انظروا لما يجري ستجدون أن أردوغان محق

 

بينما كان يتحدث الرئيس التركي أردوغان أمام المجموعة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية، أمس الأربعاء، أدلى بتصريحات حول أحزاب المعارضة في إحدى محاور خطابه.

قال أردوغان أنه حين النظر إلى القضايا التي يعارضها ما أسماه “تحالف 28 فبراير/شباط”المعارض، “نستخلص إذن أن المعارضة:

– ستتخلى عن مكاسب تركيا، وتنهي العمليات العسكرية خارج الحدود، وتنسحب من الأماكن التي تتواجد فيها تركيا الآن.

– سيسلمون الاقتصاد التركي إلى صندوق النقد الدولي.

– سيغلقون استثمارات كبيرة في مجالات مثل الصناعات الدفاعية ومحطة الطاقة النووية.

– سيعيدون منظومة صواريخ إس-400 إلى روسيا.

– سيرمون مرحلة “أتاك” الهجومية وغيرها.

– سيدمرون مشاريع البناء والتشغيل والنقل.

– نفهم من ذلك أنهم سيجعلون هذه الخدمات شيئًا من الماضي، ويحولون تركيا إلى ظلام عصر الحزب الواحد.

كما هو معلوم فإن 6 أحزاب معارضة اجتمعت معًا بدعم نصف سرّي ونصفه الآخر علني من قبل حزب الشعوب الديمقراطي، وهي وإن كانت في الظاهر تظهر بتحالف من أجل التحول نحو الانتظام البرلماني مرة أخرى، إلا أن إمكانية تحول هذا المشهد إلى تحالف انتخابي هو أمر وارد بقوة مع اقتراب موعد الانتخابات.

على الرغم من أن هذه الأحزاب الستة ونضيف لها حزب الشعوب الديمقراطي، لا تترد في انتقاد بعضها وتبادل الاتهامات واللوم فيما بينها على العلن من وقت لآخر، لكنها في النهاية تحتاج إلى بعضها البعض من أجل الحفاظ على ادعاءتها بأنها تطمح للوصول إلى السلطة.

لكن السؤال الأهم، هو ما نوع السلطة التي سيبنونها فيما لو وصلوا إلى السلطة؟

ما هو شكل “تركيا” التي يتصورن؟

هل من الواضح موقفهم خلال الأزمات والأوقات الصعبة، مثل المرحلة التي نمر بها على سبيل المثال؟

هل سيفعلون كما فعل زيلينسكي؟

هل يعتقدون أن تركيا حينام تسلّم أمنها وسياستها الخارجية إلى الغرب وتفعل ما يأمرها بحذافيره، ستكون قادرة على حماية نفسها بهذه الطريقة؟

ألا يدفع زيلينسكي هذه الأيام التكلفة الباهظة لسياسة جمع البيض كله في سلة التحالف الغرب؟

ألم يدرك ولو بشكل متأخر قليلًا أنه أخطأ في حساباته، وأن عدم اتباعه سياسة أكثر توازنًا إزاء روسيا على حساب الاعتماد بشكل مفرط على الولايات المتحدة وأوروبا ساهم في إيصال البلاد إلى هذ الوضع اليوم بطريقة ما؟

أولئك الذين يقدمون مقترحات مماثلة لتلك الصادرة عن “منصة تقسيم”، مثلا تأميم محطة “آق قويو” النووية، وإعادة صواريخ إس-400 لروسيا، كيف ينظرون يا ترى لخيبة الأمل التي يعيشها زيلينسكي؟

لا يوجد شيء يمكن أن يتعلموه مما جرى ويجري لأخذ الدروس والعبر.

هل السياسة التي ستجلب المنفعة لتركيا تعتمد على الاستسلام والهروب أم تعتمد على سياسة خارجية متوازنة مع روسيا وأوكرانيا على حد سواء، وكذلك مع التحالف الغربي الذي تعتبر تركيا جزءًا منه؟

عندما نضع هذه الأسئلة سؤالًا تلو الأخرى، وننظر لتصريحات أردوغان أعلاه حول المعارضة، سنرى كم أن أردوغان محق.

معارضة اليوم هي معارضة ما قبل 120 عامًا!

أودّ اقتباس جزء مما كتبه الصحفي والمؤرخ التركي مراد برداكجي، مؤخرًا، قارن خلال ذلك بين الوضع الحالي للمعارضة والوضع في الفترة التي أطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني قبل أكثر من قرن من الزمن.

مقالات برداكجي تحكي كذلك كيف انهارت الإمبراطورية العثمانية بأكملها في 10 سنوات بسبب فوضى المعارضة وعدم دقة حساباتها، بشكل يشبه معارضتنا اليوم. كما يحكي برداكجي فهي في وضع شبيه بذلك الوقت.

ولذلك أقول، بما أن الجميع بمن فيهم بوتين يتحركون اعتمادًا على مراجع تاريخية، فمن الضروري إذن الاستماع بعناية لأفكار أشخاص يعرفون تاريخ تركيا الحديث بشكل جيد، مثل برداكجي.

أتابع اقتباسي مما كتبه من مقالات في الآونة الأخيرة، على الشكل التالي:

“الإطاحة بعبد الحميد الثاني بأي ثمن ومهما كلف الأمر، بما في ذلك الاستعانة بدول أجنبية والحصول على دعم منها لفعل ذلك، وفي المقابل ألم تفكروا بعرض بايدن حينما قال أنه بصدد التعاون مع المعارضة من أجل الإطاحة بأردوغان؟ لكن الأهم من ذلك ما الذي سيكون بعد الإطاحة بعبد الحميد؟ لا تفكير حول كيفية إدارة البلاد بعد تلك المرحلة!”.

ويصيف “معارضتنا اليوم لا تعيش عام 2022 في الواقع، بل تعيش في مرحلة سبقته بـ120 عامًا، أي مطلع القرن العشرين، حيث كان “الرحيل/الإطاحة” الشعار الوحيد لذلك الماضي! تلك الصيحات تتردد اليوم بصوت مختلف، ولو رحل أو أطيح به فلن تجدوا من يتحدث عما يجب فعله وما يجب تركه، أو عن الإجراءات التي ستتخذ لمواجهة الأزمات…”.

حين قراءة هذه التقييمات ومقارنتها مع تصور أردوغان لما تريده المعارضة بالفعل، ألا تتضح الصورة أكثر؟

محمد آجات بواسطة / محمد آجات  

تعليق 1
  1. محمد محمد يقول

    كلام صحيح مئة بالمئة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.