لماذا يعتبر فيسبوك المتهم الأول في الهجوم الإرهابي علي المسجدين بنيوزيلندا؟

بعد تلك الجريمة البشعة التي راح ضحيتها 50 قتيلاً وعشرات المصابين من المصلين داخل مسجدين في نيوزيلندا، قفزت إلى السطح قضية دور ما يُعرف بوسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك وتويتر ويوتيوب»، في نشر خطاب الكراهية والتحريض من جانب اليمين الأبيض المتطرف، وأصبح السؤال الأكثر تردداً حول العالم: هل يمكن السيطرة على هذا الوحش التكنولوجي؟

اهتمت التغطية الإعلامية حول العالم، اليوم السبت 16 مارس/آذار 2019، بالدور الذي لعبه الفضاء الإلكتروني عموماً ومنصات التواصل الاجتماعي خصوصاً في تلك الجريمة البشعة التي وقعت في دولة نائية تتميز بغياب مثل ذلك النوع من العمليات الإرهابية عن أراضيها وهي نيوزيلندا، وكيف وصل فيروس التطرف إلى هناك.

طبقاً لتقرير مطوّل نشره موقع فوكس، «نفس اللغة التي استخدمها مطلق النار في بيانه نراها في كتابات القوميين البيض ومنصّاتهم الإعلامية حول العالم».

وأضاف التقرير: «من الواضح مما كتبه مرتكب مجزرة المسجدين أن أفكار البيض القوميين التي تقف وراء العنف ومحاولات العنف في الولايات المتحدة وغيرها من الدول قد أثرت فيه بشكل عميق».

ورغم انتشار ذلك الخطاب وصعوده بشكل مخيف في السنوات الأخيرة سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا وأماكن أخرى حول العالم، لا تزال منصات مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها تمتلئ بمحتوى نصي أو فيديوهات تحمل نفس الأفكار العنصرية التي تدفع بتفوق الجنس الأبيض وتدعو للقضاء على «غيره من الأجناس».

فيسبوك المتهم الأول

في هذا السياق، ومنذ نحو عام أدلى مارك زوكربيرغ، صاحب ومؤسس موقع فيسبوك، بشهادته أمام الكونغرس قائلاً إن فيسبوك لا يسمح للجماعات التي تبث الكراهية بأن تتواجد عليه. «لو أن هناك جماعةً غرضها الرئيسي أو جزء كبير مما تفعله ينشر الكراهية نقوم بحظرها من على المنصة».

ولكن طبقاً لتقرير نشره موقع «ماذر جونز»، فإن شهادة زوكربيرغ أمام لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب في 11 أبريل/نيسان 2018، أصابت مديحة الحسين التي كانت تشاهد الجلسة من مكتبها في جمعية حقوق إنسان تدعى «النشطاء المسلمون»، بالصدمة لأنها وغيرها من النشطاء والجمعيات الحقوقية يحاولون منذ 2013 حث إدارة فيسبوك على حذف المواد الغزيرة التي تنضح بكراهية المسلمين من على المنصة الاجتماعية الأكبر في العالم دون جدوى.

وأضافت الناشطة الحقوقية للموقع أنهم أرسلوا قائمة بأسماء 26 جماعة مناهضة للمسلمين وناشطة على فيسبوك، ولكن ظل 23 منها يعملون بينما كان زوكربيرغ يُدلي بشهادته.

السفاح استخدم نفس اللغة والأفكار

طبقاً لتقرير فوكس، أظهر تحليل للبيان الذي نشره السفاح الأسترالي مرتكب المجزرة في نيوزيلندا تشابهاً صارخاً في الأفكار واللغة مع بيانات ومنشورات سابقة لسفاحين آخرين حاولوا ارتكاب نفس المجزرة في أماكن وظروف مختلفة، آخرها في فبراير/شباط الماضي.

«في فبراير، تم اتهام ملازم في حرس السواحل في ميريلاند بالتخطيط لهجمات تستهدف عاملين في الإعلام وسياسيين ذوي توجهات يسارية. (الهجمات تم منعها قبل وقوعها بسبب تورط الملازم في أفعال عنيفة وحوادث مخدرات)، لكن اللافت أن الملازم ومطلق الرصاص في كرايستتشيرش استخدما خطاباً متشابهاً وإشارات متشابهة، والمزعج أكثر هو تمجيدهم لنفس الأشخاص الذين ارتكبوا فظائع مشابهة من قبل».

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشرت تقريراً مطولاً حول نفس الموضوع جاء في سياقه: «الأمر المثير للدهشة بشأن هذا الحادث هو كيف كان خطاب العنف منتشراً وواضحاً للغاية على الإنترنت، وكيف كان المشتبه به يبدو على دراية بنظرة الثقافات الفرعية المتميزة على الإنترنت إلى فعلته وكيفية تفسيرها بعد ارتكابه لها».

كيف وصل خطاب الكراهية إلى نيوزيلندا؟

نيوزيلندا البلد الذي يتسم بالهدوء والابتعاد عن كل مظاهر التطرف والتشدد لم يحمها بعدها الجغرافي فالوحش الإلكتروني لا توقفه حدود ولا مسافات.

ففي ذات السياق، رأى خبراء متابعون لصعود اليمين المتطرف لموقع Stuff النيوزيلندي أن التطرف قد تزايد في نيوزيلندا خلال الفترة الأخيرة، وظهرت علامات تحذيرية واضحة لحدوث هجمات إرهابية.

قال د. جون باترسبي، خبير مكافحة الإرهاب بمركز جامعة ماسي للدفاع والدراسات الأمنية: «لفترة طويلة افترضت نيوزيلندا أن التطرف غير موجود هنا، لكنه موجود».

وألقى د. جون باللوم على الإنترنت، قائلاً: «يرجع ذلك لظاهرة غرف الصدى على الإنترنت، حيث يمكن أن يجتمع أشخاص ذوو أفكار متطرفة معاً ويستمعوا إلى بعضهم البعض ويشجعوا بعضهم البعض. لقد حذرنا من ذلك منذ وقت طويل».

ورأى أن بُعد نيوزيلندا الجغرافي لا يمثّل أي حماية من ارتفاع حدة التطرف العالمي، مع صعود اليمين المتشدد في أوروبا، ونجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واليمين المتطرف في أمريكا، ما يشجع الإرهاب المحتمل.

فما هي إذن مسؤولية فيسبوك تحديداً؟ منذ شهادة زوكربيرغ في أبريل ووعده للمشرعين الأمريكيين بأنه سوف يتعامل مع التأثيرات الخطيرة لبث المعلومات الكاذبة وإدارة فيسبوك تحاول مطاردة الأخبار الكاذبة وجماعات الكراهية وحماية المعلومات الشخصية، أما نجاحهم في ذلك من عدمه فيظل في علم الغيب، وإن كانت الإجابة بالفشل جاءت ملطخة بدماء الأبرياء في نيوزيلندا.

 

 

.

وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.