في ظل التوتر القائم بالمسجد الأقصى.. ما مصير التطبيع بين تركيا وإسرائيل؟

لا تزال الأحداث في المسجد الأقصى هي حديث الساعة في الأراضي الفلسطينية، وهي قد تكون بمثابة قنبلة لتخريب مسار التطبيع بين تركيا وإسرائيل.

ووفق مراقبين فإن تركيا لطالما أكدت عبر مسؤوليها  أن الفلسطينيين والقدس والمسجد الأقصى يشكلون الخطوط الحمراء لتركيا، وأن ما يجري يزعجها.

وفي هذا السياق يقول الكاتب التركي برهان الدين دوران في تقرير  نشرته صحيفة “صباح”، إن الأحدث في الأراضي الفلسطينية وفي المسجد الأقصى خصوصا وإصرار المستوطنين المتطرفين على دخول المسجد الأقصى أدى إلى أزمة تختبر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

وأوضح أن الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية أظهرت أن تطبيع العلاقات يخضع لسلسلة من الاختبارات.

وأشار دوران أنه على الرغم من أن إنشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي معا يشكل شراكة هامة للمصالح التركية الإسرائيلية في مجال الطاقة، إلا أن القدس والمسجد الأقصى غالبا ما يكونان في موضع قد يشكل أزمة.

ولفت المحلل السياسي أن أنقرة تتعامل مع القضية بشكل حاسم معتبرة أن عملية التطبيع هي أيضا لصالح الفلسطينيين، ولكن لكي لا تكون العملية هشة، يجب أن تكون التوقعات والمواقف وإدارة العملية واضحة.

وأضاف: يحتاج الرأي العام في تركيا وإسرائيل  إلى أن يرى أنه يمكن التغلب على الأزمات بحوارات معقولة، مشيرا إلى أن السياسة الإسرائيلية قد تحولت إلى اليمين خلال عهد نتنياهو، وميزان (60/ 60) في الكنيست الإسرائيلي يدفع حكومة بينيت إلى التصرف بحذر أكبر.

وبين أن تأثير الدوائر في “إسرائيل” التي تعتقد أنها لا تحتاج إلى تطبيع مع تركيا مهم جدا، كما أن هناك تأثيرات غير مباشرة لبعض الجهات الفاعلة إقليميا التي لا تحبذ تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

وفي وقت سابق بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى واعتداءاتها على المصلين الفلسطينيين.

وأضاف أردوغان أنهما تباحثا خلال الاتصال قضايا إقليمية ودولية، على رأسها التطورات في القدس، والحرب الروسية الأوكرانية، مشيرا إلى رفضه القاطع وإدانته الشديدة للاقتحام والاستفزازات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى.

ولفت إلى أنه بحث مع غوتيرش الخطوات المشتركة الممكن اتخاذها من أجل السلام في المنطقة.

وفي سياق متصل أجرى الرئيس أردوغان اتصالا هاتفيا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وأدان بشدة التدخل الإسرائيلي ضد المصلين في المسجد الأقصى.

وتمنى أردوغان خلال اتصاله الشفاء للجرحى وبالرحمة للشهداء جراء الهجمات الإسرائيلية، مؤكدا أن بلاده ستقف في وجه التهديدات والاستفزازات ضد المسجد الأقصى.

وشدد على أن  تركيا ستكون دائما إلى جانب فلسطين، مشيرا إلى ضرورة عمل الفلسطينيين من أجل الوحدة والمصالحة.

اقرأ أيضا/ تركيا: المسجد الأقصى والقدس خط أحمر

ومؤخرًا أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية، عن استئنافها تنظيم رحلات إلى القـدس المحتلة، اعتبارًا من تاريخ 4 يناير 2022.

وقالت الشؤون الدينية في بيان لها إنها بدأت قبول طلبات الانضمام إلى الرحلة الأولى، حتى 10 ديسمبر 2021، مُشيرة إلى أنّ مرشدين ومختصين سيرافقون زوّار القدس طيلة الرحلات بهدف تقديم المعلومات لهم خلال الزيارة.

وأوضحت أن الرحلات ستتم في ظل تدابير الوقاية من وباء “كورونا”، مشيرة إلى أنّها تعتزم تنظيم 37 رحلة إلى القدس طيلة عام 2022.

وتوجد في الولايات التركية جميعها المئات من شركات السياحة والسفر التي تقدم عروضا لزيارة القدس ضمن برامج متكاملة تشبه إلى حد كبير أسلوب رحلات الحج والعمرة إلى الديار المقدسة.

وفي إحصائية تركية تشير إلى أن معدل الزيارات لمدينة القدس التي يقوم بها الأتراك 15 ألف زيارة في العام الواحد.

غير أن هذه الزيارة التي يجريها الأتراك تثير جدلا بين فريقين الأول يرى أنها تطبيع مع الاحتلال من بوابة إذن الدخول والأختام الإسرائيلية على جوازات السفر، والفريق الآخر يرى في زيارة المدينة تواصلا معها وتثبيتا لأهلها على أرضهم.

وفي هذا السياق يقول الإعلامي والكاتب التركي أحمد فارول في تصريحات له إن زيارات الأتراك للقدس لا تعد شكلا من أشكال التطبيع مع إسرائيل، نظرا إلى أن تركيا تقيم علاقات دبلوماسية معها من الأساس.

كما أن الزوار الأتراك للقدس يتوجهون إلى المدينة المقدسة للسياحة الدينية فحسب، غير أنه ينبه الكاتب التركي إلى أنه على شركات السياحة والسفر التركية التي تنقل الزوار إلى القدس أن تتجنب الاستعانة بأدلاء ومرشدين سياحيين إسرائيليين.

وأرجع السبب إلى أن المرشدين الإسرائيليين قد يقدمون معلومات مغلوطة أو خاطئة إلى الزوار الأتراك للتشكيك في هوية القدس الإسلامية والميراث الإسلامي بالمدينة.

وأوضح فارول أن إسرائيل تشعر بالقلق والانزعاج من زيارات الشعب التركي للقـدس، وهو أمر يستند إلى تقارير إخبارية إسرائيلية تزعم أن تركيا انخرطت في تشجيع انتفاضة القدس الأخيرة والعمل على إذكائها.

واستذكر أنه في عام 2018 اعتقلت إسرائيل مجموعة من السياح الأتراك أثناء وجودهم بالقدس وحققت معهم وأعادت عددا منهم إلى تركيا، خوفا من تقديم الدعم المالي والمعنوي للمقدسيين.

اقرأ أيضا/نائب الرئيس التركي: القـدس عاصمة فلسطين وستبقى كذلك

وفي وقت سابق قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن “حماية شرف وعزة مدينة القدس دين في رقبة كل مسلم”.

جاء ذلك في سلسلة تغريدات نشرها أردوغان على حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء. وكانت عبارة عن مقتطفات من كلمة ألقاها خلال مشاركته في برنامج إفطار رمضاني التقى خلاله مع أمهات من ولاية ديار بكر(جنوب شرق) يعتصمن. أمام مقر “حزب الشعوب الديمقراطي” بالولاية.

وفي كلمته تطرق الرئيس التركي إلى تطورات الأوضاع في مدينة القدس المحتلة، وقال في هذا الصدد إن “المقصود بهذا الهجوم الذي تشهده القدس إلى جانب أخوتنا الموجودين هنالك. كل مسلم يطوف بالكعبة في مكة، وموجود بحضرة نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام في المدينة”.

كما وأضاف قائلا “المعني بهذا الهجوم أيضًا كل مسلم يعيش في إسطنبول، وديار بكر، وبغداد، والقاهرة. وإسلام آباد(عاصمة باكستان)، وجاكرتا(عاصمة إندونيسيا)، وكوالالمبور(عاصمة ماليزيا)، وباكو(عاصمm أذربيجان)”.

واستطرد أردوغان قائلا “أدعو العالم بأسره وفي مقدمته بلدان العالم الإسلامي إلى التحرك بشكل فعّال لمواجهة هذه الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى، والقـدس، ومنازل الفلسطينيين”،

كما وشدد الرئيس التركي على أن “حماية شرف وعزة مدينة القـدس دين في رقبة كل مسلم. فالعالم الذي يعجز عن حماية القدس والمسلمين، قد خان نفسه بنفسه، ونزع فتيل قنبلة من شأنها أن تدمره”.

المصدر: تركيا الان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.