العالم

استفتاء تركيا.. احترام للديمقراطية ورفض للغرب ودرس للعرب

أشاد دبلوماسيون سابقون وسياسيون وبرلمانيون وأكاديميون وباحثون من دول عربية عديدة، بعملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا، أمس الأول الأحد، والتي صوتت خلالها الأغلبية لصالح التعديلات، وفق نتائج رسمية غير نهائية.

أحدهم اعتبر أن الشعب التركي “انتزع سيادته” عبر هذا الاستفتاء، ووصف آخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بـ”صانع الانتصارات”، فيما دعاه ثالث إلى “الحذر من قوى خارجية تسعى إلى زعزعة حكمه”.

وذهب أحد هذه الأصوات العربية إلى أن نتيجة الاستفتاء عبّرت عن رفض أغلبية الأتراك لـ”النفوذ الغربي”، ومثلت في الوقت نفسه “درسا” للدول العربية، حيث شدد آخر على أن الاستفتاء أثبت ضرورة “القبول بما تقتضيه صناديق الاقتراع لا صناديق ذخيرة السلاح”.

وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية، سعدي غوفن، مساء الأحد، أن عدد المصوتين بـ”نعم” بلغ 24 مليونا و763 ألف و516، والمصوتين بـ”لا” 23 مليونا و511 ألفا و155، موضحا أن النتائج النهائية ستُعلن خلال 11 أو 12 يوما كحد أقصى، بعد النظر في أي اعتراضات.

ومن بين التعديلات، التي تقدم بها حزب العدالة والتنمية الحاكم وأقرها البرلمان، في 21 يناير/كانون ثان الماضي، انتقال تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وزيادة عدد نواب البرلمان من 550 إلى 600 نائب، وخفض سن الترشح للانتخابات العامة من 25 إلى 18 عاما.

** احترام الديمقراطية

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إبراهيم يسري، وصف الاستفتاء التركي بـ”الظاهرة الديمقراطية”، معتبرا أن “نتيجته وهي الموافقة بحوالي 51%، تظهر مدى احترام الديمقراطية في تركيا”.

ومضى يسري قائلا، في تصريحات للأناضول، إن “نتيجة استفتاء تركيا تعبر عن مجتمع ديمقراطي، وتمثل درسا للدول العربية التي لا تعرف إلا نتيجة 99.9%”.

وشدد على أن “الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان مكسب كبير للمنطقة، وأمل كبير للدول العربية”.

ودعا يسري الرئيس التركي إلى “الاحتياط والحذر من قوى خارجية (لم يسمها) تسعى إلى زعزعة حكمه، وتجلت في محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة” في تركيا، منتصف يوليو/ تموز الماضي.

** انتزاع جديد للسيادة

من جانبه، قال رئيس حزب “الأمة” الكويتي (غير مرخص)، حاكم المطيري “انتزع الشعب التركي سيادته مرتين خلال سنة بالثورة ضد الانقلاب العسكري المدعوم غربيا (في يوليو/تموز 2016)، ثم انتزعها مرة أخرى بالاستفتاء المرفوض غربيا!”.

ومنعت دول أوروبية فعاليات لجاليات تركية على أراضيها مؤيدة للتعديلات الدستورية؛ ما تسبب في أزمة بين أنقرة وهذه الدول، في ظل تصريحات أوروبية حذرت من تداعيات سلبية، في حال إقرار التعديلات، على العملية الديمقراطية في تركيا، وهو ما نفت الأخيرة صحته مرارا.

وتابع المطيري، وهو أكاديمي في جامعة “الكويت” قائلا: “بعد 100 عام من انهيار الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914- 1918)، تركيا تنهض من جديد وتتحرر من النفوذ الغربي وطغيان الأتاتوركية وأزمة الهوية”.

واعتبر، في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر”، أن “هذا التعاطف الشعبي الإسلامي مع تركيا يعبر عن وحدة الأمة شعوريا وسياسيا”، وأن “مائة عام من سيطرة القومية اللادينية فشلت في فصم الأخوة الإيمانية!”.

وزاد بأن “تركيا تنهض وتتحرر من حكم العسكر، وتنهي حقبة الأتاتوركية، التي فرضها الغرب منذ احتلال المنطقة! وحكم العسكر في مصر ينتظر الدور”.

وختم المطيري بأنه “بعد انعتاق تركيا من النفوذ الغربي سيأتي الدور على مصر البوابة، التي احتل الغرب من خلالها العالم العربي والإسلامي، وسيزج بثقله لمنع تحررها”.

** استفتاء على أردوغان

فيما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة “الكويت”، الدكتور عبد الله الشايجي: “واضح منذ البداية لن تكون نتيجة استفتاء تركيا 99.9%.. كحال الكثير من الجمهوريات النائمة”.

ومستنكرا، تساءل، عبر حسابه على “تويتر”، “ألا يخجل من يعيشون في جمهوريات وراثية، وأنظمة قمعية لانتقادهم استفتاء تركيا؟! شعب تركيا يقرر عبر صناديق استفتاء مستقبله، وليس من على فوهة دبابة!!”.

وأردف الشايجي قائلا: “خرج الملايين في يوليو (تموز) الماضي (لاحباط محاولة الانقلاب)، ولم يحملوا صور أردوغان، بل علم تركيا، الانتفاضة كانت ضد الانقلاب وليس لأردوغان”.

واعتبر أن “الاستفتاء كان تصويتا على شعبية وقبول أو رفض حكم أردوغان لتركيا، وسط انقسام شعبي، ومخاوف من حكم فردي مطلق، وعدم ارتياح غربي لصعود وحكم أردوغان لدولة مسلمة قوية”.

** صناديق الاقتراع لا الذخيرة

الناشط السياسي اليمني، محمد المقبلي، وصف من جهته، تصويت أغلبية الناخبين الأتراك، الأحد، لصالح التعديلات بـ”التحول من العلمانية العسكرية الشمولية إلى العلمانية المدنية”.

واعتبر المقبلي في حديث للأناضول، أن “الاستفتاء منح الشعب التركي دروسا مكثفة وتراكما سياسيا في الديمقراطية خلال زمن قياسي يحمي البلد من المؤامرات التي تستهدف تركيا”.

وشدد الناشط اليمني على أن “الديمقراطية في تركيا علمتنا أن الكلمة للأغلبية مهما كانت، والقبول بما تقتضيه صناديق الاقتراع لا صناديق ذخيرة السلاح”.

** ازدواجية مقيتة

وفق هشام لحرش عضو (منتخب) في بلدية أكدال بالعاصمة المغربية الرباط، في تدوينة له على “فيس بوك”، فإن “نسبة المشاركة في الاستفتاء، والتي فاقت 82% تجعلك لا تلتفت إلى نتيجة الاستفتاء كيفما كانت هذه النتيجة”.

منتقدا ما أسماها “الازدواجية المقيتة”، قال الباحث المغربي، علي فاضلي، على “فيسبوك”، “عندما صوت البريطانيون بنسبة 51.1% على الخروج من الاتحاد الأوروبي، هلل الكل لديمقراطية الشعب البريطاني العريق، ولم يتهم أدعياء الديمقراطية الشعب البريطاني بالجهل والغباء، ولم يطعنوا في نتيجة الاستفتاء، ولم يطالبوا برفض النتائج على أساس أن النسبة جد قريبة بين المؤيدين والرافضين”.

وتابع “لكن عندما صوّت الأتراك بنفس النسبة على تعديلات دستورية بشكل شفاف وبكل حرية وأمام منافسة شرسة بين الرافضين للتعديلات والمؤيدين لها، خرج خريجو الاستبداد والرأي الواحد وثقافة الإجماع و99% لاتهام الشعب التركي بأنه ضحية خداع أردوغان وخطابه العاطفي والديني، وأن نسبة 51% غير كافية وتقسم الشعب. إنها القابلية للاستبداد”، بحسب الباحث المغربي.

** مستقبل بإرادة فولاذية

ووفق النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحاكم في المغرب، محمد الخمليشي، فإنه: “اتفقنا أم اختلفنا مع أردوغان لابد أن نقر له أنه صانع انتصارات العدالة والتنمية المتتالية.. إنه شخصية قوية حققت ما عجز عنه كل السياسيين الذين سبقوه منذ تأسيس تركيا الحديثة على يد (مصطفى كمال) أتاتورك (عام 1932)”.

ومضى الخمليشي قائلا، على “فيسبوك”: “كما علينا أن نقر أن تركيا بلد يحتكم للديمقراطية، ويصنع مستقبله بإرادة فولاذية تصهر في بوتقة واحدة رؤية قيادته السياسية الطامحة لنهضة بلدها وشعب يحلم باستعادة ريادته الحضارية ويعمل من أجل ذلك بجد”.

وأشاد بأن “تركيا التي يحتل اقتصادها القوي والصاعد مكانة محترمة بين مجموعة العشرين، ويحتل المرتبة التاسعة عشر عالميا بالنظر إلى ناتجه القومي الاجمالي، لا تخشى من فتح علبة القرار السياسي أمام مواطنيها”.

وتابع أنه “لا يمكن أن ننسى كيف واجه الأتراك قبل شهور بعزم وحسم دبابات الجيش، الذي تورط جزء منه في الانقلاب على الديمقراطية وعلى أردوغان، كما أننا لا يمكن أن نغفل كيف أنه في مقدمة من تصدى للانقلاب وجدنا معارضو أردوغان”.

وختم البرلماني المغربي بقوله: “حُقَّ للأتراك أن يفخروا بذلك… وحُقَّ لنا أن نتأمل في الأردوغانية، في الزعامات التاريخية، في دور الأشخاص والمؤسسات، في التحدي الحضاري والاستجابة المناسبة بتعبير المؤرخ ارنولد توينبي”.

وشاكرا كل الأتراك بغض النظر عن آرائهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وعد الرئيس التركي، أمس، بـ”مزيد من العمل والمواظبة على تطوير البلاد في كافة المجالات”.

وزاد أردوغان بقوله: “تعرضنا لهجوم من قِبل العقلية الصليبية الموجودة في الغرب، ومن الداخل استهدفنا أعوانهم، لكننا عملنا دون كلل أو ملل وصمدنا في وجه هجماتهم مستمدّين قوتنا من شعبنا”.

الاناضول

أحدث الأخبار

دعوة تركية للأكاديميين الذين خسروا عملهم بسبب دعمهم لفلسطين: أبواب جامعاتنا مفتوحة لكم

قال رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، السبت 11 مايو/أيار 2024، إن أبواب جامعات بلاده مفتوحة…

12/05/2024

إعلام مصري: القاهرة ترفض التنسيق مع إسرائيل بشأن معبر رفح

نقلت قناة القاهرة الإخبارية الفضائية المصرية، السبت 11 مايو/أيار 2024، عن مصدر رفيع المستوى قوله…

12/05/2024

استطلاع رأي يصدم إسرائيل.. الطلاب الأمريكيون يؤيدون المحتجين ودعم لحماس ورفض حق إسرائيل بالوجود

أظهر استطلاع جديد وصفته صحيفة "نيويورك بوست"بالـ"صادم"، أن غالبية طلاب الجامعات يدعمون الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل…

12/05/2024

اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بانجاز اتفاق للأفراج عن الأسرى لدى حماس

اندلعت اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بانجاز اتفاق للإفراج عن أسرى إسرائيليين لدى…

12/05/2024

مسيرة في إسطنبول تستنكر هجمات إسرائيل على رفح

نظمت منصة "الحرية لفلسطين" التركية (أهلية)، السبت، مسيرة تضامنية مع فلسطين في منطقة "بيوغلو" الواقعة…

12/05/2024

دفاع تركيا عن العدالة: رسالة قوية لإحياء الحلم الفلسطيني في الأمم المتحدة

رحبت تركيا، الجمعة، بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يدعم طلب فلسطين الحصول على عضوية…

12/05/2024