ما التغييرات التي سيجلبها تحالف المعارضة التركي للأجانب: الخوف أم الراحة؟

في نهاية يناير/كانون الثاني 2023، أعلنت كتلة تحالف المعارضة في تركيا -والمعروفة باسم “الطاولة السداسية” التي تتألف من 6 أحزاب سياسية من خلفيات مختلفة- مسودتها التي طال انتظارها من “السياسات المتفق عليها بشكل متبادل”، والتي تطمح إلى تنفيذها إذا فاز مرشح الكتلة المعارضة للرئاسة في الانتخابات المقبلة في تركيا؛ ويمكنك العثور على النص الكامل لهذه المسودة باللغة التركية في هذا الرابط.

وجذبت مسودة كتلة المعارضة للسياسات المتفق عليها بشكل متبادل الكثير من الاهتمام من قبل الأجانب داخل تركيا وخارجها، لوجود العديد من التساؤلات والشكوك والتكهنات حول ما يمكن أن يقدمه تحالف المعارضة المتنوع وغير المتجانس، في حين أن سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية الحالي معروفة جيدًا، أو على الأقل يمكن التنبؤ بسياساتها لأنها حكمت البلاد منذ أكثر من 20 عامًا، لا سيما أن الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان شغل هذا المنصب منذ سنة 2014.

تعد مسودة السياسات المتفق عليها بشكل متبادل نصا شاملا للغاية مُكوّنا من 240 صفحة، ويتعهد بإجراء تغييرات ملحوظة في جميع جوانب السياسة والسلطة تقريبًا. هناك العديد من التغييرات السياسية التي تم التعهد بها والتي ستكون لها تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على الأجانب والمستثمرين الأجانب. وتمثل تصورات الرأي العام في أن الحكومة الحالية تنتهج سياسات تخدم مصالح الأجانب، وتعارض كتلة المعارضة بشدة الأجانب. ومع ذلك، هذا ليس رأيًا دقيقًا كليا بالنظر إلى السياسات المختلفة تمامًا التي تتبناها الأحزاب السياسية المختلفة في كتلة المعارضة.

تجدر الإشارة إلى أن حزبين سياسيين في الكتلة أُنشئا من قِبل شخصيات سياسية بارزة سابقة في حكومات حزب العدالة والتنمية، وحزب آخر يمثل الخط الإسلامي التقليدي في السياسة التركية؛ لذلك ليس من العدل القول إن مشروع سياسات المعارضة المتفق عليها بشكل متبادل يقترح بشكل مطلق قواعد غير مواتية وتقييدية ضد الأجانب. ورغم أن هذه المعطيات تعد صحيحة من بعض الجوانب، فإنه في بعض الأحيان يتم تبني سياسات ليبرالية تمامًا وصديقة للأجانب.

ورغم أن من غير الممكن فحص جميع التغييرات السياسية المتعهد بها في ما يتعلق بالأجانب والمستثمرين الأجانب بالتفصيل، سأحاول إلقاء الضوء على أكثر المفارقات أهمية في هذه المقالة. ويُعد الغرض من هذه المقالة هو معالجة الأسئلة والتكهنات التي أثيرت بشكل متكرر منذ الإعلان عن مسودة السياسات المتفق عليها بشكل متبادل.

وليس من الواضح إذا كانت كتلة المعارضة تملك حظوظًا أوفر من الحكومة الحالية. من الواضح فقط أن الانتخابات المقبلة ستكون تنافسية للغاية، كما أنه ليس من الواضح إذا كانت كتلة المعارضة ستكون مخلصة كليا لتعهداتها الواردة في هذه المسودة في حال فوزها في الانتخابات؛ إذ إن هذه المسودة ليست نصًا ملزمًا قانونًا. ومع ذلك، يُعتقد أنه سيتعين عليها الامتثال للتعهدات الواردة في المسودة إلى حد كبير من أجل الحفاظ على شرعيتها السياسية وتماسكها الداخلي.

التغييرات المتعهد بها بشأن قوانين الجنسية التركية:

منح الجنسية الاستثنائية بشكل أكثر صعوبة وسيتم تضييق نطاقها.
إغلاق برنامج الجنسية من خلال الاستثمار.
إجراء استفسارات حول طلبات الجنسية المكتملة بالفعل، وفي حالة العثور على أي نشاط فساد أو تقديم مستند احتيالي أو مضلل، سيتم الشروع في إجراء قانوني ضد حاملي الجنسية ذات الصلة؛ مما قد يؤدي إلى إلغاء جنسيتهم.

التغييرات المتعهد بها بشأن قوانين الهجرة:

ستتم إعادة هيكلة المديرية العامة للهجرة، وهي المؤسسة العامة المسؤولة عن شؤون الهجرة التي سيتم تعزيز طاقم موظفيها لتقديم خدمات بجودة أفضل.
ستتم مراجعة قوانين الهجرة والحماية الدولية.
ستتم مراجعة الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن الهجرة المؤرخة في 2014 و2016.
سيتم توقيع اتفاقيات إعادة قسرية جديدة للمهاجرين مع الدول التي تعد مصادر الهجرة غير النظامية نحو تركيا.
ستتم مراجعة نظام التأشيرات التركية وقواعد تصاريح الإقامة السياحية قصيرة الأجل، وإذا تبين أن الناس في بعض البلدان يسيئون استخدام هذه التصاريح بشكل متكرر، فسيتم إنهاء اتفاقيات الإعفاء من التأشيرات وتصاريح الإقامة والتسهيلات مع تلك البلدان.
يُعاد المهاجرون السوريون في وضع الحماية المؤقتة إلى بلادهم متى كانت الظروف مناسبة لذلك وطالما يمكن إعادتهم إلى وطنهم وفقًا للقانون المحلي والدولي. ولجعل ذلك ممكنا، ستتعاون الحكومة التركية والجالية السورية في تركيا والحكومة السورية والمؤسسات الدولية. على وجه الخصوص، سيتم التشاور مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وستكون لها وظيفة إشرافية خلال هذه العملية.
بالنسبة لأبناء المهاجرين الذين سيحتاجون إلى الإقامة في تركيا، سيتم تقديم برامج وفرص تعليمية إضافية لهم.
لن يُسمح للمهاجرين بالاستقرار في منطقة معينة بشكل مكثف. وبالتالي، فإن العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يعيشون في منطقة معينة لن يتجاوز نسبة معينة من إجمالي السكان هناك.
لن يُسمح للمهاجرين تحت وضع الحماية المؤقتة بالبقاء في مدن أخرى غير المدينة التي يسمح لهم بالبقاء فيها لفترات طويلة ما لم يكن هناك سبب مشروع.
سيُرحّل المهاجرون الذين يتورطون في أنشطة إجرامية بسرعة وسيُمنعون من دخول تركيا مرة أخرى.
زيادة عدد وجودة مراكز الترحيل.
ستُعزز المراقبة الحدودية وتزويدها بتقنيات أكثر تقدما.
ستشدد العقوبات والجزاءات على الشركات التي توظف أجانب أو يديرها رواد أعمال أجانب من دون تصريح عمل، وستكون عمليات التفتيش أكثر صرامة.
بالنسبة للعمال الأجانب المؤهلين في القطاعات العلمية والتكنولوجية، ستُسهل إجراءات تصريح العمل وجعلها أكثر مرونة.
ستُراجع القواعد التي تسمح للطلاب الأجانب بالتسجيل في المدارس التركية والعمل أثناء دراستهم والبقاء في تركيا بعد التخرج وستُفرض شروط إضافية.

التغييرات المتعهد بها على القواعد التجارية والاقتصاد:

سيُسحب النموذج الاقتصادي المتمحور حول التطوير العقاري، وسيتم إلغاء الجزء الخاص بمشروع “قناة إسطنبول”. وسيتم تشجيع وتحفيز تصدير خدمات التطوير العقاري من قبل الحكومة.
سيُوجّه التركيز إلى بعض القطاعات الأخرى: الذكاء الاصطناعي وتطوير الأنظمة الذاتية، والأصول المشفرة وتقنيات البلوكتشين، وتطوير البرمجيات، والتحول الأخضر، والسيارات الكهربائية، والسياحة الصحية، والإنتاج الإعلامي والتمويل، وستُّتخذ خطوات جريئة لجعل إسطنبول مركزًا ماليًا عالميًا حقيقيًا.
ستُسهل إجراءات تأسيس الشركة وتصفيتها ونقل الأسهم فيها. وسيتم سنّ قانون جديد “خاص بالشركات الناشئة” لتوضيح القواعد الخاصة المتعلقة بالمشاريع الناشئة في تركيا. وستبسط إجراءات التقديم للمنح والحوافز العامة لجميع رواد الأعمال، وستكون هناك مرونة إضافية لجذب المستثمرين الملاك إلى الشركات الناشئة في تركيا، وستُبسط إجراءات حماية العلامات التجارية.
ستُلغى القواعد التي تُلزم المصدرين بتبادل مبلغ معين من دخلهم من العملات الأجنبية بالليرة التركية.
سيُحرض على ضمان عدم استخدام الإعفاءات الضريبية وعمليات إعادة رأس المال لغسيل الأموال. أيضًا، ستبسط الإعفاءات والاستثناءات الضريبية، وسيخفف عدد الضرائب غير المباشرة، وستكون هناك قواعد تقييدية جديدة للأصول المنقولة إلى بلدان “الملاذ الضريبي”.
ستوضح الالتزامات الضريبية والإطار القانوني لصناعة الأصول المشفرة بالقوانين الجديدة التي سيتم تشريعها.
ستُلغى ضريبة القيمة المضافة على الخدمات التعليمية، كما ستتم إزالة ضريبة المورد عن إيرادات إيجار العقارات المستخدمة كمكان للعمل.
ستُخفض ضريبة الدخل الناشئة عن أجور العمال وأعباء ضريبة الضمان الاجتماعي على أصحاب العمل.
ستُرفّع ضرائب رأس المال والأرباح الريعية من العقارات.
ستُوقّع اتفاقيات تجارية واستثمارية جديدة مع دول الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز في المنطقة.
سيُحرَص على ضمان أن توفر مؤسسة الإحصاء التركية بيانات دقيقة ذات أهمية كبيرة لحساب معدل التضخم ومعدل البطالة وما إلى ذلك وتُعلن عنها، كما سيُضمن استقلالية البنك المركزي التركي، وستقلل تدخلات السلطات العامة في نظام سعر الصرف العائم وديناميكيات السوق الحرة.
سيتم الاستغناء عن برنامج حساب مشاركة الليرة التركية المحمي بسعر العملة، وستظل الحسابات الحالية نشطة حتى نهاية تاريخ استحقاقها ولن يتم تجديدها.

التغييرات المتعهَّد بها بشأن الحوكمة والنظم البيروقراطية:

ستُدمج الوثائق الرسمية مثل التراخيص التجارية وشهادات التخرج وسندات ملكية العقارات والشهادات الصحية والبطاقات الشخصية بشكل كامل في المجال الرقمي من خلال استخدام تقنية البلوكتشين. وستدمج إجراءات التجارة والجمارك الدولية في نظام البلوكتشين. وبالنسبة للمسائل الأساسية والحيوية، سيتم تقليل الإجراءات القانونية والتعقيدات الإجرائية وكذلك تكاليف الوساطة، مع السعي إلى تعزيز الشفافية مع السرعة.
بالنسبة للشركات التي تهدف إلى تقديم خدماتها إلى سوق تركيا من دون أن يكون لها وجود مادي في تركيا، ستسن قوانين جديدة وسيتم تمكين عملياتها من خلال الفرص الجديدة مثل “الإقامة الإلكترونية”. وسيُحرص على توفير فرص “الإقامة الإلكترونية” لأصحاب المشاريع الأجانب والعاملين المؤهلين الذين يرغبون في تأسيس أو العمل في شركات ناشئة في قطاع التكنولوجيا.

   بواسطة / دينيز باران

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.