مشهد غريب في أضنة… ما الذي يربطه الطهاة على أجسادهم تحت لهيب الصيف؟

في قلب مدينة أضنة، حيث تتحول الشوارع إلى أفران مفتوحة بفعل درجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية، وجد طهاة الدونر أنفسهم أمام خيارين: إمّا الاستسلام للحرّ الخانق، أو البحث عن وسيلة مقاومة غير مألوفة. والوسيلة كانت الثلج.

حرارة تحاصر الجسد والنار أمامهم

في مطابخ الدونر الصغيرة، وبينما تتصاعد ألسنة اللهب من المواقد، يقف الطهاة وجهاً لوجه مع درجات حرارة تصل إلى 60 درجة مئوية خلف الطاولة.

يقول أحدهم:

“نحن نعمل في قلب النار، لا في جوارها فقط. حين تكون الحرارة في الخارج 40، فإنها تتضاعف عند الموقد.”

لكن الأدهى أن هذه الحرارة لا تأتي وحدها، بل تصاحبها رطوبة خانقة تجعل الهواء الثقيل يبدو وكأنه يطبق على الأنفاس. في هذه الظروف، يصبح تقطيع الدونر تحديًا يوميًا لحياة الطهاة، وليس مجرد عمل.

مكعبات الثلج.. وقاية من الاحتراق

قرر الطهاة تقليص ساعات الوقوف أمام الموقد، واعتمدوا نظام “المناوبة المزدوجة” لتخفيف العبء. لكن الحل الأكثر لفتًا للانتباه كان ربط مكعبات الثلج على ظهورهم وصدورهم خلال ساعات الذروة.

دوغان تورهان، أحد الطهاة الذين لجؤوا إلى هذه الحيلة، قال:

“أنا أعمل في هذا المجال منذ 15 عامًا، ولم أشهد حرارة كهذه. الحرارة عند الطاولة تصل إلى 60 درجة. ولأننا لا نستطيع التحمّل، بدأنا بوضع مكعبات الثلج. الطاهي الجديد يأتي، يربط الثلج على جسده، ثم يتوجه للموقد.”

ويضيف:

اقرأ أيضا

أنقرة: على المجتمع الدولي التحرك بحزم ضد عدوان إسرائيل…

“نضع في المتوسط 4 مكعبات ثلج يوميًا. بعضها في الخلف، وبعضها في الأمام. لا خيار لدينا. نحن نكافح لأجل لقمة العيش، لكننا نحاول ألا نُهمل صحتنا.”

في أضنة لا يوجد صيف!

الطاهي محمد نوري إرزي يصف الوضع بطريقة ساخرة، لكنها مؤلمة في الوقت ذاته:

“في أضنة لا يوجد صيف.. هناك حرارة صحراوية. حتى ظل أضنة حار، بل حتى أثناء الاستحمام لا ينجو الناس من التعرق. لقد ابتكرنا هذا الحل بالثلج لنخفف عن أسيادنا في المطبخ. الحر لا يُقاوم، لكننا نحاول مصادقته.”

نظرات دهشة من الزبائن

مشهد الطهاة وهم يقطعون الدونر بكتلتين من الثلج مربوطة على أجسادهم لم يمر مرور الكرام. الزبائن والمتفرجون يتوقفون بدهشة: هل هذا مشهد ساخر؟ هل يجري تصوير إعلان؟ لا، هذا مجرد فصل جديد من فصول التكيّف مع تغيّر المناخ، في مدينة أضنة التي باتت تختبر حدود الجسد البشري مع كل موجة حر جديدة.

في النهاية.. الثلج لا يكفي، لكن لا بديل

رغم بساطة الوسيلة، إلا أن الثلج بات اليوم “عدة الشغل” إلى جانب السكين والموقد. ومع غياب أي حلول تقنية أو دعم للعاملين في هذه الظروف، يظل الجليد هو الوسيلة الوحيدة بين الطاهي والنار.

يختم تورهان:

“نحن لا نبحث عن الرفاهية، فقط عن ما يُبقينا واقفين حتى نهاية اليوم.”

ترجمة وتحرير تركيا الآن

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.