حزب الشعوب الديمقراطي يسعى لجلب المعارضة التركية إلى طاولة المفاوضات  

 

عزز حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لتنظيم بي كي كي الإرهابي موقفه تجاه “طاولة الستة” باختياره تقديم مرشح رئاسي خاص به.

ويكثف الرئيسان المشاركان لحزب الشعوب الديمقراطي سياسات التفاوض التي تجمع بين اقتراحات ملموسة وتهديدات صريحة. حيث قامت بيرفين بولدان أولاً وهي إحدى الرؤساء المشاركين للحزب، بإعلان أن حركتها تعتزم خوض الانتخابات الرئاسية بمرشح خاص بها. وفي وقت لاحق، قال صلاح الدين دميرطاش زعيم الحزب السابق المسجون، إن الحركة لم ترفض مرشحاً رئاسياً مشتركاً بشكل قطعي. وأخيراً أوضح مدحت سنجر الرئيس المشارك الآخر للحزب، أن تعيين مرشح رئاسي منفصل لا يزال قابلاً للنقاش والدخول في مفاوضات ومساومات قائلاً: “لن نقول لا، إذا طلبت طاولة الستة إجراء محادثات عامة بمجرد الإعلان عن المرشحين”.

على النقيض من ذلك، أصدر طيب تيمال أحد نواب الرؤساء المشاركين لحزب الشعوب الديمقراطي، تهديداً صريحاً حذر فيه من أن “الائتمان” الذي قدموه لكتلة المعارضة بدأ “ينفد”. ويمثل هذا النهج امتداداً لمزاعم حزب الشعوب الديمقراطي السابقة بأن “طاولة الستة” ستخسر الانتخابات المقبلة بدون دعمهم.

وللحقيقة، أن حزب الشعوب الديمقراطي دأب منذ فترة طويلة على تذكير كتلة المعارضة بمساهماته في حملة الانتخابات البلدية لعام 2019 للمطالبة بـ “محادثات علنية وشفافة”. ومع ذلك، أدى إحجام حزب جيد عن الظهور علناً مع حزب الشعوب الديمقراطي إلى فشل هذا النهج. واقترح بعض السياسيين في حزب الشعب الجمهوري المعارض أن حزب الشعوب الديمقراطي يمكن أن يسيطر على بعض الوزارات والتي كان قام رئيس حزب الشعب الجمهوري برفضها على الفور.

وقد يكون حزب الشعوب الديمقراطي قد منع بشكل غير مباشر الترشيح المحتمل لرئيس بلدية أنقرة منصور ياواش ورئيسة حزب جيد ميرال أكشنار، لكن هذا لا يكفي. ومع الأخذ في الاعتبار أن الأحزاب الهامشية داخل كتلة المعارضة والتي تتمتع حسب استطلاعات الرأي، بتأييد 1% فقط، تطالب بسلطات شبيهة بسلطات الرئيس، فلن يكون من المنطقي توقع أن يقبل حزب الشعوب الديمقراطي الذي يتمتع بأكثر من 10% بتهميش دميرطاش والسكوت عن سجنه.

كذلك فشلت المعارضة مؤخراً في الرد بقوة على حكم المحكمة الدستورية بتجميد مؤقت لتمويل حملات حزب الشعوب الديمقراطي من الخزانة العامة، والذي شرع في إعلان قراره بخوض الانتخابات بشكل فردي. كما نأى حزب الشعوب الديمقراطي بنفسه عن حزب العدالة والتنمية الحاكم برفضه مقابلة ممثلي الحزب الحاكم فيما يتعلق بتعديل دستوري مقترح يقدم ضمانات بعدم التمييز ضد النساء المحجبات.

القدرة التفاوضية لحزب الشعوب الديمقراطي

عزز حزب الشعوب الديمقراطي موقفه تجاه “طاولة الستة” باختياره تقديم مرشح رئاسي خاص به. ولا يهم ما إذا كانوا يعتزمون ترك مرشحهم في الجولة الأولى أو الدخول في مفاوضات للجولة الثانية. وإذا ما رفضت كتلة المعارضة التفاوض على شروط معينة مع حزب الشعوب الديمقراطي، فإنها ستخاطر فعلياً بخوض معركة في الجولة الثانية. وعلى النقيض من ذلك، فإن التحالف الشعبي الذي شكله حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، سيكون له فرصة أفضل في تحقيق النصر في الجولة الأولى.

وقد قسم أحدث قرار اتخذه حزب الشعوب الديمقراطي، أنصار “طاولة الستة” إلى مجموعتين. إذ يجادل البعض بأن الرئيس رجب طيب أردوغان سيفوز في الجولة الثانية ما لم ينضم حزب الشعوب الديمقراطي للمعارضة، دافعين قادة المعارضة إلى أن يكونوا أكثر جرأة. بينما يتهم آخرون حزب الشعوب الديمقراطي بأنه توصل إلى قرار من شأنه أن يفيد تحالف الشعب، منتقدين ذلك الحزب “لأنه ساهم في ترك النظام الاستبدادي مستمرا لمدة 5 سنوات أخرى”.

وأعلن حزب الشعوب الديمقراطي قراره بخوض الانتخابات الرئاسية بشكل فردي للوصول إلى هدف يتجاوز انتزاع التنازلات لتأييد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو أو مرشح آخر حيث يرى الحزب أن انتخابات 2023 فرصة كبيرة. وبهذا المعنى، فهو لا يريد أن يقتصر على تأمين الإفراج عن دميرطاش أو منع تعيين رؤساء في البلديات التي يسيطر عليها حزب الشعوب الديمقراطي.

ومن الممكن تلخيص توقعات حزب الشعوب الديمقراطي على النحو التالي:

1. التفاوض العلني على تأييد مرشح رئاسي مشترك.

2. ضمان موافقة المعارضة على تلبية بعض المطالب الملموسة بما في ذلك الاعتراف باللغة الكردية كلغة أصلية وإعادة هيكلة البلديات بطريقة ترقى إلى مستوى الحكم الذاتي.

3. أن يصبح طرفاً في اتفاقية تقاسم السلطة.

وتُظهر هذه المطالب بوضوح أن خطة حزب الشعوب الديمقراطي “لإعادة بناء” تركيا أكثر راديكالية مما يفكر فيه حزب الشعب الجمهوري وأعضاء آخرون في كتلة المعارضة. وفي هذه الأثناء، تظل العواقب المحتملة لقضية الإغلاق المرفوعة ضد حزب الشعوب الديمقراطي لغزاً غامضاً يجعل من الصعب على الأحزاب السياسية المختلفة إجراء الحسابات أيضاً. وإذا حظرت المحكمة حزب الشعوب الديمقراطي، فلن يبقى أمام المعارضة سوى الحديث عن “الديمقراطية”، حيث يحاول حزب الشعب الجمهوري وحزب الديمقراطية والتقدم جذب ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي إليهم. وخلاف ذلك، من المرجح أن يضع حزب الشعوب الديمقراطي عتبة أعلى للمفاوضات في حين أن نتيجة قضية الإغلاق من شأنها أن تؤدي إلى حقبة جديدة في سياسات التحالف.

برهان الدين دوران بواسطة / برهان الدين دوران

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.