من هم الذين خسروا تركيا؟

صدر مقال جديد في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية حول العلاقات بين أنقرة وواشنطن، بعنوان: “من هم الذين خسروا تركيا؟”
المجلة المذكورة كانت تصنّف بين أرقى المجلات الأمريكية شبه الأكاديمية. لكن يبدو أن موجة انهيار المؤسسات الأمريكية أثرت عليهم أيضاً، إذ أن محتوى المقال غير متطابق مع الواقع بأي شكل من الأشكال.

المقال يتطرق لآراء جميع الشخصيات التي تعادي تركيا، ومن ثم يسرد أحداثاً لا علاقة لها بسياق الموضوع، وسط تزييف الحقائق، متسائلاً في العنوان: “من هم الذين خسروا تركيا؟”

لا ندري أي الأكاذيب نصححها في المقال، لكن نذكر هنا بعض النقاط في هذا الخصوص.
قبل كل شيء، عنوان المقال “من هم الذين خسروا تركيا؟” محاولة لشيطنة تركيا وتشبيهها بوضع الصين خلال الحرب الباردة، أي التلميح إلى أن أنقرة تميل إلى معسكر عالمي آخر، في خطوة الهدف منها تعزيز معاداة تركيا في الغرب.

وقامت المجلة في سبيل هذا، بالتطرق إلى آراء جميع من يعادون تركيا في الولايات المتحدة، دون أن تذكر ردود تركيا على الاتهامات التي أوردتها.

إحدى الأخطاء الأخرى التي وقع مقال المجلة الأمريكية فيها، عدم قراءة الأحداث التاريخية وأسباب ما آلت إليه العلاقات بين البلدين حالياً، بشكل صحيح. حيث يرجع المقال بدايات تدهور العلاقات بين أنقرة وواشنطن، إلى الحرب العراقية، مع أنه في الواقع شهدت علاقات البلدين تطوراً وازدهاراً بعد حرب العراق، ولو بحثنا بشكل حقيقي عن سبب تدهور العلاقات مع واشنطن في الخارج، لكانت سوريا أحق بهذا المثال، ولكان عام 2011 أحق بأن يقال عنه إنه بدايات تدهور علاقات البلدين.

عندما تركت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، تركيا وحدها في مواجهة تنظيم “داعش”، ودعمت تنظيم “ب ي د/ي ب ك”، كانت العلاقات بين البلدين قد تدهورت إلى حد ما ولم تعد طبيعية كما في السابق.

كبرى الأكاذيب المذكورة في المقال هي أن “تركيا لم تتحمل المسؤولية الكافية واللازمة في مكافحة داعش، الأمر الذي دفع إدارة أوباما مضطرة لدعم ب ي د/ي ب ك.”

علينا ألا ننسى أن تركيا هي البلد الوحيد الذي حارب تنظيم “داعش” براً. كما أن إدارة أوباما كانت قد بدأت في دعم “ب ي د” قبل ذلك بكثير.

في الوقت الذي كانت تحارب فيه تركيا مختلف المنظمات الإرهابية وحدها، كان الإعلام الأمريكي يحرض على القيام بانقلاب يطيح بالحكومة الشرعية. رغم كل هذا يتساءل المقال “من هم الذين خسروا تركيا؟”، في مشهد قذر ومليء بالحماقة..

تركيا ربما قد أخطأت في بعض الأحيان، إلا أنها لم تكن المخطئة قط في تدهور العلاقات بينها وبين واشنطن. بل كانت الأخيرة هي المتسببة بهذا. فيما كانت تركيا تبذل قصارى جهدها للحيلولة دون وقوع هذا الأمر.

ظن البعض أن تركيا سترضخ أمام هذه التطورات وتبقى عاجزة ومكتوفة اليدين. إلا أنها وجدت طرقاً وبدائل جديدة وعدة.

.

 بواسطة/حسن بصري يالتشين-اخبار تركيا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.