ما هو موقف تركيا من أي حرب محتملة بين واشنطن وطهران؟

تصاعد التوتر في المنطقة منذ اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، فجر الجمعة الماضية، وتعالت نبرة التهديد والوعيد في خطابي واشنطن وطهران.

وعبرت دول المنطقة عن قلقها من حدوث حرب شاملة بين الدولتين، خاصة الدول الجارة لإيران، وعلى رأسها تركيا، التي قال رئيسها، رجب طيب أردوغان، إن خبر مقتل سليماني تسبب له بـ”صدمة”.

 

الحياد ولعب دور الوسيط

 

ومع ارتفاع نبرة التهديد بين أمريكا وإيران، يبرز تساؤل عن موقف تركيا في حال نشبت حرب شاملة بين الدولتين، وكيف سيكون هذا الموقف؟ ومع من ستصطف أنقرة؟.

 

ويرى المحلل السياسي التركي، مصطفى أوزجان، أن “تركيا ستتخذ موقف الحياد في حال نشبت حرب بين الطرفين، مضيفا: “تركيا شريك تجاري مهم لإيران، وهي أيضا شريكة لواشنطن في حلف شمال الأطلسي، ولهذا لن تنحاز لأي طرف على حساب الآخر، وستلتزم الهدوء”.

 

وتابع أوزجان  : “أيضا لن تكتفي تركيا باتخاذ موقف الحياد، بل سوف تسعى للقيام بوساطة حميدة بين إيران وأمريكا، كما فعلت ذلك مع البرازيل قبل عشر سنوات في الاتفاق النووي الإيراني”.

 

من جهته، استبعد المحلل السياسي التركي، أنس يلمان، “حدوث حرب بين الدولتين، وقال: “لكن في حال نشبت، ستسعى تركيا جاهدة لخفض التصعيد، وستلعب دور الوسيط بينهما، فهي تتفق مع جارتها إيران في بعض القضايا، وفي الوقت ذاته هي حليفة لواشنطن”.

 

وتابع يلمان  : “ستلعب تركيا دور الوسيط، كما تفعل دائما في المنطقة، فهي لها خبرة في مثل هذه المواقف، حيث مرت بمواقف شبيهة لها حينما حدثت حرب العراق عام 2003”.

 

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، في مقال له على موقع “عربي21”: “الخوف من تسارع الأحداث في المنطقة الملتهبة دفع القادة الأتراك إلى إجراء اتصالات مع العواصم المعنية، على غرار ما فعله كثير من قادة القوى الدولية والإقليمية الأخرى، في محاولة لتخفيف التوتر، لأن أي خطوة تصعيدية في ظل التهديدات المتبادلة قد تؤدي إلى خروج الأحداث عن السيطرة، وتحول المنطقة الغارقة في الدماء إلى ساحة حروب جديدة تحرق نيرانها الأخضر واليابس”.

 

وأشار ياشا في مقاله إلى أن “تركيا سبق أن قامت بدور الوساطة مع البرازيل، بين طهران والدول الغربية، في ملف إيران النووي، وتعرضت لانتقادات وضغوط بسبب دفاعها عن حق طهران في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، ولكن إيران تجاهلت تلك الجهود تماما، بعد أن توصلت إلى اتفاق مع إدارة أوباما عبر مفاوضات سرية، لتستغل الوضع الجديد الذي خلقه ذاك الاتفاق لتوسيع نفوذها في المنطقة، دون أن تبالي بما خلفه هذا التوسع من قتل وتدمير”.

 

رفض استخدام أراضيها لضرب إيران

 

وتعدّ قاعدة إنجرليك الجوية إحدى أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، التي استخدمتها الولايات المتحدة في الغارات الجوية للتحالف الدولي ضد “تنظيم الدولة”، أيضا يوجد على الأراضي التركية محطة الرادار الأمريكية كيوراجيك.

 

وجود القواعد الأمريكية على الأراضي التركية يثير تساؤل عن احتمالية سماح أنقرة لواشنطن باستخدامها لضرب أهداف إيرانية.

 

وأكد المحلل السياسي، مصطفى أوزجان، على أن “تركيا لن تسمح لأمريكا باستخدام قواعدها لضرب إيران، مضيفا: “هددت طهران بضرب القواعد الأمريكية في المنطقة في حال نشوب حرب؛ لذلك من مصلحة أنقرة عدم استخدام واشنطن لهذه القواعد في ضرب إيران”.

 

وتابع: “وفي الأصل، قاعدة إنجرليك تابعة لحلف شمال الأطلسي، ولا يوجد بين هذا الحلف وبين إيران أي حرب أو مشاكل عسكرية، بالتالي لن تكون تركيا طرفا في أي حرب محتملة بين الطرفين”.

 

بدوره، عبر أنس يلمان عن اعتقاده بأن “تركيا لن تسمح باستخدام قاعدة إنجرليك لضرب إيران، مضيفا: “التصريحات التركية التي صدرت اليوم، تؤكد على أن أنقرة ستحاول مع موسكو ومع كل من له دور في المنطقة، كالأمم المتحدة، للتوسط بين إيران وأمريكا”.

 

تنسيق تركي روسي

 

وأشار يلمان إلى أن “هناك تنسيقا تركيا روسيا لوساطة بين طهران واشنطن، وذلك لمنع وقوع حرب بين البلدين”، وقال: “سوف تسخر أنقرة وموسكو جميع جهودهما لمنع وقوع هذه الحرب”.

 

وأكد أيضا المحلل السياسي مصطفى أوزجان على أن “هناك تنسيقا تركيا روسيا لوقف التصعيد بين واشنطن وطهران، ولمنع وقوع حرب محتملة بينهما”، وقال: “سيقوم وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بجولة في المنطقة لحل المشكلة بين الطرفين، فالمنطقة برمتها ستتضرر من هذه الحرب لو نشبت”.

 

يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حذر من عواقب خطيرة لاغتيال سليماني، داعيا كافة الأطراف إلى ضبط النفس، ومؤكدا أن بلاده “بذلت وتبذل ما بوسعها من أجل خفض التوتر الأمريكي الإيراني”.

 

وقال: “بكل أسف، لم تنجح حتى الآن جميع الجهود والمبادرات الدولية المبذولة لنزع فتيل التوتر”، معربا عن اعتقاده بأن الأمور ستؤول نحو التصعيد”.

 

وأضاف: “الأمر لن يقف عند هذا الحد، فمن المؤكد أن مرحلة أخرى ستأتي”، مؤكدا أن “قتل قائد رفيع المستوى لدولة لن يبقى دون رد”.

 

وشدد الرئيس التركي على وقوف بلاده دائما “ضد التدخلات الأجنبية في منطقتنا، وقمنا بتقييم الهجوم (اغتيال سليماني) وفق هذا المنظور”.

 

 

.

المصدر/arabi21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.