هل ستنجح الوساطة التركية في إنهاء الحرب؟

تنطلق أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي يوم الجمعة في مدينة أنطاليا التركية، بمشاركة عدد كبير من الوزراء ورجال الدولة والصحفيين من أنحاء العالم، لينبض قلب الدبلوماسية العالمية لمدة ثلاثة أيام في تلك المدينة السياحية الواقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط. كما ستشهد أنطاليا اجتماعا ثلاثيا يجمع وزراء خارجية روسيا وأوكرنيا وتركيا، في محاولة للتوصل إلى حل يرضي الطرفين الروسي والأوكراني، وينهي الحرب.

تركيا سعت قبيل الغزو الروسي إلى نزع فتيل الأزمة بين الدولتين اللتين تراهما صديقتين، وتربطها بهما علاقات ثنائية متينة، إلا أن سعيها باء بالفشل بسبب إلحاح بوتين على المضي قدما نحو تحقيق أهدافه. وها هي اليوم تبذل كل ما بوسعها من جهد لإنهاء الحرب الدائرة في الضفة الشمالية للبحر الأسود، لأن استمرارها يهدد أمنها واستقرارها ولو بطريقة غير مباشرة، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة واحتمال وصولها إلى مستويات غير مسبوقة، علما أن تركيا تعتمد على الواردات في النفط والغاز الطبيعي بشكل شبه كامل، وأن ارتفاع أسعار الطاقة يعني ضربة قاسية لخططها الاقتصادية.

تبذل كل ما بوسعها من جهد لإنهاء الحرب الدائرة في الضفة الشمالية للبحر الأسود، لأن استمرارها يهدد أمنها واستقرارها ولو بطريقة غير مباشرة، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة واحتمال وصولها إلى مستويات غير مسبوقة، علما أن تركيا تعتمد على الواردات في النفط والغاز الطبيعي بشكل شبه كامل، وأن ارتفاع أسعار الطاقة يعني ضربة قاسية لخططها الاقتصادية

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان بحث، الأحد، في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التوتر بين روسيا وأوكرانيا، ودعاه إلى إعلان عاجل لوقف إطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية. وجاء في بيان الكرملين أن بوتين أبلغ أردوغان بأن إنهاء العملية العسكرية التي أطلقتها القوات الروسية في أوكرانيا مرهون بقبول كييف مطالب موسكو. كما أن الجولة الثالثة للمفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني في مدينة غوميل البيلاروسية انتهت بلا نتيجة، وذكر رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي أن توقعات موسكو من المفاوضات مع الجانب الأوكراني لم تتحقق.

مطالب روسيا أعلنها المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاثنين، وقال لوكالة رويترز للأنباء إن روسيا تطالب أوكرانيا بوقف العمليات العسكرية، وتعديل دستورها لتكريس الحياد ورفض الانضمام إلى أي تكتل، والاعتراف بأن شبه جزيرة القرم أرض روسية، بالإضافة إلى الاعتراف بأن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين دولتان مستقلتان، مضيفا أن العملية العسكرية يمكن أن تتوقف في لحظة، في حال قبلت كييف هذه الشروط.

المؤشرات تشير إلى أن الحرب في أوكرانيا ستطول، في ظل إصرار بوتين على مواصلة الغزو حتى تحقق روسيا كافة أهدافها، كما أن نظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يؤكد عزم بلاده على الصمود ومقاومة الاحتلال. وهناك عوامل أخرى تدل على أن احتمال انتهائها في مستقبل قريب ضئيل للغاية

المؤشرات تشير إلى أن الحرب في أوكرانيا ستطول، في ظل إصرار بوتين على مواصلة الغزو حتى تحقق روسيا كافة أهدافها، كما أن نظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي يؤكد عزم بلاده على الصمود ومقاومة الاحتلال. وهناك عوامل أخرى تدل على أن احتمال انتهائها في مستقبل قريب ضئيل للغاية، كوصول آلاف من الأجانب المتطوعين للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني ضد القوات الروسية، واستعداد روسيا لنقل مجموعات من المرتزقة السوريين إلى أوكرانيا لاستخدامهم في حرب الشوارع، إضافة إلى إرسال بعض الدول الغربية كمية كبيرة من المساعدات العسكرية المختلفة والصواريخ المضادة للدبابات والطائرات إلى أوكرانيا.

روسيا أعلنت وقفا مؤقتا لإطلاق النار في خمس مدن أوكرانية، لفتح ممرات آمنة من أجل إجلاء المدنيين. وإن بدت الممرات الآمنة في الوهلة الأولى كخطوة إنسانية، فإنها في ذات الوقت تعني تفريغ المدن من سكانها، وتمهيدا لقصف تلك المدن بشكل عنيف في حال واجه الغزاة أدنى مقاومة فيها، كما تهيئ لتغير ديموغرافي لصالح المحتلين.

التطورات تسير حاليا باتجاه التصعيد. ومن المؤكد أن جمع وزيري خارجية الطرفين المتقاتلين في اجتماع ثلاثي بمدينة أنطاليا تشارك فيه أنقرة كوسيط، نجاح للدبلوماسية التركية، بغض النظر عن النتائج التي ستخرج منه، إلا أنه من الأفضل أن لا يرفع سقف التوقعات، لأن تركيا مهما كانت وسيطا محايدا وأمينا، فإنها ليست في موقع يمكن أن تضغط على الطرفين

الغزو الروسي لأوكرانيا تحول إلى لعبة عض الأصابع بين روسيا والغرب. وفرضت الولايات المتحدة والدول الأوروبية عقوبات على موسكو، كما أعلنت شركات عالمية عديدة وقف أنشطتها في روسيا، في محاولة لعزلها عن العالم. وفي خطوة تستهدف الاقتصاد الروسي، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حظرا كاملا على استيراد النفط والغاز والفحم من روسيا، ليرد الرئيس الروسي بحظر استيراد المنتجات والمواد الخام وتصديرها إلى خارج روسيا حتى نهاية العام الجاري، كما هددت موسكو بوقف ضخ الغاز الطبيعي إلى أوروبا، لتري الغرب أن يدها ليست فارغة، وأنها تملك أوراقا يمكن أن تجعل جميع دول العالم بما فيها الدول الأوروبية تعاني من تبعات العقوبات المفروضة عليها.

تركيا تسعى جاهدة إلى وقف الحرب في أوكرانيا، إلا أن التطورات تسير حاليا باتجاه التصعيد. ومن المؤكد أن جمع وزيري خارجية الطرفين المتقاتلين في اجتماع ثلاثي بمدينة أنطاليا تشارك فيه أنقرة كوسيط، نجاح للدبلوماسية التركية، بغض النظر عن النتائج التي ستخرج منه، إلا أنه من الأفضل أن لا يرفع سقف التوقعات، لأن تركيا مهما كانت وسيطا محايدا وأمينا، فإنها ليست في موقع يمكن أن تضغط على الطرفين لتجبرهما على التنازل، وأن بوتين ما زال يبدو بعيدا عن فكرة التراجع عن تحقيق كافة أهدافه في أوكرانيا.

هل ستنجح الوساطة التركية في إنهاء الحرب؟ بواسطة / إسماعيل ياشا 
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “تركيا الآن”
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.