لماذا يدعم الأسد الأكراد في عفرين ضد تركيا سراً؟

نشرت صحيفة Haaretz الإسرائيلية تقريراً عن علاقة الأكراد بالرئيس السوري، جاء فيه أن الأكراد، المدعومين من الولايات المتحدة، يتلقون دعماً غير مباشرٍ من مصدر غير محتمل في حربهم ضد تركيا بمنطقة عفرين (شمال غربي سوريا)، ذلك المصدر هو الرئيس السوري بشار الأسد.

يضيف التقرير أن إسرائيل تحاول تقليل النفوذ الإيراني في هذا البلد بينما تسعى روسيا لحضور دائم، ويسير حليفا الناتو، تركيا والولايات المتحدة، على مسار تصادمي في الشمال الغربي، ليست مساعدة الأسد للأكراد سوى مجرد تحول غريب آخر في صراع معقد.

قاتلت القوات الموالية للنظام والقوات التي يقودها الأكراد أحدها الآخر في سوريا، ودمشق تعارض مطالِب الأكراد بالحكم الذاتي. ولكن في عفرين، لديهم عدو مصلحة مشتركة في منع التقدم التركي.

وقد شنت تركيا، التي تعتبر ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين تهديداً على حدودها الجنوبية، هجوماً على المنطقة الشهر الماضي (يناير/كانون الثاني 2018). وسعياً منهم لحماية عفرين، طلب الأكراد من دمشق إرسال قوات للدفاع عن الحدود.

كيف تساعدهم؟

قال ممثلو الجانبين لوكالة رويترز للأنباء، إن الحكومة لا تُظهر أي علامة على ذلك، ولكنها تقدم مساعدة غير مباشرة من خلال السماح للمقاتلين الأكراد والمدنيين والسياسيين بالوصول إلى عفرين عبر الأراضي التي تسيطر عليها.

ويحصل الأسد على الكثير من المزايا بينما يفعل القليل.

ومن المرجح أن يحافظ وصول التعزيزات على الميليشيا الكردية، ويعيق تقدم القوات التركية، ويطيل صراعاً يستنزف موارد القوى العسكرية التي تنافسه على السيطرة على الأراضي السورية.

وبالنسبة للولايات المتحدة، هناك تعقيد آخر في الحرب السورية المستمرة منذ 7 سنوات، وتذكير بأن على حلفائها الأكراد في سوريا أحياناً أن يتعاملوا مع الأسد ولو في أثناء بنائهم علاقات عسكرية مع الولايات المتحدة، حسب تقرير Haaretz.

وفي غياب الحماية الدولية، تقول القوات التي يقودها الأكراد في شمال سوريا، إنها توصلت إلى اتفاقات مع دمشق للسماح بإرسال التعزيزات إلى عفرين من مناطق أخرى يسيطر عليها الأكراد، وهما كوباني ومنطقة الجزيرة.

وقال كينو غابرييل، المتحدث الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية: “هناك طرق مختلفة للحصول على التعزيزات في عفرين، لكن الطريق الأساسي هو من خلال قوات النظام، وهناك تفاهمات بين القوتين… من أجل توصيل التعزيزات إلى عفرين”.

وبينما يعتمد الأكراد على الأسد للوصول إلى عفرين، تقول المصادر الكردية إنهم يتمتعون أيضاً بقدرة على التأثير على دمشق؛ لأنها تحتاج إلى تعاونهم من أجل الحصول على الحبوب والنفط من مناطق الشمال الشرقي الخاضعة للسيطرة الكردية.

وقال قائد في التحالف العسكري الموالي للأسد: “لا يملك الأكراد خياراً سوى التنسيق مع النظام” للدفاع عن عفرين.

وقال القائد، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن “النظام السوري يساعد الأكراد على تقديم الدعم الإنساني وبعض الخدمات اللوجيستية مثل غض الطرف والسماح للدعم الكردي بالوصول إلى بعض الجبهات”.

الحملة التركية تتحرك ببطء

يحقق الجيش التركي مكاسب بطيئة بعد مرور نحو 3 أسابيع في العملية التي يطلق عليها “غصن الزيتون”.

وتعتبر أنقرة قوات وحدات حماية الشعب امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي خاض تمرداً استمر 3 عقود في تركيا، وتعتبره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي جماعة إرهابية.

اعتمدت الولايات المتحدة على قوات وحدات حماية الشعب باعتبارها عنصراً حيوياً في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ودعمت الجماعة بالمناطق الأخرى التي يديرها الأكراد في شمال سوريا على طول الحدود مع تركيا.

لكن القوات الأميركية ليست في عفرين؛ لذلك لم تتمكن من حماية المدينة من الهجوم الذي شنته تركيا، عضو حلف الناتو.

ويتهم الأكراد روسيا في الوقت نفسه بإعطاء الضوء الأخضر للهجوم التركي من خلال سحب مراقبين كانت قد نشرتهم في عفرين العام الماضي (2017).

وتشكل معركة عفرين تطوراً آخر في القصة المعقدة للعلاقات بين الأسد والجماعات الكردية السورية التي تقودها وحدات حماية الشعب، التي أقامت مناطق حكم ذاتي في شمال سوريا منذ بدء الحرب في عام 2011.

وتسيطر وحدات حماية الشعب على الحدود السورية كلها مع تركيا. ولكن عفرين مفصولة عن المنطقة الأكبر التي يسيطر عليها الأكراد في الشرق بمنطقة تمتد لمسافة 100 كيلومتر، يسيطر عليها الجيش التركي وحلفاؤه من الميليشيات السورية.

وفي كثير من الحرب، تجنبت دمشق ووحدات حماية الشعب المواجهة، وفي بعض الأحيان حاربتا أعداءً مشتركين، بما في ذلك قوات المعارضة التي تساعد الآن تركيا على الهجوم على عفرين.

بيد أن التوترات اندلعت في الأشهر الأخيرة؛ إذ هدَّدت دمشق بالدخول في أجزاء من شرق وشمال سوريا، استولت عليها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وأكد التحالف أن القوات الموالية للنظام السوري هاجمت قوات سوريا الديمقراطية في مقاطعة دير الزور شرق البلاد؛ مما أسفر عن شن ضربات جوية من التحالف في ليلتها، أدت إلى مصرع أكثر من 100 من المهاجمين.

وقال نوح بونسي، المحلل المختص بالشأن السوري بمجموعة الأزمات الدولي: “لقد سمح النظام لوحدات حماية الشعب بإحضار الجنود إلى عفرين، بينما يهاجمها شرق نهر الفرات. وأعتقد أن ذلك دليلٌ على وضع العلاقات الآن”.

وأضاف: “لا تزال هناك فجوة كبيرة بين مواقف وحدات حماية الشعب والنظام على مستقبل شمال شرقي سوريا”.

القتال على عفرين

لا تزال الجماعات الكردية السورية الرئيسية متمسكة برؤيتها لسوريا، حيث تتمتع بالاستقلالية في شكل من أشكال الفيدرالية، التي تتناقض مع إصرار الأسد على استعادة كل سوريا.

وقد سمح كل جانب للطرف الآخر بالحفاظ على موطئ قدم في أراضيه. ففي مدينة القامشلي التي يسيطر عليها الأكراد، لا تزال الحكومة تسيطر على المطار. وفي حي الشيخ مقصود بحلب، وهي مدينة تابعة للنظام، تمر دوريات قوات الأمن الكردية بالشوارع.

وقال مسؤولون أكراد إن العديد من الأكراد من الشيخ مقصود توجهوا إلى عفرين للقتال. وتتطلب الرحلة القصيرة التنقل عبر المناطق التابعة للنظام أو حلفائه من الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً.

وقال بدران هيمو، وهو مسؤول كردي من الشيخ مقصود: “بالطبع، ذهب أناس بالمئات من الشيخ مقصود ليحملوا السلاح ويدافعوا عن عفرين”.

وقال لـ”رويترز” إن “نحو 10 منهم قُتلوا” بينما كانت قوات الأمن الكردية تجوب الشوارع إحياءً لذكرى أحد القتلى.

وفى وقت سابق من هذا الأسبوع، قال شهود عيان إن قافلة مدنية من مئات السيارات ذهبت إلى عفرين من المناطق الأخرى التابعة للأكراد؛ تضامناً معهم.

جديرٌ بالذكر أن الحكومة السورية قد تجاهلت مطالبة السلطات الكردية بحراسة الحدود السورية في عفرين.

وقال آلدار خليل، أحد كبار السياسيين الأكراد، لـ”رويترز”: “حاولنا إقناعهم، عبر الروس، بحماية الحدود على الأقل، لاتخاذ موقف، لكننا لم نصل إلى نتيجة”.

وأضاف: “إذا لم يحموا الحدود فإنهم -على الأقل- ليس لديهم الحق في منع الطريق أمام الوطنيين السوريين الذين يحمونها، بغض النظر عن القضايا الداخلية الأخرى”.

 

 

هاف بوست

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.