تضليل إعلامي وخداع تكتيكي: تفاصيل عملية تحرير اسرى الاحتلال في رفح

كنا قد تحدثنا في تحليل عسكري سابق، تحت عنوان (معركة رفح المرتقبة) عن الأهداف المتوقعة للهجوم الصهيوني على محافظة رفح، وذكرنا جزء من شكل وأساليب الهجوم المتوقعة هناك، وأن الأوساط السياسية و العسكرية والأمنية الصهيونية بدأت بتهيئة الأجواء للإنطلاق بعمل هجومي كبير على رفح، وذكرنا من ضمن الأهداف التي يسعى له الجيش الصهيوني من وراء الهجوم المرتقب:

– محاولة الوصول لعدد من أسراه المتواجدين في معاقل القسام بمدينة رفح.

حادثة الليلة بحي الشابورة برفح تُفسر المغامرة الصهيونية بالعمل خلف خطوط المقاومة، لتحقيق إنجاز عملياتي سريع هناك، يمكن توظيفه في عدة مسارات لديهم، وإليكم أبرز ملاحظاتنا على هذه الحادثة:

– بداية لسنا أمام الهجوم الحقيقي الواسع على رفح، حيث أنه لم يبدأ بعد، نحن أمام إجراء عملياتي؛ الهدف منه تحرير بعض أسراه بالمنطقة.

– نرى أن الجيش الصهيوني مارس عملية خداع تكتيكي وتضليل اعلامي، سبقت تنفيذ إغارته السريعة في رفح، لتحقيق المفاجأة في ميدان المعركة حال تنفيذه لها.

– هذه العملية المركبة ليست وليدة اللحظة بل كانت طويلة وعميقة التخطيط بين مكونات المؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية، جمعاً للمعلومات الاستخباراتية وتدريباً للوحدات المكلفة بالتنفيذ.

– لأول مرة منذ بداية الحرب على قطاع غزة، تكون عملية بهذا الحجم وبهذا النوع من إعداد وتخطيط وتنفيذ رئيسي لجهاز الأمن العام الصهيوني ( الشاباك )، في حين انحصر دور الجيش الصهيوني على تقديم عمليات الإسناد الناري وتشكيل الحماية لوحدات الشاباك المنفذة فقط.

– الهجوم الصهيوني كان عبارة عن إغارة خلف الخطوط ضمن تكتيكات ” الإستطلاع الخاص “، بإشراف ” إدارة عمليات الشاباك “، وقادت هذه الإغارة وحدة يمام النخبوية المعروفة ب( IMM )، وهذا أول مشاركة علنية لها بالحرب الجارية على قطاع غزة، وهي وحدة شرطية خاصة وليست وحدة عسكرية، والتي حصلت على الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب عام 2019، بعد إخفاق الوحدة العسكرية ( سرييت متكال ) على يد القسام في خانيونس 2018م.

– منذ يومين تم إعادة اللواء السابع المدرع ( لواء ساعر ) إلى منطقة العمليات الجنوبية، بعد أن سحبه الجيش الصهيوني منذ مدة قصيرة لخارج قطاع غزة، وكان الهدف من إعادته زجه لمنطقة عمليات رفح ووضعه في حالة تقرب عملياتي وتماس مباشر مع رفح لإجراء تدخل عاجل في حال وقوع القوة المنفذة لعملية تحرير أسراه في كمين من المقاومة، واللواء السابع هو اللواء النخبوي الأول في سلاح المدرعات الصهيوني.

– العمل المركب كان بتنسيق عالي بين جهاز الشاباك والجيش الصهيوني، وقد تم توظيف سلاح الجو في تشكيل مظلة جوية عبر القيام بأحزمة نارية كثيفة في محيط مسرح العملية لتشتيت قوات المقاومة عن الهدف الحقيقي للإنزال وتثبيت قدراتها، ولعزل الهدف المراد الوصول له، وكذلك تم توظيف سلاح البحرية الصهيوني بالعملية عبر استخدامه لتكتيكات الهجوم بالنيران والدعم بالنيران، لتثبيت قوات المقاومة في عدة مواقع دفاعية، وإتاحة المجال لوحدات الشاباك المنفذة للعمل، مع وضع لوحدة شيططت 13 النخبوية في حالة استعداد للتدخل السريع قرب شواطىء رفح.

– أشرفت قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الصهيوني على خطط دعم الواجب العملياتي برفح، كون الهدف يقع في منطقة صلاحياتها، وكانت الفرقة 98 المظلية على رأس المهمة والتي تقود العمليات أساساً في محاور التقدم والهجوم بخانيونس.

– يسعى المستوى السياسي والعسكري والأمني لتوظيف هذه العملية إعلامياً وداخلياً، وأيضاً على مستوى العمليات النفسية في محاولة لترقيع فشله في تحرير أسراه كهدف كبير أعلن عنه بداية حربه على غزة.

– أياً كان الفصيل الذي كان يحتفظ بهؤلاء الأسرى، فإنه قد قام بواجبه وأدت المجموعة المكلفة بالأسر ما عليها، بعد أكثر من 120 يوماً على صمودها واحتفاظها بالأسرى في ظروف معقدة، وفي ظل حرب شرسة على المقاومة، وامتلاك العدو لتقنيات متقدمة في الملاحقة والمطادرة.

– نرى هذه العملية لن تكون الأخيرة في محاولات الصهاينة لتحرير أسراهم عسكرياً وأمنياً، وبالرغم من فشلهم المتراكم؛ لكن نحن أمام عدو مبادر ومغامر ومخادع، ويمتلك قدرات نارية واستخباراتية عالية، تمكنه من القيام بأعمال نوعية لنفس الغرض.

– من المؤكد أن المقاومة ستكون لها روايتها وكلمتها في هذه العملية، والظروف التي أحاطت بها، وستضع المتابعين بحيثيات وحقيقة ما جرى.

 

بقلم أسامة خالد
مختص وباحث في الشؤون العسكرية والأمنية

ملاحظة: المقالة لا تعبر بالضرورة عن سياسة موقع تركيا الان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.