الحرب الروسية الأوكرانية تضعضع الاقتصاد التركي.. سيسوء في الأيام القادمة

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثالث لا يزال الاقتصاد التركي يعيش حالة من الضعضعة والتذبذب على الرغم من البنية الاقتصاجدية الكبيرة التي تتمتع بها تركيا.

وفق مراقبين فإن حال الاقتصاد التركي هو حال العديد من الاقتصادات العالمية التي تأثرت بالحرب الأوكرانية مع اختلاف تداعياتها من من دولة إلى أخرى.

وفي هذا الشأن يقول الخبير الاقتصادي فراس شعبو في تصريحات له إن الاقتصاد التركي تأثر بشكل كبير منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، مستدلا بأسعار  الوقود التي تشهد تقلبات حادة .

وأضاف شعبو أن تركيا في الأساس تعاني من أزمة اقتصادية داخلية وعدم استقرار بأسعار الصرف، لذلك فإن تأثرها بالغزو الروسي على أوكرانيا سيكون أشد وأقوى من غيرها”.

ولفت إلى أن أكبر الاقتصادات المتأثرة بالحرب كان قطاع السياحة التي تعد أحد الأجزاء الهامة في الاقتصاد التركي،كونها تعتمد بشكل كبير على السياح الروس والأوكران، لافتا إلى أن العقوبات على روسيا أيضا ستلقي بأثقالها على الاقتصاد التركي.

وأوضح شعبو أن تراجع معدلات السياحة الوافدة لأراضي تركيا من روسيا وأوكرانيا، واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة، سيشكّل خطرا كبيرا على الاستقرار، لافتا إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والوقود، سينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج، وبالتالي على أسعار المنتجات.

اقرأ أيضا/الاقتصاد التركي يحقق قفزات من النمو في 2021

وقدم الخبير الاقتصادي عدة مقترحات على الحكومة التركية أولها التحرك بشكل فوري وإنشاء خطط سريعة لإنقاذ الوضع المتدهور.

والثاني بعض الإصلاحات كالتسهيلات الائتمانية والتسهيلات الضريبية وإعفاء التجار والصناعيين من بعض الضرائب قد يساهم في إنعاش الاقتصاد التركي، الذي يعاني من مشاكل قديمة.

وتوقع شعبو بأن تكون الأيام القادمة سيئة للغاية على الاقتصاد التركي، منوها إلى أن استمرار ارتفاع أسعار النفط والطاقة، سيعني ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي ازدياد التضخم في الأسعار بشكل كبير.

وختم حديثه بنصيحة للمستثمرين في تركيا بالهدوء والتروي والحرص قدر الإمكان على اتباع أساليب تخفف من الخسارات المتوقعة في ظل التقلبات الحادة للأسواق، كتحديد الأسعار على أساس الدولار.

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا أثبتت مقاومته للصدمات مجددا من خلال قوتها الإنتاجية والتوظيفية، في الوقت الذي كشف فيه عن حجم الودائع المحمية لليرة.

وقال أردوغان إن بلاده ستتجاوز المشاكل التي تعانيها حاليا خلال فترة وجيزة كما فعلت في الماضي.

واضاف خلال كلمة ألقاها خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” بالبرلمان: “بفضل أسسنا الاقتصادية القوية والسياسات الفعالة التي نفذناها، بتنا أحد الاقتصادات التي أظهرت أسرع قدرة على التعافي خلال فترة الوباء (كورونا)”.

ولفت أردوغان إلى أن الاقتصاد العالمي عندما انكمش 3.1 بالمئة عام 2020، حقق الاقتصاد التركي نموا بنسبة 1.8 بالمئة، لتكون تركيا والصين الدولتين الوحيدتين اللتين سجلتا نموا إيجابيا في تلك الفترة.

وشدد على أن إدارته ستعمل خلال الفترة المقبلة اتخاذ كافة التدابير من أجل ضمان أمن إمدادات السلع واستقرار الأسعار”.

وفيما يخص نظام الإيداع المحمي من تقلبات أسعار الصرف، أوضح الرئيس أردوغان أن المواطنين أبدوا اهتماما كبيرا به، مشيرا أن إجمالي الودائع فيه بلغ نحو 550 مليار ليرة تركية.

وأشار إلى أن بلاده ليست الوحيدة التي تعاني من التضخم، وإنما الدول المتقدمة تواجه المشاكل نفسها، موضحا أنه ما لم تؤخذ هذه الحقيقة بالحسبان فإن كل تقييم سيكون ناقصا وخاطئا.

اقرأ أيضا/ أردوغان يمد يده لبوتين: الحرب خطأ ولن نتخلى عن روسيا ولا عن أوكرانيا

من جانب آخر أكد وزير الطاقة والموارد المحلية التركي فاتح دونماز أن بلاده تنتج نحو 60 بالمئة من احتياجات الطاقة الكهربائية بإمكاناتها المحلية.

وقال دونماز في تصريحات له إن كل العالم يعاني حاليا من أزمة كبيرة في الطاقة، لافتا إلى أنه سيبدأون استخراج الطاقة من البحر الأسود في الربع الأول من العام المقبل.

وأضاف إن احتياطي الغاز المكتشف في البحر الأسود، يكفي لسد الاحتياجات المنزلية مدة 30 عاما، مشيرا ان بلاده اكتشفت 540 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

ولفت دونماز في كلمة ألقاها خلال مشاركته عبر اتصال مرئي، في فعالية نظمتها جامعة يلدز التقنية، مشيرا إلى أن تركيا لديها خيارات عديدة من أجل تقليل اعتمادها على الخارج في الطاقة، أحدها التنقيب في البحار ومحطات الطاقة النووية والطاقة المتجددة.

وأكد الوزير التركي أن بلاده تواصل تركيا التنقيب عن الهيدروكربونات في مناطقها بالبحار بسفن الحفر فاتح، وياووز، وقانوني.

وفي وقت سابق أجرت تركيا زيادة حادة على أسعار الطاقة منذ بدء العام الجديد،كما أنها رفعت سعر الغاز الطبيعي متأثرة بالحرب الأوكرانية الروسية، في الوقت الذي تجتمع فيه لجنة استقرار الأسعار في البلاد للمرة الثالثة مساء اليوم.

وأوضحت شركة توزيع الغاز الطبيعي التركية بوتاس أن سعر الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء ارتفع 18.3 بالمئة.

وقالت في بيان لها، وفق متابعة تركيا الان أنه لم يطرأ تغيير على أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في المنشآت الصناعية والمنازل.

وأشارت إلى الزيادة لم تقتصر على الأراضي التركية فحسب بل طالت كل دول العالم، وذلك متأثرة بالحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.

وفي وقت سابق قال وزير المالية نور الدين نباتي أن الحكومة تدخلت في الأمر لدعم العملة المحلية بمجرد أن تجاوز سعر الصرف النقطة التي سيتم حلها من خلال إجراءات اتخاذ البنك المركزي.

اقرأ أيضًا/ بهذه الطريقة الحكومة التركية تغري المواطنين لتحويل الذهب إلى الليرة

وبين أن الأداة المالية الجديدة كشفت الطريق أمام المودعين ليحموا أموالهم بعد أن وفرت لهم نفس الحماية من خلال البرنامج الاقتصادي الجديد، مشيدا بحرص المواطنين الأتراك على بيع الدولار وإيداع مدخراتهم بالعملة المحلية، فور سماع تصريحات الرئيس، أردوغان يوم 20 ديسمبر.

وأشار الوزير التركي إلى أنهم سيلاحقون أولئك الذين يزعمون أن العملة سترتفع مرة أخرى وأن هيئة أسواق المال قد تقدمت أيضًا بشكوى جنائية ضدهم، مؤكدًا أن التقلبات الحالية في الليرة لا تبعث على القلق، وإنها ستعود إلى المستويات العادية.

وتوقع نباتي أن يكون التضخم مرتفعا في ديسمبر/كانون أول الجاري لكنه سيتحول إلى منحنى سلبي في وقت قصير، لافتا إلى أنهم سيبدأون النضال الصعب ضد هذا التضخم.

وتابع الوزير: “الأسعار ستعود إلى مستوياتها الطبيعية على أساس شهري وسيكون لذلك أيضًا تأثير إيجابي على معدلات التضخم، فضلا عن تأثير انخفاض أسعار الصرف”.

ولفت أن عام 2022 سيكون عامًا مستقرًا وسيشعر المواطنون تدريجياً بتخفيضات التضخم اعتبارًا من شهر يناير/كانون ثان المقبل، كما أن ستظهر التخفيضات على أساس شهري حتى عام 2023.

وأكد أن العام الجديد لن تكون هناك ظاهرة تضخم، لأننا دخلنا في حلقة مفرغة إيجابية وسنشهد تصحيحًا وانتعاشًا في العام المقبل.

وختم تصريحاته بتهديد كل من يتلاعب بأسعار المنتجات، لافتًا أن كافة الأجهزة ستبدأ شن حملات على كل من يخالف ويتجاوز.

المصدر: تركيا الان

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.