الاقتصاد التركي.. حالة من الاستقرار وصعود متسارع

تعيش تركيا منذ مطلع العام 2017، حالة من الاستقرار الاقتصادي وتسارع في نسب النمو، مسجلةً تعافٍ سريع من محاولة الانقلاب الفاشل التي شهدتها البلاد في يوليو/ تموز 2016.

وتراجعت وكالات تصنيف ائتماني عن توقعات متشائمة لها حيال الاقتصاد التركي مطلع العام الجاري، وأعلنت في النصف الثاني 2017، أن وتيرة النمو في البلاد تسجل معدلات لافتة.

– إصلاحات هيكلية

في مقابلة مع الأناضول، يقول مدير البنك الدولي لدى تركيا، يوهانس زوت، إن الاقتصاد التركي شهد انتعاشا قويا خلال العام الجاري، بعد الظروف الداخلية والخارجية الصعبة التي واجهتها البلاد العام الماضي.

“زوت” أضاف أن النمو سيرتفع بنسب أعلى، في حال أجرت تركيا إصلاحات هيكلية واسعة النطاق على سياسات الاقتصاد الكلي، من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى المتوسط.

“تسريع الإصلاحات الهيكلية، سيؤدي دورا رئيسياً في زيادة الانتاجية ويدعم النمو، ويعزز ثقة المستثمرين، ويحد من نقاط الضعف”، بحسب مدير البنك الدولى.

وتشمل الإصلاحات الهيكلية الأساسية، بحسب مدير البنك الدولي في تركيا، تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز القطاع المالي، وتعزيز إدارة الإنفاق العام، واستكمال إصلاحات سوق العمل، وزيادة نوعية النظام التعليمي.

وتقدمت تركيا 9 مراكز في تقرير توقعات ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018، الصادر عن البنك الدولي نهاية أكتوبر/تشرين أول الماضي، من المركز الـ 69 عالمياً في تقرير 2017 إلى المركز 60 عالمياً لعام 2018.

وتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2018، هو تقرير سنوي يصدر عن دائرة أنشطة الأعمال في البنك الدولي، ويقدم أداء 190 اقتصادا في سهولة تنفيذ الأعمال.

“زوت” لفت إلى أن هذه الإصلاحات ستساعد على تعزيز مناعة الاقتصاد وانتعاش استثمارات القطاع الخاص على المدى المتوسط.

وأضاف أنه إلى جانب تعزيز مناعة الاقتصاد، ستكون الإصلاحات الهيكلية، بمثابة إشارة واضحة، وتحقق زيادة التمويل الأجنبي وقروض طويلة الأجل للقطاعات المؤسسية والمصرفية.

– حوافز الاستثمار

وكان للحوافز التي قدمتها الحكومة التركية والطلب الخارجي المتزايد الأثر الكبير في تحقيق الانتعاش الاقتصادي القوي للبلاد، بحسب “زوت”، وتابع “الاقتصاد التركي حقق نموا بنسبة 7.4 بالمائة في الأشهر التسعة الأولى من 2017”.

وأوضح أن انخفاض أسعار الطاقة في 2016 والأداء الاقتصادي المستقر، بلغ عجز الحساب الجاري، للناتج الإجمالي المحلي التركي 3.8 بالمائة، وارتفع اعتبارا من سبتمبر/ أيلول الماضي إلى 4.7 بالمائة نظرا لاستيراد كميات كبيرة من الذهب وزيادة فواتير الطاقة.

ورفعت تركيا خلال العام الجاري حيازتها للذهب كجزء من الأصول الاحتياطية، إذ بلغت 525.8 طنا بحسب أرقام مجلس الذهب العالمي، الصادرة خلال وقت سابق من ديسمبر/كانون أول الجاري.

– التضخم

أكد “زوت”، أن أكبر تحد أمام الاقتصاد التركي خلال العام المقبل، هو ارتفاع التضخم.

وبيّن أن انخفاض قيمة الليرة التركية، وارتفاع أسعار الطاقة العالمية، وارتفاع أسعار الأغذية مع ازدياد الطلب الداخلي، رفع معدل التضخم إلى أرقام مؤلفة من خانتين.

وتوقع أيضا أن تنخفض وتيرة نمو الاقتصاد التركي خلال العام المقبل، بسبب ضغوط معدل التضخم الداخلية، والتآكل المالي خلال الفترة الأخيرة، والسياسات المالية غير الداعمة للاقتصاد.

وأضاف “ما يزال ارتفاع معدلات التضخم الرئيسية والأساسية خلال الشهر الماضي (نوفمبر)، يشكل خطرا سلبيا كبيرا على الاقتصاد”، بحسب مدير البنك الدولي في تركيا، الذي أعرب عن اعتقاده أن البنك المركزي لن يصل إلى هدف التضخم المنشود على المدى القصير.

وأوضح أن معدل الصادرات التركية، ارتفع إلى دول الاتحاد الأوروبي بسبب الطلب المتزايد وانخفاض الليرة التركية.

وسبق أن توقع وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي في أكتوبر الماضي، أن يسجل العام 2017، حجم صادرات بقيمة 157 مليار دولار.

وتوقّع أن تحقق منطقتي أوروبا وآسيا الوسطى نموا هو الأكبر منذ 6 أعوام، بنسبة 2.2 بالمائة خلال العام الجاري، مبينا أن المنتجات الصناعية والصادرات لها دور كبير في هذا النمو.

واختتم “زوت” مقابلته قائلا “هناك توقعات بأن يحقق الاقتصاد في أوروبا وآسيا الوسطى، نموا بمعدل 1.9 بالمائة، خلال العامين المقبلين، على الرغم من مخاطر مثل انخفاض أسعار السلع، والضعف في القطاع المالي، وتغيّر هيكلية العمالة”.

وعلى وجه الخصوص فإن النمو المتصاعد لدى الاتحاد الأوروبي، من شأنه الإسهام في استدامة أداء الصادرات التركية القوي، وتحقيق مزيداً من النمو المتوازن خلال العام 2018.

 

الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.