المعارضة التركية.. نظام برلماني معزّز ونظام دفاع جوي ضعيف!

شهدنا في الآونة الأخيرة تنافسًا بين زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، ورئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار في إرسال التحيات إلى الغرب و”كتابة الرسائل”.

ومن ذلك ما صرح به كليجدار أوغلو في تصريحات لوكالة رويترز، حول مسألة منظومة الدفاع الجوي الروسية إس-400، وكان من اللافت تصريحاته التي زايدت على موقف الولايات المتحدة ذاته.

وفي إشارة إلى أنه سيعيد هذه المنظومة إلى روسيا فيما لو فاز بالسلطة، تابع بالقول “لأجل من نستخدمها؟ من أجل سوريا؟ أم إيران؟ أم اليونان؟ إلى الآن لا يوجد جواب لهذا السؤال”.

لكن في الحقيقة يعتبر جواب هذا السؤال في صلب السؤال يا سيد كليجدار أوغلو، بمعنى آخر؛ نعم قد تكون هناك حاجة لاستخدام نظام الدفاع الجوي من أجل جميع البلدان التي سردها كليجدار أوغلو.

إن سبب شراء هذا النظام في الأصل هو حماية الأراضي التركية من الصواريخ الباليستية التي يمكن إطلاقها سواء من سوريا أو إيران أو اليونان أو أي منطقة أخرى في المنطقة.

منظومة إس-400 بيد الجنود والموظفين الأتراك

لنتذكر مرة أخرى، حينما سألنا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول تصريحات كليجدار أوغلو عن منظومة إس-400، خلال عودته من جولته الإفريقية قبل أسبوع، أدلى الرئيس أردوغان بتصريحات يمكن أن تشكل إجابة على تصريحات كليجدار أوغلو، كما قدّم معلومات مفصلة حول حالة البطارية الأولى التي وصلت إلى تركيا في صيف 2019.

يقول أردوغان “لماذا اشترينا منظومة إس-400! لقد تحدثنا كثيرًا حول ذلك، وأطلعنا الرأي العام على أسباب ونتائج ومراحل هذه العملية. على الرغم من ذلك هناك من يتساءل عن سبب شرائها بطريقة لا تشير إلا إلى جهله التام بما يجري سواء في منطقتنا أو العالم”.

جواب الرئيس أردوغان حول صواريخ إس-400، يعني:

1- استخدام هذه الصواريخ سيكون بشكل مستقبل دون الاندماج في نظام الناتو

2- الأتراك هم من يستخدمون هذه الصواريخ دون إشراف أو سلطة لأي جهة

3- لن يكون هناك أفراد روس في عملية استخدام هذه الصواريخ.

دعونا نضيف شيئًا آخر، على عكس ما يعتقده البعض حول صواريخ إس-400 من حيث أنها لا تزال قيد الانتظار، بل تم تركيبها وإجراء اختباراتها وباتت قابلة للاستخدام بالفعل وقت الحاجة.

لم تهذب الولايات المتحدة أكثر من ذلك حينما شاهدت المقاومة

لقد أشرنا إلى أن الولايات المتحدة أيدت قرار تركيا في شراء صواريخ إس-400 إلى حد ما.

المقصود هو، أن إدارة واشنطن نفذت عقوبات محدودة بعد الدفعة الأولى من صفقة صواريخ إس-400. لكن إذا لاحظنا فإنها توقفت عند هذا الحد فحسب.

لم تصرح واشنطن مثلًا أن العقوبات لن تتوقف إلى حين إعادة منظومة الصواريخ هذه إلى روسيا.

ونتيجة لذلك، نجد أن واشنطن بعد فرضها بعض العقوبات المحدودة حينما وجدت عزم تركيا وتصميمها في هذه المسألة، أذعنت لبقاء النظام الأول من الصواريخ في تركيا.

حينما كنا نناقش تصريحات كليجدار أوغلو حول صواريخ إس-400، ااشتعلت الحرب في أوكرانيا. وفي اليوم الذي بدأت فيه الحرب، قاطع السيد كمال برنامجه في “دنيزلي” التركية، ليعود إلى أنقرة قائلًا “هناك مسؤولية يحملني إياها التاريخ”.

تصريحات أكشنار: مثل طلبات منصة تقسيم!

في يوم غزو أوكرانيا، شاركت رئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار، وجهات نظر مثيرة للاهتمام عبر منصات التواصل الاجتماعي.

كانت المطالب التي ذكرتها أكشنار شبيهة بتلك الشروط التي أعلنتها ما يعرف بمنصة تقسيم في أحداث “غيزي بارك” منتصف 2013.

لقد طرح المتحدثون باسم منصة تقسيم مطالب لا يمكن فهمها في الواقع، على سبيل المثال طالبوا بإيقاف بناء الجسر المعلق الثالث في تركيا إلى جانب مطار إسطنبول، من أجل وقف الاحتجاجات.

بطبيعة الحال، هذه المطالب ساعدت في فهم خليفة احتجاجات غيزي بارك.

والآن يبدو أن مطالب أكشنار التي نشرتها مؤخرًا عقب غزو أوكرانيا، شبيهة بشروط منصة تقسيم.

بماذا طالبت أكشنار؟

طالبت السيد أكشنار بما يلي:

1- على تركيا التخلص من نموذج العلاقة غير المتكافئة مع روسيا.

2- يجب التخلص بشكل عاجل من منظومة إس-400 التي أضعفت تركيا.

3- تأميم محطة “آق قويو” النووية بشكل فوري.

4- إيقاف مشروع قناة إسطنبول الذي قد يعرض استقرار المنطقة للخطر.

هذه المطالب لا تعني في الحقيقة سوى دعوة من أجل إنهاء العلاقات مع روسيا وتحويل وجهنا نحو الغرب بشكل كامل.

لا يوجد في الحقيقة سوى تفسير واحد لتصريحات كل من ميرال أكشنار وكليجدار أوغلو، حول صواريخ إس-400 والتخلص منها، بعد قطع شوط طويل في هذه المسألة وتركيب تلك الصواريخ وإتمام عملية الشراء وتراجع الحديث السلبي عن العلاقات مع الولايات المتحدة، والأهم من ذلك في ظل تطاير الصواريخ الباليسيتية في الهواء بعد غزو أوكرانيا.

هذا التفسير في الواقع هو المحاولة في استخدام الرياح التي تهب من الغرب لصالحهم بينما تسير تركيا نحو الانتخابات.

نظرًا لوجود خلافات لا تزال قائمة بين أكشنار وكليجدار أوغلو، والعديد من النقاط التي لا تزال عالقة مثل مسألة المرشح الرئاسي المشترك، يلاحظ أن كلا الاسمين كان عليهما اللعب بشكل أكثر انفتاحًا من أجل الحصول على هذا الدعم، ولقد حاولا توضيح ترجيحاتهما .

محمد آجات بواسطة / محمد آجات 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.