خطوات التطبيع بين تركيا وسوريا

 موسكو أن تدرك حاجة الشعب السوري إلى مصالحة سياسية عاجلة في البلاد وأيضاً حاجة تركيا إلى تأكيدات من الحكومة الجديدة في سوريا.

 

جاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا الأسبوع الماضي “لمراقبة الوضع” في العديد من القضايا الإقليمية مثل أوكرانيا وجنوب القوقاز والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى ومنطقة البحر الأسود، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الروسية على موقعها على الإنترنت.

 

وصرح لافروف ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو في وقت لاحق إنهما عبرا عن وجهات نظرهما حول الوضع الحالي فيما يتعلق بهذه القضايا، وتوصلا إلى اتفاقات بشأن تمديد تنفيذ صفقة الحبوب في البحر الأسود لمدة 60 يوماً أخرى، حيث تساعد تركيا الأمم المتحدة في التنفيذ الشامل للاتفاقية “لإلغاء حظر الوصول إلى المنتجات الزراعية والأسمدة الروسية”. ويمثل تمديد الصفقة لمدة 60 يوماً “بادرة حسن نية” ممتازة من جانب الروس الذين يتوقعون من دول العالم أن ترد بالمثل.

 

علاوة على ذلك، قال لافروف إن موسكو تعمل بجد على تعزيز التعاون جنوب القوقاز واستئناف العلاقات بين أرمينيا وتركيا، وفتح روابط النقل والاتصالات وإعادة تأهيل المنطقة بعد الصراع. وبالطبع فإن هذا الجهد المقدر سيكون له آثار مُرضية على العلاقات التركية الأرمينية، وسيساهم بحرمان الملالي في طهران من نفوذهم في التلاعب بالأرمن ضد تركيا وأذربيجان.

 

وتعتبر كل هذه التطورات واعدة بالنسبة للشعب التركي ويثمّنها عالياً، لكن هذا ليس كل شيء بل تمضي تركيا وروسيا وتضيفان المزيد من الأشياء الجيدة مثل العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية والتفاعل في قطاع الطاقة وهما مساران آخذان في التصاعد إذ يوشك أن يتم تحميل محطة أق قويو للطاقة النووية بالوقود النووي قريباً، وستقام مراسم الاحتفال بالحدث في وقت لاحق من هذا الشهر. كما أن تشغيل خط أنابيب الغاز تورك ستريم أمر يحرص عليه كلا البلدين. ومع أن كل هذه الأمور جيدة ورائعة إلا أنها ليست كافية ليكون كل شيء على ما يرام بشأن “التطبيع بين تركيا وسوريا!

التطبيع التركي السوري:

فبحسب بيان الخارجية الروسية وكلمات لافروف في المؤتمر الصحفي بعد الاجتماعات الثنائية، بحث الوزيران “تطبيع العلاقات التركية السورية” وتعتقد روسيا أنه يجب مساعدة تركيا وسوريا في إقامة “علاقات طبيعية” وهذا التعبير بحد ذاته “خطأ”، فتركيا تتمتع بالعلاقة الأقرب مع سوريا لأن 5 ملايين شخص من البلاد يعيشون في تركيا، كما أن الآلاف من الطلاب الجامعيين يدرسون في جامعاتاتها، ويتخرج عشرات الآلاف من طلاب المدارس الثانوية سنوياً منذ فرارهم إلى تركيا بعد أن قصف بشار الأسد بيوتهم ومدنهم وقراهم بعد قدوم الربيع العربي.

 

وتسبب رد الأسد المدمر على المتظاهرين السلميين في فرار ما يقرب من 5 ملايين سوري إلى تركيا وأكثر من 3 ملايين شخص إلى الأردن ولبنان.

 

وفي الوقت نفسه، كررت الولايات المتحدة سيناريو إنشاء حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، وقدمت لأول مرة تهديد داعش في سوريا وادّعت ضرورة محاربته فقامت القيادة المركزية الأمريكية على عجل بتشكيل تحالف دولي آخر لإنقاذ سوريا من ما يسمى بـ “الخلافة”.

تركيا صديقة لسوريا:

مع ذلك، اختفت “الخلافة” بالسرعة التي ظهرت بها، لكن ما يعرف باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والمعروفة أيضاً باسم روج آفا، ظلت بحكم الأمر الواقع تقسيماً لسوريا، وتتكون من مناطق فرعية تتمتع بالحكم الذاتي مثل عفرين والجزيرة والفرات والرقة والطبقة ومنبج وشرق دير الزور، وتسيطر على ثلث سوريا بآبار النفط والتعدين والحقول الزراعية، ويديرها امتداد لتنظيم بي كي كي الإرهابي المجرم المطلوب في تركيا. ومنذ إنشائها بعد “الحرب الأهلية” في سوريا، أصبحت “المنطقة” أكثر اتساعاً وعُززت إدارتها بشكل كبير.

 

وبناءً عليه يتعين على وزارة الخارجية الروسية والرئاسة، أن يفهموا أن تركيا صديقة لسوريا، وأن كل ما يدور في أذهانهم حول تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا ليس ما يحتاجه كلا البلدين، بل يحتاج الشعب السوري إلى مصالحة سياسية عاجلة في البلاد، والمشكلة الأكثر إلحاحاً هي الحفاظ على وحدة أراضي سوريا.

 

من ناحية أخرى، تحتاج تركيا إلى تأكيدات من الحكومة الجديدة في سوريا بأن اللاجئين السوريين يمكنهم العودة بأمان إلى ديارهم ولن يكون أي امتداد لتنظيم بي كي كي أي دور على طول الحدود الطويلة بين البلدين.

 

ولعل الأسد يأمل في أن يحل تحالف المعارضة التركي المكون من سبعة شركاء والذي تصورَه الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظمَّه ويحاول تمكينه، محل إدارة أردوغان في انتخابات الشهر المقبل. ولعله يأمل أيضاً أن تظل المعارضة وفية لوعدها بسحب الكتيبة العسكرية التركية التي تشارك في تسيير دوريات مشتركة حول “روج آفا” التي تحرسها الولايات المتحدة، لكنه من المحتمل أن يواجه صيفاً مخيباً للآمال، وعندها سنقول له إن آماله ذهبت أدراج الرياح بعد الانتخابات التركية.

حقي أوجال بواسطة / حقي أوجال 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.