شخصيات يهودية.. تركيا واحة الأقليات الوادعة منذ العثمانيين

أجمعت 3 شخصيات من الطائفة اليهودية في تركيا، على أن الأقليات الدينية بالبلاد تنعم بأجواء التعايش المشترك منذ أيام العثمانيين الذين فتحوا أبوابهم أمام الباحثين عن ملاذ آمن، من مختلف أرجاء العالم.

موريس ليفي، ممثل أوقاف الأقليات لدى المديرية العامة للأوقاف بتركيا، شدّد على أن الطوائف التي شكّلت أقليات في المجتمع أيام الدولة العثمانية، حظيت بمعاملة حسنة.

وقال: “لطالما جرى احتضان الأقليات مثل الأرمن والسريان والكلدان جنوب شرقي الأناضول وشرقه، والروم في غربه، واليهود المتواجدين في أرجاء الدولة العثمانية، بشكل جيد على الدوام”.

ففي الأناضول، لطالما تعايشت الأقليات، ولطالما استقبلت هذه المنطقة المهاجرين من أنحاء العالم.

ووفق ليفي، فإن هناك من قدم من منطقة القوقاز، وآخرون من الدول العربية، ومن أوروبا”، مشيرا إلى أن “تركيا بلاد رائعة، وشكلت على الدوام حضارة منفتحة على الثقافات الأخرى”.

كما اعتبر أن “التعدد الثقافي، في الواقع، هو الذي غذّى هذه الأراضي التي نعيش عليها”.

وفي معرض حديثه عن السياسات الحكومية التركية تجاه الأقليات، لفت ليفي إلى أن حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة التي تولت إدارة البلاد، في الأعوام الـ15 الأخيرة، عملت على تلبية مطالب الأقليات، من خلال مقاربة جديدة.

وأوضح أن أوقاف الأقليات دخلت مرحلة استرداد ممتلكاتها غير المنقولة، في ظل حكومات العدالة والتنمية، بل إن بعض الأقليات استردت ممتلكاتها بالفعل، والتي نقلت ملكيتها في الماضي إلى الدولة.

واستشهد ليفي بإعادة كنيسة للسريان الكاثوليك، مؤخرا، من قبل مجلس الأوقاف في المديرية العامة للأوقاف، علاوة على صدور قرار، العام الماضي، بإعادة 55 عقارا للطائفة السريانية في ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا.

– “العثمانيون منحوا الجميع فرصة للتعايش”

نيسيا إيشمان أللوفي، مديرة متحف اليهود الأتراك، التابع لـ”وقف العام 500″، اعتبرت، من جانبها، أنّ اليهود الذين اضطروا للهجرة من إسبانيا إلى الأراضي العثمانية بموجب “مرسوم الحمراء”، الصادر عام 1492، عاشوا في طمأنينة على مدار عصور في المجتمع العثماني.

وفي حديثها للأناضول بمناسبة ذكرى طرد اليهود من إسبانيا، تطرقت أللوفي إلى المرسوم (قرار الطرد) الذي أصدره الملك الإسباني فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا الأولى، في 31 مارس/ آذار 1492.

وقالت إنه تم منح اليهود مهلة 6 أشهر لتغيير دينهم أو مغادرة إسبانيا في موعد أقصاه الثاني من أغسطس/ آب 1492.

ولفتت إلى أن بيازيد الثاني، ثامن السلاطين العثمانيين (عاش بين عامي 1447 و1512)، شعر بالدهشة حيال القرار الإسباني، وتساءل موجها كلامه لـ”فرناندو الثاني”: “كيف يمكن وصف حاكم بالحكيم إن كان يثري بلادي بينما يُفقر بلاده؟”.

وذكرت أن 150 ألفا من أصل 300 ألف يهودي توزعوا في العالم عقب المرسوم، وصلوا الأراضي العثمانية بشكل آمن، عبر السفن التي أرسلها السلطان العثماني بيازيد الثاني إلى إسبانيا.

وبعكس الملك الإسباني، كان بيازيد الثاني ينظر لليهود على أنهم عنصر جدير بالثقة في التجارة.

ومع أنّ اليهود الذين وصلوا الأراضي العثمانية فقدوا ممتلكاتهم في إسبانيا، أشارت أللوفي إلى أنهم نجحوا، في المقابل، في الحفاظ على ثقافتهم وخبراتهم، في ظل الدولة العثمانية “التي منحت فرصة التعايش المشترك للجميع على هذه الأراضي”.

وشدّدت على أن الدولة العثمانية التي لم تتجه للتمييز بين مواطنيها على أساس اللغة والدين والعرق، خلقت بيئة للتعايش المشترك بين مختلف المكونات على مدار مئات الأعوام.

ولفتت أللوفي إلى أن اليهود والأتراك مازالوا يعيشون إلى يومنا هذا جنبا إلى جنب في تركيا، ويتبادلون التهاني في الأعياد.

– “اليهود مارسوا دينهم بكل حرية”

من جهته، قال إيفو موليناس، رئيس تحرير صحيفة “شالوم” الأسبوعية التي تصدرها الطائفة اليهودية في تركيا، إن المسيحيين الذين سيطروا على شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال) أرغموا اليهود على التحول إلى المسيحية، وطردوا من لم يقبل ذلك.

ولفت موليناس في حديث للأناضول، إلى أنه ينحدر من اليهود المطرودين من إسبانيا ولجؤوا إلى الدولة العثمانية عام 1492، حيث جرى استقبالهم دون أن يواجهوا مشكلة دينية على مر العصور.

وبحسبه فإن “اليهود مارسوا دينهم بكل حرية في الأراضي العثمانية”، حيث عاشوا بحرية في الأندلس في عهد المسلمين، ولم تبدأ الصعوبات إلا عقب سيطرة المسيحيين على شبه الجزيرة الإيبيرية.

وعزا موليناس ذلك إلى أن المسيحيين لم يكونوا يرغبون بوجود أي دين مختلف في تلك المنطقة، ما أدى إلى طرد اليهود أولا ومن بعدهم المسلمين.

وباستثناء بعض الحوادث الفردية “المؤسفة”، عاش اليهود بسلام على مر عصور في الدولة العثمانية، ولم يتعرضوا لأي سياسة تذويب قسري في المجتمع، وفق موليناس.

– “لا يصح تحميلنا فاتورة ممارسات إسرائيل”

موليناس تطرق إلى وجود حملات، في الآونة الأخيرة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تستهدف اليهود في تركيا، على خلفية الغضب المتصاعد ضد الممارسات الإسرائيلية.

وأعرب عن قلقه من تحول “خطاب الكراهية” هذا إلى معاداة للسامية واليهود، معربا عن أمله وطائفته في تدخل الدولة والقضاء التركيين للتصدي لمثل هذه الحملات الالكترونية.

وختم موليناس حديثه قائلاً: “لا يصحّ تحميل اليهود الذين يعيشون هنا، فاتورة ممارسات إسرائيل”.

 

 

.

م.الاناضول

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.