في ذكرى ميلاده.. ماذا تعرف عن أعظم السلاطين العثمانيين محمد الفاتح؟

تحل اليوم ذكرى ميلاد أعظم سلاطين الدولة العثمانية محمد الفاتح في الثلاثين من مارس والذي ولد في عام 1429 في مدينة أدرنة.

ويعد الفاتح السلطان العثماني السابع في سلسلة آل عثمان يلقب بالفاتح وأبي الخيرات. حكم ما يقرب من ثلاثين عاماً كانت خيراً وعزة للمسلمين”.

حكم الدولة العثمانية بعد أن توفي والده عام 1451، وعمره لم يتجاوز آنذاك 19 عاما.

تمتع السلطان الفاتح بشخصية فذة جمعت بين القوة والعدل منذ تعومة أظفاره، كما فاق أقرانه منذ حداثته في كثير من العلوم التي كان يتلقاها في مدرسة الأمراء.

تميز بمعرفته لكثير من لغات عصره وميله الشديد لدراسة التاريخ، ممَّا ساعده فيما بعد على إبراز شخصيته في الإدارة وميادين القتال حتى إنه اشتهر أخيراً في التاريخ بلقب محمد الفاتح لفتحه القسطنطينية.

بعد تولِّيه السلطة أعاد تنظيم إدارات الدولة المختلفة، واهتم كثيراً بالأمور المالية فعمل على تحديد موارد الدولة وطرق الصرف منها بشكل يمنع الإسراف والبذخ أو الترف.

صب جهده على تطوير كتائب الجيش وأعاد تنظيمها ووضع سجلات خاصة بالجند، وزاد من مرتباتهم وأمدهم بأحدث الأسلحة المتوافرة في ذلك العصر.

أعد السلطان محمد الفاتح جيشاً كبيراً بلغ نحو مئتين وخمسين ألف مقاتل، وشرع بتجهيز الحصون والقلاع على أطراف القسطنطينية.

اقرأ أيضا/ إسطنبول.. “فاتحنامه” يروي سيرة السلطان الفاتح

حاول الإمبراطور البيزنطي ثنيه بالأموال ومعاهدات الصلح، غير أنه أصر على مهاجمة القسطينية يوم الثلاثاء 29 مايو/أيار 1453م، يقول المؤرخون أن  الهجوم النهائي كان متزامناً برياً وبحرياً، وكان الهجوم موزعاً على كثير من المناطق، ومع استبسال البيزنطيين وشجاعة العثمانيين كان الضحايا من الطرفين يسقطون بأعداد كبيرة.

بعد دخول قلب المدينة توجَّه محمد الفاتح إلى كنيسة آيا صوفيا وأمر بعد ذلك بتحويل الكنيسة إلى مسجد وأن يعد لهذا الأمر حتى تقام بها أول جمعة قادمة.

توسعت الدولة العثمانية في عهد محمد الفاتح بسبب الفتوحات التي فتحها واشتهر في جميع أنحاء العالم، واعتبر المؤرخون عهده نقطة انتقالية من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة.

وبعد ثلاثين عاما من الحكم توفي السلطان محمد الفاتح يوم 3 مايو/أيار 1481م عن عمر ناهز 49 عاماً.

وصل خبر موت السلطان إلى البندقية بعد 16 يوماً، وجاء الخبر في رسالة البريد السياسي إلى سفارة البندقية في القسطنطينية بجملة واحدة: “لقد مات العقاب الكبير”.

وبعد وفاته بقيت أوروبا تدق أجراسها ثلاثة أيام فرحا بموته، لما سببه لهم من مآسٍ، إضافة إلى تأديتهم صلاة الشكر.

يقول المؤرخون أن السلطان الفاتح دفن  بالمدفن المخصوص الذي أنشأه في أحد الجوامع التي أسسها بإسطنبول، وسُمّي الجامع باسمه “جامع الفاتح”، ويقصده المسلمون من جميع بقاع الأرض لزيارة ضريحه كما يقصده السياح، بعد أن ترك سمعة مهيبة في جميع أصقاع الأرض، وحقق في حياته مع الفتوحات الكثير من الإنجازات اﻹدارية الداخلية.

اقرأ أيضا/ في ذكرى الفتح.. إسطنبول تتزين بصورة السلطان محمد الفاتح

تميَّز عهد مُحمَّد الفاتح بِالتمازج الحضاري الإسلامي والمسيحي، بعدما هضمت الدولة العُثمانيَّة الكثير من مؤسسات الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وعملت على إحياء بعضها وصبغه بِصبغة إسلاميَّة جديدة.

انتعشت عاصمة الروم العتيقة، وأصبحت إحدى أهم المراكز الثقافيَّة في العالم الإسلامي، لا سيَّما بعدما ابتنى فيها السُلطان عدَّة مدارس ومكتبات وتكايا ومُؤسساتٍ خيريَّةٍ ووقفيَّة، وأبقى فيها الكثير من أبنائها الأصليين من المسيحيين واليهود في سبيل الاستفادة من خبراتهم، وشجَّع المُسلمين على الانتقال إليها في سبيل الاستفادة من مزاياها التجاريَّة وعلم أهلها.

وقد ظهر السُلطان مُحمَّد بِمظهر راعي بطريركيَّة القُسطنطينيَّة الأرثوذكسيَّة المسكونيَّة في مُواجهة البابويَّة والكنيسة الكاثوليكيَّة.

وشهد عهد مُحمَّد الفاتح أيضًا دُخُول أعدادٍ كبيرةٍ من الأرناؤوطيين والبُشناقيين في الإسلام، وقد قُدَّر لِبعض هؤلاء أن يلعب أدوارًا بارزةً في الميادين العسكريَّة والمدنيَّة في التاريخ العُثماني لاحقًا.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.