أزمة “المرشح الرئاسي” عند المعارضة التركية

 

يقول زعماء المعارضة في تركيا أنهم لن يفصحوا عن المرشح الرئاسي أيًّا يكن قبل موعد الانتخابات المقرر.

كذلك صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، حينما بت بالأمر في إشارة إلى عزم المعارضة على عدم إعلان اسم المرشح قبل الانتخابات.

طبعًا لا ينبغي أن نفهم من ذلك أنهم اختاروا فيما بينهم المرشح الرئاسي وبات محددًا، إلا أنهم لن يعلنوا عن اسمه.

فهناك خلافات عميقة بين زعماء الأحزاب الستة المتحالفة تحت سقف واحد حول هذه المسألة، ولا يبدو أن هذه الخلافات يمكن حلها بسهولة.

من وجهة نظر المعارضة فإن إخفاء اسم المرشح وعدم إعلان اسمه قبل أن تحين الانتخابات يهدف إلى صون اسم المرشح وعدم حرق بطاقته، تبدو وكأنها خطة ذكية؛ لكن من الواضح أن هناك سببًا آخر وراء ذلك:

عدم وجود أرضية توافق على طاولة المعارضة.

في الحقيقة يتحدث حزب الشعوب الديمقراطي حول اسم مناسب له، وبالمناسبة هذا الحزب (الشعوب الديمقراطي) هو موجود “بروحه” في تحالف المعارضة الستة وإن لم يكن موجودًا على الطاولة بشكل فعلي.

حسبما صرح زعيم الشعوب الديمقراطي التشاركي السابق، صلاح الدين دميرتاش، من مقر احتجازه في “أدرنة”، فإن هذا الاسم هو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، حيث قال؛ “شخصيًا أحاول متابعة السيد أكرم، أستطيع رؤية مقابل اجتماعي لمنطقة الأناضول في شخص إمام أوغلو”.

على الرغم من أن دميرتاش حاول في تصريحه عدم البت بالأمر بعد، لكن ذكر اسم إمام أوغلو على وجه الخصوص بين عدة مرشحين يدو النقاش حولهم يشير إلى أن تصريحه نابع عن اختيار وترجيح.

يمتلك إمام أوغلو 3 مزايا لكن لديه عيبان!

يتمتع إمام أوغلو بالعديد من المزايا الجديرة بالاهتمام من قبل صانعي القرار.

أولًا: كما توحي تصريحات ديمرتاش، فإن إمام أوغلو هو المرشح المفضَل بالنسبة للشعوب الديمقراطي.

ثانيًا: يتمتع باهتمام ملحوظ من الخارج والغرب، مثل الزيارات المتبادلة مع سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا على سبيل المثال.

ثالثًا، ترؤسه لبلدية إسطنبول وما تتمتع به من إمكانيات هائلة تستقطب جزءًا كبيرًا من أصحاب المصلحة من المعارضة عبر استغلال وتوظيف هذه الفرص.

لكن مقابل هذه المزايا الثلاثة، هناك عيبان مهمان لدى إمام أوغلو.

الأول: إمام أوغلو ليس صانع قرار في نهاية المطاف فيما يتعلق بمسألة المرشح الرئاسي، فضلًا عن كونه تحت تأثير منافس محتمل له الكلمة الأخيرة في هذا الأمر وهو رئيس حزبه الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو.

الثاني: تشير معظم استطلاعات الرأي إلى تفوق بالغ لرئيس بلدية أنقرة من الشعب الجمهوري، منصور ياواش، على نظيره إمام أوغلو في مسألة الترشح للرئاسة.

سمعت قبل بضعة أشهر أن إمام أوغلو اقترح على كليجدار أوغلو أن يُحدد اسم المرشح الرئاسي استنادًا إلى استطلاعات الرأي.

وتعليقًا على ذلك، أرى أن مسألة تحديد المرشح الرئاسي إذا ظلت عالقة بين صانعي القرار من الأحزاب المعارضة الستة، فقد يكون الخيار المرجّح بالفعل اللجوء إلى استطلاعات الرأي من أجل اختيار الاسم الأكثر حظوظًا.

من خلال النظر إلى زعيم الحزب الديمقراطي، غولتكين أويصال، أحد الأحزاب الستة المعارضة ضمن تحالف واحد، يبدو في الظاهر أنه الأكثر هدوءًا واتزانًا وبعيدًا عن الأخذ والرد.

لكنه في الحقيقة ليس بهذه الصورة إطلاقًا.

يبدو أنه جالس على هذه الطاولة لمهمة خاصة جدًا.

قبل أيام قليلة حينما انتشرت شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي حول أن هاشم كليتش الرئيس السابق للمحكمة الدستورية قد يكون هو المرشح الرئاسي، دخل زعيم الحزب الديمقراطي أويصال على الخط بقوة غير مكترث ببقية حلفائه من أحزاب المعارضة.

نلاحظ أنه صرّح عبر مواقع التواصل قائلًا: “هناك ثلاثة مقاييس يضعها الشعب التركي بعين الاعتبار فيما يتعلق بالترشح للرئاسة التركية؛ أولًا: أن لا يكون هذا المرشح شريكًا في المسؤولية في ظل عشرين عامًا من عهد العدالة والتنمية الحاكم. الثاني: أن يكون مؤهلًا. الثالث: أن يتصرف بروح تأسيس الجمهورية من جديد بعد الانتخابات ليمسح عشرين عامًا مضت في ظل العدالة والتنمية”.

من الملاحظ أن الجميع ركز فقط على الشق الأول من تصريحات أويصال، باعتبار ما قاله يتعلق بالعملية السياسية بشكل مباشر. لكن بالنسبة لي أرى الشق الثالث هو الأكثر أهمية.

من يعي مفهوم هذا الكلام يدرك لغة الوصاية الطاغية عليه.

إن إعادة الدولة إلى ما قبل 20 عامًا تعني التوق إلى إعادتها لعهد انقلاب 27 مايو/أيار على خط الوصاية العسكرية.

للأسف هذا الكلام يصدر عن زعيم الحزب الديمقراطي الذي أسسه الراحل عدنان مندريس الذي راح ضحية انقلاب 27 مايو/أيار.

هذا يعني أن لزعيم الحزب الديمقراطي أويصال مهمة من هذا النوع على طاولة تحالف المعارضة.

مهمته إعادة تركيا إلى عهدها القديم؛ تركيا القديمة.

حسنًا، فهمنا ذلك، لكننا نتساءل حول شيء آخر: ما الذي يفكر به زعماء بقية أحزاب المعارضة ضمن هذا التحالف الذي يجمعهم مع أويصال، حينما سمعوا كلام الأخير؟

محمد آجاتبواسطة / محمد آجات 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.