استعد لهذه اللحظة عامًا كاملاً.. لكن القدر كان أقوى: طيار تركي يلقى حتفه وهذه آخر كلماته

تحطّمت طائرة صغيرة يقودها المهندس والطيار الهاوي محمد دميرجي (57 عامًا) صباح أمس، أثناء محاولته الهبوط في مطار ريزه-أرتفين، ضمن جولته العالمية التي بدأها من إسكي شهير، ليلقى حتفه على الفور. فيما نُقل مرافقه هيكران كايا إلى المستشفى بعد إصابته في الحادث.

تم العثور على حطام الطائرة التي أقلعت من منطقة سفري حصار (سيفريهيسار) في إسكي شهير، في نقطة جبلية تقع على حدود بايبورت وريزه وأرضروم، وذلك عند الساعة 06:24 صباحًا، بعد ساعات من انقطاع الاتصال بها.

“اليوم يتحقق حلم جديد”.. كانت هذه كلماته الأخيرة

قبل ساعات فقط من تحطم الطائرة، نشر محمد دميرجي عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي رسالة قال فيها:

“اليوم، حلم جديد يتحقق. لستُ على جناح الطائرة، بل في خضم الأحلام. تبدأ الرحلة الآن.”

وفي منشور آخر سابق، شارك صورة لطائرته مع تعليق مؤثر:

“حزمنا أمتعتنا، وودعنا الأصدقاء الذين كنا بحاجة إلى وداعهم. أمامنا طريق طويل ومثير. نحن أقرب خطوة إلى أحلامنا… تابعونا، لنكن معًا في هذه الرحلة.”

رحلة عمر بدأت من حلم الطفولة

كان محمد دميرجي، وهو مهندس كهربائي متقاعد، قد بدأ جولته العالمية بطائرة من طراز M20J انطلقت في 2 يوليو الجاري من مطار تشورلو أتاتورك، لتحقيق حلمٍ راوده منذ الطفولة: السفر حول العالم بطائرة صغيرة تحمل العلم التركي.

اختار إسكي شهير سيفريهيسار كمحطة أولى، حيث استُقبل من قبل الطيارة البهلوانية سيمين أوزتورك شينر، ووالدها علي عصمت أوزتورك، إلى جانب رئيس نادي سيفريهيسار للطيران كاموران كيسكين.

خلال لقائه مع الصحفيين هناك، قال دميرجي:

“استغرق التحضير لهذه الرحلة عامًا كاملًا. راجعنا المسارات والمطارات وتصاريح الطيران، وخططنا لكل نقطة توقف بدقة متناهية.”

رحلة السلام والذكرى المئوية

لم تكن رحلة دميرجي مجرد مغامرة شخصية، بل كانت تحمل بُعدًا رمزيًا أيضًا، إذ صرّح أنها مكرّسة لـالذكرى المئوية لتأسيس الجمعية التركية للملاحة الجوية، على يد مصطفى كمال أتاتورك، فضلًا عن كونها رسالة من أجل “السلام العالمي”.

قال:

“في عالم تتزايد فيه الحروب، أردنا أن نُهدي هذه الجولة إلى السلام. تركيا لم تشهد من قبل طيارًا يقوم برحلة كهذه بمفرده. نحن أول من يرفع العلم التركي في مسارٍ بهذا الطول.”

12 دولة، 28 ألف كيلومتر، 160 ساعة في السماء

كان دميرجي يخطط لقطع نحو 28 ألف كيلومتر خلال 160 ساعة طيران، مرورًا بـ12 دولة و32 مطارًا، في رحلة كان من المقرر أن تستغرق 40 يومًا، تبدأ وتنتهي في مطار تشورلو أتاتورك.

وأشار في تصريحاته الأخيرة إلى أنه كان يعتزم المشاركة في معرض الطيران العالمي الشهير “أوشكوش” في الولايات المتحدة، حيث يلتقي آلاف الطيارين من جميع أنحاء العالم، موضحًا:

“هدفنا أن نهبط هناك بطائرتنا كأول طائرة تركية مشاركة في هذا الحدث، وأن نُعرّف العالم على الطيران التركي.”

نهاية مؤلمة لحلم عظيم

رغم التحضيرات الطويلة والدعم الذي تلقّاه من هيئات الطيران المدني في تركيا، انتهت رحلة محمد دميرجي سريعًا وبشكل مأساوي، لتتحول قصته إلى رمزٍ لحلمٍ كبيرٍ لم يكتمل، ولإصرار نادر قلّما يُرى في الطيران المدني الفردي.

ويجري حاليًا تحقيق رسمي لمعرفة أسباب تحطم الطائرة، بينما خيّم الحزن على مجتمع الطيارين في تركيا، الذين ودّعوا أحد أكثر وجوه الطيران الهاوي طموحًا وتأثيرًا في البلاد.

ترجمة وتحرير تركيا الآن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.