فشل الغرب والمعارضة التركية في استيعاب الموقف التركي الجديد

تسود وجهة نظر واسعة الانتشار في الرأي العام والسياسة التركية، مفادها أن الغرب يدعم المعارضة. وعندما نقول الغرب فإننا نتحدث عن خط ثقافي واقتصادي وسياسي وأيديولوجي يشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولا يبدو التفكير بهذه الطريقة مجانباً للصواب

فجميعنا يتذكر ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل الانتخابات والذي ألقى المزيد من الخطب الدبلوماسية بعد أن استقر في البيت الأبيض: “أعتقد أنه ينبغي علينا اتباع نهج مختلف تماماً تجاه الرئيس رجب طيب أردوغان الآن، ما يوضح أننا ندعم قيادة المعارضة … لذا فأنا قلق للغاية حيال ذلك”.

وقال أيضاً: “يمكننا دعم عناصر القيادة التركية التي لا تزال موجودة والحصول على المزيد منها وتشجيعهم على مواجهة أردوغان وهزيمته. ليس عن طريق الانقلاب، ولكن من خلال العملية الانتخابية”.

وأعتقد أنه لا توجد حاجة لتعداد السياسيين الذين يستهدفون الحكومة التركية علانية، مثل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بالتوازي مع تصريحات بايدن.

ومن الواضح أن الغرب لا يريد زعيماً حازماً يضع المصلحة الوطنية أولاً في تركيا، ويجرؤ على اتباع سياسات مستقلة عن الولايات المتحدة وأوروبا، لأنه يحظى بدعم صندوق الاقتراع في الداخل. كما أن وجود أردوغان في المنطقة يتسبب في اضطرابات وتأخيرات وزيادة التكاليف بالنسبة لهم، لأنه دائماً ما يُبقي مصالح تركيا الاقتصادية طويلة الأجل وحقوقها السيادية على الطاولة.

وعلى العكس من ذلك، فإن مصالح الولايات المتحدة وأوروبا تلتقي مع مصالح تركيا التي تنقسم فيها السلطة الحاكمة بين عدة جهات فاعلة، ولكن مع تقليل الأهداف وخفض سقفها.

فعلى سبيل المثال، إذا ما تولت المعارضة في تركيا السلطة كما أشار بايدن، فإن عمليات تطويق روسيا ستتقدم بلا شك بشكل أسرع، أو قد يأتي الغرب من على بعد آلاف الأميال ويتحكم بسهولة أكبر في الغاز الطبيعي المكتشف على الساحل التركي لشرق البحر الأبيض المتوسط، وذلك لأن المعارضة تحاول الفوز في الانتخابات من خلال وعود الناخبين: “الغرب وراءنا. وإذا ما فزنا، فستتدفق الأموال الساخنة إلى تركيا من الولايات المتحدة ولندن والعواصم الأوروبية”.

حملة قليجدار أوغلو

بدأ كمال قليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، والذي من المتوقع أن يواجه الرئيس أردوغان في انتخابات عام 2023، حملته الانتخابية من الولايات المتحدة ولندن. وفي الآونة الأخيرة، سلم قليجدار أوغلو الكرسي إلى مستشاره الاقتصادي الأمريكي جيريمي ريفكين في الاجتماع، حيث كشف رئيس حزب الشعب الجمهوري عن بيانه النقدي قبل الانتخابات. وقال العديد من المراقبين بما فيهم الكتّاب والصحفيين المعارضين المتشددين، إنه من الحماقة إعطاء هذه الرسالة قبل الانتخابات وانتقدوا قليجدار أوغلو علناً.

ولا أعرف إلى أي مدى يستمر الغرب في التعاون مع المعارضة، التي تستميت كي تبني موقفها في السياسات التركية على نظريات المؤامرة. ولكن إذا كانوا يعتقدون أن تحالف الأمة الذي أوجد تصور الاستسلام للغرب لديه فرصة للنجاح في الانتخابات بفضل “خطة استثمارية” مزعومة، فهم يراهنون بالفعل على أقل فرصة للفوز بالسباق.

لأن الشعب التركي الذي ازدادت ثقته بنفسه في السنوات العشرين الماضية، لم يعد يؤمن بالكتلة الغربية التي دعمت حتى الانقلابات والتنظيمات الإرهابية من أجل تغيير الحكومة في بلادهم. لقد أدركوا أن ظهور تركياً كممثلٍ في السباق العالمي ليس حلماً، وقاموا بترشيد هذا الموقف في أذهانهم.

ويجب أن يفهم أصدقاؤنا الغربيون أيضاً أن المفتاح القديم الذي في أيديهم لم يعد يفتح الأبواب الآن، فتركيا ليست دولة شرق أوسطية قائمة على مؤامرات سياسية وهندسات اجتماعية، كما أنها لم تعد فاعلاً ثانوياً يُمكن التغاضي عنه. يجب عليهم تطوير نموذج علاقة أكثر مساواة معنا.

واليوم صار واقعنا الجديد واضحاً بكل تفاصيله وظروفه، وسوف يرونه أكثر وضوحاً بعد الانتخابات.

مليح التنوك بواسطة / مليح التنوك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.