وساطة تركيا الناجحة أنقذت ملايين البشر

ضمنت الدبلوماسية الناجحة للرئيس أردوغان في الصراع الأوكراني سيطرة أنقرة على طرق الطاقة وتفوقها في الساحة الدولية.

 

وبدأت أجراس الإنذار تدق عندما علقت روسيا مشاركتها في اتفاق الحبوب التاريخي الأسبوع الماضي، متذرعة بهجوم مزعوم بطائرة مسيرة أوكرانية على أسطولها في البحر الأسود في سيفاستوبول.

 

ولو استمر هذا القرار طويلاً لكان من الممكن أن يعاني الكثير من البشر من المجاعة المحتومة، خاصة في البلدان الفقيرة كما هو الحال في الدول الأفريقية، بما في ذلك الصومال وجيبوتي والسودان. لكن الرئيس رجب طيب أردوغان تدخل وساهم بحل المشكلة بطرق دبلوماسية ما جعل أزمة كبرى من شأنها أن تؤثر على ملايين الأشخاص، تتعطل مرة أخرى بفضل الوساطة التركية والأمم المتحدة.

 

وبوساطة تركية، اقتنعت روسيا يوم الأربعاء، بالعودة إلى طاولة المفاوضات لكن ذلك لم يكن سهلاً، لأن موسكو أرادت بعض الضمانات وعملت أنقرة والأمم المتحدة على التقريب بين الجانبين لإقناع أوكرانيا بتقديم الضمانات، بينما تم إقناع روسيا بالتحلي بالهدوء.

 

وتعهدت أوكرانيا بعدم استخدام ممر الشحن للعمليات العسكرية، كما مُنحت الضمانات لروسيا بأن سلسلة التوريد لن تنتهي فقط في الدول الغربية ولكن سيتم إعطاء الأولوية للدول الأفريقية، وهو مكسب جيد لاتفاقٍ توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا بفضل جهود الوساطة التي تبذلها أنقرة.

 

وساطة ناجحة

 

وبعد هدوء الأزمة، انخفضت أسعار القمح وفول الصويا والذرة وبذور اللفت بشكل ملحوظ في الأسواق العالمية. وانخفضت أسعار الحبوب بنسبة 6%، بعد أن انسحبت روسيا من الصفقة. وأظهرت هذه الأزمة أيضاً أن القدرة على التحدث إلى كلا الجانبين في هذه الحرب أمر بالغ الأهمية وأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي أقامت هذه العلاقة مع كل من روسيا وأوكرانيا.

 

ولهذا السبب قال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي: “سنواصل العمل وفقاً للاتفاق بين الأمم المتحدة وتركيا بشأن اتفاقية الحبوب في البحر الأسود”. وهو السبب ذاته أيضاً في تعليق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائلاً: “أردوغان زعيم يحافظ على كلمته. قد يكون التصالح معه أمراً صعباً، لكنه بعد الموافقة والمصافحة، يلتزم بوعده. ويعتمد اختيار تركيا كمركز توزيع جديد للغاز الطبيعي على هذا الأمر أيضاً”.

وبشكل عام، نقول إن دبلوماسية أردوغان في الأزمة الأوكرانية هي نجاح أكيد، وهو أمر تتفق عليه جميع الأطراف. وتمنح هذه الدبلوماسية أنقرة سلطةً على طرق الطاقة وأولويةً في الساحة الدولية.

 

تحول سياسة الاتحاد الأوروبي

 

في الواقع، لطالما كان المسار التركي منذ بدء الحرب الأوكرانية الروسية مسلكاً ثابتاً ومستقلاً. وبينما أثار الغرب استعداء موسكو بشدة وقطع جميع العلاقات وفرض حظراً على كل شيء قادم من روسيا تقريباً، ظلت تركيا على اتصال مع كلا الطرفين، ما منحها مكانة فريدة، ولم تتأثر البلاد بأزمة الغاز التي تعيشها أوروبا بل أصبحت الجسر بين روسيا والغرب.

 

واليوم تسعى أوروبا لتغيير سياستها. فبينما يحث الاتحاد الأوروبي روسيا على التراجع عن قرار تعليق مشاركتها في الاتفاقية التاريخية، قررت بعض دول الاتحاد الأوروبي مثل هولندا رفع بعض الحظر على المنتجات الروسية، وستبدأ دول أخرى في تخفيف سياسة “عدم الحوار” الصارمة.

 

من ناحية أخرى، يجب ألا تشعر روسيا بالانتصار في هذه الحرب. لذلك، تحتاج أوروبا إلى توازن تركيا ونهجها لتكييف سياستها. وفي الوقت نفسه يجب مساعدة أوكرانيا وحمايتها لأن المدنيين يموتون كل يوم بسبب القصف، كما يتعين أيضاً حماية الناس في الغرب من الشتاء البارد وارتفاع أسعار الطاقة. وهنا يمكن للدبلوماسية التركية إظهار التوازن البارع.

ناجيهان ألتجي بواسطة/ ناجيهان ألتجي 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.