ما تداعيات قضية خاشقجي على السلك الدبلوماسي السعودي؟

تطرح قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي والاتهامات التركية بقتله في مبنى قنصلية الرياض في اسطنبول، تساؤلات مهمة حول تأثيراتها على صورة الدبلوماسية السعودية في العالم، وتداعياتها على السلك الدبلوماسي دوليا.

 

وعلى الرغم من أن أزمة خاشقجي تشغل وسائل الإعلام العالمية والدبلوماسية الدولية منذ تسعة أيام، إلا أن الدبلوماسية السعودية ممثلة بوزارة الخارجية التزمت الصمت تماما حيال القضية، فيما اقتصرت تصريحات البعثات الدبلوماسية السعودية على لقاء القنصل العام في إسطنبول مع وكالة رويترز، وتصريحات الأمير خالد بن سلمان سفير الرياض في واشنطن.

 

ولا تكاد تمر ساعة دون صدور تصريحات دولية جديدة تطالب بالكشف عن خاشقجي، وتنذر بتداعيات سلبية على العلاقة مع الرياض في حال ثبوت الاتهامات التركية، إلا أن الدبلوماسية السعودية لا تزال تلتزم الصمت.

 

وكان لافتا أن الأمير خالد بن سلمان سفير الرياض في واشنطن حاول النأي بالسلك الدبلوماسي عن الأزمة، حيث أكد في تصريحات لـ”واشنطن بوست” أن من غير الممكن أن يعمل موظفو القنصلية على التعتيم على مثل هذه الجريمة، و”أن لا يكون لنا علم بذلك”.

 

وسبق أن نشرت وكالة “أن بي سي نيوز” الأمريكية، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن خاشقجي تم استدراجه إلى القنصلية في تركيا، وقالت إن خاشقجي راجع سفارة بلاده في واشنطن، لاستخراج الأوراق التي حاول الحصول عليها في تركيا، إلا أن السفارة أخبرته بأنه يجب عليه الذهاب لاستصدارها في إسطنبول، وفي حال صحت هذه الأنباء فإن هذا يجعل سفارة الرياض في واشنطن جزءا من عملية الاستدراج.

 

ويشار في هذا الصدد إلى أن السفير السعودي في واشنطن، هو شقيق الأمير محمد بن سلمان، وهو الأمير خالد.

 

وقال مصدر دبلوماسي إن القضية ستحمل تداعيات خطيرة على السلك الدبلوماسي السعودي في حال ثبوت قتل خاشقجي في مبنى القنصلية، أو ثبوت دور سفارة الرياض في واشنطن باستدراج الصحافي السعودي لمراجعة قنصلية بلاده في إسطنبول.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن ثبوت هذه الجريمة سيشكل سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الدولية، وأنها ستجعل كل البعثات الدبلوماسية السعودي في موضع اتهام، وهو ما سيصعب عملها في دول العالم المختلفة.

وتابع المصدر، إن خطورة القضية وحجم الإدانة الدولية والمتابعة الإعلامية لها تنطلق من كون الاتهام في حال ثبوته سيقوض المبادئ المؤسسة للعمل الدبلوماسي منذ ظهور النظام العالمي الجديد، وهي المبادئ التي تقوم على أن البعثات الدبلوماسية ومبانيها هي أماكن آمنة، وأنها بنفس الوقت أماكن محصنة من تدخل الدول المضيفة، مشيرا إلى أنه في حال ثبوت الجريمة فإن ذلك سيظهر البعثات الدبلوماسية السعودية في مظهر الخارج عن المبادئ المؤسسة للأعراف الدبلوماسية في العالم.

ويبدو أن التداعيات على الدبلوماسية السعودية قد بدأت سريعا، فقد قال “موقع ميدل إيست اي” البريطاني، أمس الأربعاء? أن القنصل السعودي لم يغادر منزله منذ ثلاثة أيام بسبب الأزمة، وهو ما يمثل تأثيرا مباشرا على عمل البعثة الدبلوماسية. فيما أشارت صحيفة “الغارديان البريطانية” إن متحف التاريخ الطبيعي في لندن يتعرض لحملة ضغوط لإلغاء حفل تقيمه السفارة السعودية في لندن محجوز في قاعة تابعة للمتحف، وأن المتحف برر السماح بإقامة الحفل بأن الحجز تم بشكل تجاري وأنه حجز منذ شهرين، ولكنه أكد أن أيا من موظفي المتحف لن يشارك في الحفل الذي تقيمه السفارة.

 

وتعليقا على الموضوع، قال السفير المصري السابق إبراهيم يسري إن “الصمت السعودي يعكس أزمة في داخل السعودية الآن لعمل مراجعة شاملة، لأن العالم كله لن يقبل لما جرى لجمال خاشقجي”.

 

“اتفاقية فيينا”

وبخصوص صورة السلك الدبلوماسي السعودي بشكل عام أمام الدول بعد حادثة خاشقجي، قال يسري إن “القنصليات ليست بعثات دبلوماسية ولا تتمتع بالحصانة التي تتمتع بها السفارات”، مؤكدا أنه “يجوز اقتحام القنصلية والقبض على القنصل إذا ارتكب جرما كبيرا، وفقا لاتفاقية فيينا”.

وقال يسري إن تركيا قد تلجأ “لعدم السماح لجميع موظفي القنصلية السعودية في إسطنبول بمغادرة تركيا حتى يتم بيان موقف في القضية”، لافتا إلى أن “العملية ضد خاشقجي كانت سوء اختيار من السلطات السعودية في استخدام القنصلية بدلا من سفارتهم في أنقرة”.

وأضاف السفير المصري السابق أن “تصريح الرئيس التركي أردوغان بخصوص اللجوء إلى اتفاقية فيينا، شيء جيد لأنها تتيح له القبض على القنصل ومحاكمته والدخول إلى القنصلية”.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال الخميس: “نحن نعلم جيدا أن في القنصلية كاميرات، وتصور أصغر جسم يمكن أن يدخل أو يخرج منها، وسنقوم بالإجراءات وفقا لاتفاقية فيينا”.

واتهم مسؤول تركي، الأربعاء، السلطات السعودية بعدم التعاون في تحقيقات اختفاء الصحفي السعودي خاشقجي، بعد دخوله إلى قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 من الشهر الجاري.

ونقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن المسؤول التركي قوله إن السعوديين يرفضون منح فريق التحقيق التركي إذن الدخول إلى مقر القنصلية، وكذلك يرفضون منحنا إذن دخول منزل القنصل السعودي.

وطلب الموظف من الصحيفة الاتصال في أوقات الدوام، مشيرا إلى أن السفارة ستجيب عن جميع الاستفارات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.