأن زعيمة الحزب الجيد تدعم ترشيح إمام أوغلو، وليس كليجدار أوغلو؛ ولهذا يحاول كليجدار أوغلو أن يستفيد من هذا التجمع المعارض.

ومن جهة أخرى يُقدم كل من داود أوغلو وعلي باباجان أفكاراً وتصورات سياسية واقتصادية، من واقع خبرتهما بالعمل خلال حكومات حزب العدالة والتنمية، فضلاً عن وجود إمكانية ولو قليلة لجذب الناخبين المحافظين، وينضم لهم في هذا الأمر حزب السعادة.

وبالطبع تم توجيه العديد من الانتقادات للمعارضة، بأنها لا تستطيع الإجماع على مرشح واحد، ولا على مشروع واحد، هذا عندما كان التحالف مكوناً من حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد، ولهذا مع انضمام 4 أحزاب جديدة لديها الكثير من الاختلافات الأيديولوجية، ولدى بعض زعاماتها كاريزما خاصة، فإن التحدي سيزداد، ولن يقلّ، وعلى سبيل المثال فقد بدأ وزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو من اللحظة الأولى بالمطالبة بتغيير اسم تحالف الأمة، الذي يعد تحالفاً انتخابياً، والانتقال من التعاون المرن في مرحلة الانتخابات إلى تحالف مشترك دائم.

وبالتالي سيكون على جدول الأعمال تشكيل ائتلاف معارض، يُعلن عن أجندته السياسية، ويتقاسم المسؤوليات والمهام؛ لتحقيق الوصول إلى السلطة بشكل متفق فيه على الملفات التي ستكون من ضمن اختصاص كل أعضاء التحالف، أو الائتلاف المعارض.

ختاماً، ما زال تحالف المعارضة أمام تحدي اختيار مرشحه للرئاسة، وهل ستكون خصائص المرشح على قياس النظام البرلماني الرمزية للرئيس، أم قوية على قياس النظام الرئاسي، ولو افترضنا فوز هذا المرشح، فهل سيعمل على الانتقال للنظام البرلماني، وهل لو تم التوجه للنظام البرلماني، هل ستستطيع المعارضة النجاح من خلال البرلمان أو من خلال استفتاء؟ كما أن هناك تحديات حول تقاسُم المكاسب، في حال سيناريو فوز المعارضة.

وفي الحقيقة هناك سؤال عن هوية صاحب القرار في هذا التحالف، هل هو رأس المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، أم ميرال أكشينار زعيمة الحزب الجيد؟ وما دور داود أوغلو وباباجان في صنع القرار؟ وهذا بحد ذاته مصدر زعزعة لاستقرار التحالف، وحتى الحزب الديمقراطي الذي يعد أصغر الأحزاب يقال إن زعيمه أيضاً ليس من النوع الذي يتم إرضاؤه بسهولة.

إن تحالفاً من ستة رؤوس هو تحالف يحمل معه أسباب هشاشته، واحتمالات اختلافه، ولكن لا بد من الانتظار لرؤية هل سيستطيع قادة الأحزاب الستة الخروج بنص مشترك أم لا، لا بد أن حزب العدالة والتنمية والحركة القومية أيضاً يرقبان مسار عمل هذه الأحزاب، وبالطبع إن استطاعت هذه الأحزاب التفاهم، وضمنت دعماً غير مباشر من حزب الشعوب الديمقراطية، فسوف يكون الأمر خطيراً جداً على حزب العدالة والتنمية.

بواسطة / محمود الرنتيسي
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.