الرئاسة التركية: الحل في ليبيا يجب أن يكون سياسيا لا عسكريا

قال متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن الحل في ليبيا يجب أن يكون سياسيا وليس عسكريا، مشددًا أن أنقرة تدعم كلا من الحل السياسي والحكومة الشرعية.

جاء ذلك في تصريح أدلى به قالن لمراسلي الأناضول، والتلفزيون التركي، حول الشأن الليبي، في العاصمة الألمانية برلين التي يزورها حاليا.

ولفت قالن إلى أن مؤتمر حول ليبيا في برلين، انعقد تحت مظلة الأمم المتحدة، وبمشاركة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وشدد على أن الجنرال الانقلابي قائد القوات غير الشرعية شرقي ليبيا (خليفة حفتر)، انتهك مخرجات مؤتمر برلين، على غرار انتهاكه للاتفاقيات السابقة.

وأضاف أن “حفتر رفض الاعتراف أيضا باتفاقية الصخيرات المعروفة بأنها الاتفاقية السياسية بليبيا، ثم نصّب نفسه قائدا للبلاد، وواصل هجماته على المدارس العسكرية والأماكن الأخرى”.

ولفت متحدث الرئاسة التركية إلى أن حكومة الوفاق الوطني أحرزت مكاسب مهمة في الفترة الأخيرة، وحققت توازنا في الاشتباكات.

واستدرك قائلا: “ولكن بالطبع، يجب أن يكون الحل سياسيا وليس عسكريا، ومن المهم أن تصبح هذه خطوة لتمهيد الطريق لحل سياسي، وتركيا تدعم الحل السياسي”.

وشدد أن تركيا ستواصل دعم الحكومة الشرعية في ليبيا المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

وأضاف “كما تعلمون، الأسبوع الماضي زار السيد (فائز) السراج (رئيس الحكومة الليبية)، السيد رئيس جمهوريتنا في أنقرة، وفي المؤتمر الصحفي المشترك لهما، أكد رئيس جمهوريتنا أن تركيا ستواصل دعم كافة الشرائح الليبية عبر حكومة الوفاق الوطني”.

وأكد قالن: “هدفنا هو تشكيل حكومة شرعية لتمثيل جميع الليبيين، وتحقيق العملية السياسية والقضاء على هذا الانقسام”.

وأوضح: “لقد عملنا على صياغة تمكّن ليبيا من استخدام مواردها من أجل شعبها، وخطوات حكومة الوفاق لضمان الاستقرار السياسي والأمن للمواطنين، تمثل بالطبع أهمية كبيرة”.

** نحن مع حل سياسي في ليبيا

وحول نداء حفتر لوقف إطلاق النار، أفاد قالن: “بينما تستمر مبادرات مثل الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، فمن الواضح أن العملية لن تستمر بأجندة إيجابية عبر إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، عبر مبادرات بديلة”.

وأضاف أن ذلك استوجب توحيد كافة الجهود بالتنسيق وبطريقة متزامنة، مبينًا أنه من أجل ذلك كان هناك مباحثات هاتفية مكثفة بين الرئيس أردوغان ونظيريه الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.

وأكد أن المحادثات مستمرة، إلى جانب المباحثات المتواصلة لوزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو مع نظرائه.

وتابع: “في النهاية، نحن نؤيد الحل السياسي في ليبيا، ونعلم أن الحل العسكري ليس طريقا، وسنواصل بذل الجهود لإيجاد الأرضية اللازمة لذلك”.

** حفتر يعلن الهدنة كلما وقع في ورطة

وأكد قالن أن تركيا تؤيد الحل السياسي من حيث المبدأ، وأنها لن تقيّم في هذا السياق نداءات وقف إطلاق النار بشكل سلبي.

وأضاف: “ولكن هذا متعلق بالنوايا الكامنة وراء هذا الإعلان، ولأي غرض أعلن، ومن قبل من، فهناك قضايا بحاحة إلى توضيح حول كيفية تنفيذ ذلك، والجهة التي ستراقب الهدنة، ونوع العقوبات التي سيتم تطبيقها على منتهكي وقف إطلاق النار”.

ولفت إلى أن الجنرال الانقلابي خليفة حفتر – كلما وقع في ورطة – إما يعلن عن وقف إطلاق نار، أو يعلن عن تنصيب نفسه حاكما لليبيا عبر بيان أحادي.

وأكمل: “رأينا أمثلة على ذلك في الماضي، لذلك فإن طرابلس وحكومة الوفاق الوطني لا تثق في حفتر، وتعتقد أن هذه خطوة تكتيكية ومناورة من قبله، وهي محقة إلى حد كبير في ذلك، لأنه في الماضي، كان حفتر الجانب الذي انتهك (مبادرات) أبو ظبي وموسكو وبرلين”.

وشدد قالن أن حفتر يحاول فتح مساحات لنفسه عبر وقف إطلاق النار، بعدما بدأ بخسارة مواقع في ليبيا، لذلك هناك انعدام ثقة به من قبل السراج وحكومة الوفاق.

وأكد ضرورة إرساء أرضية سلام تجمع الأطراف الفاعلين في ليبيا، مشيرا أن حفتر والعقلية التي يمثلها والنظام التحالفي الذي أتى به جميعهم لا يخدمون الهيكلية التي تسعى للسلام والوحدة الليبية.

وردًا على سؤال عن سبب تواجد تركيا في ليبيا، قال قالن: “لدينا تاريخ قديم مع ليبيا، نحن لسنا دولة جديدة أو أجنبية بالنسبة لليبيا، لدينا أكثر من 500 سنة من التاريخ المشترك”.

وتابع: “في الآونة الأخيرة، لدينا اتفاق مع الحكومة الليبية الشرعية بطلب منها، ويعلم الجميع أن الشركات التركية عملت لسنوات في ليبيا، كما أن المصابين من الحرب هناك تم علاجهم في تركيا وإلى الآن يواصلون تلقي العلاج”.

واستطرد متحدث الرئاسة: “لدينا علاقات وثيقة وشاملة مع ليبيا، وتركيا تمنع الفرص أمام الإنتهازيين وليس العكس كما يقول البعض”.

وأشار قالن أن عدم الاستقرار في ليبيا يؤثر على كل من شمالي إفريقيا وجنوبي أوروبا وحتى الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.

وعلل ذلك موضحًا بأن ليبيا جارة لكل من مالطا وإيطاليا وإسبانيا، وأنه في حال استمرار الحرب فيعني ذلك استمرار للهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات والإتجار بالبشر وهذا الأمر يؤثر على أمن الناتو وأوروبا.

وأشار أن الأحداث في ليبيا تؤثر على تركيا أيضا في عصر العلاقات الدولية، وبالتالي فإن ضمان السلام والاستقرار في ليبيا يصب في مصلحة تركيا والشعب الليبي وجميع شعوب المنطقة.

وذكر أن كل خطوة تشجع وتدعم حفتر تتسبب في المزيد من الموت وعدم الاستقرار في ليبيا، مشددا على ضرورة إدراك الجهات الفاعلة الدولية الداعمة لحفتر بالسلاح والمال والفكر تلك الحقيقة.

وأضاف أنه يجب على الجميع أن يعلم أنه لا يمكن تأسيس هيكل سياسي يخدم السلام في ليبيا عبر عنصر انقلابي غير شرعي.

** تدابير كورونا

وعلى صعيد آخر، تطرق قالن إلى تمديد ألمانيا تحذيرها للسفر إلى خارج دول الاتحاد الأوروبي لغاية 31 أغسطس/آب المقبل، مشيرا أن تركيا وألمانيا من الدول التي استطاعت أن تدير أزمة جائحة كورونا بأفضل صورة.

وأوضح أن حكمة الرئيس أردوغان وإدارته لتركيا خلال هذه المرحلة، أثّرت بشكل جدي على بقاء أرقام الإصابات والوفيات في أدنى مستوياتها.

وأضاف: “تجاوزنا هذه المرحلة بأقل الخسائر، غير أننا لم ننته بشكل كامل، ولهذا نحن مستمرون في اتخاذ التدابير”.

وذكر أنه مع بداية الموسم السياحي بدأ الانتقال إلى المرحلة الثانية من تخفيف التدابير، مشددًا أن الالتزام الدقيق بالقواعد الصحية، سيُعيد حركة الناس وتنقلاتهم إلى طبيعتها.

وأوضح أن التدابير التي اتخذتها تركيا لمكافحة الجائحة، جعلها مستعدة لاستقبال السياح، مشيرا أن وزير الثقافة والسياحة أجرى لقاءات مع نظرائه في الدول الأخرى لإعلامهم بذلك.

وأفاد بأن وزير السياحة، أرسل خطابا إلى نظيره الألماني شرح فيها بالتفصيل التدابير التي اتخذتها تركيا في الفنادق ومراكز انطلاق الرحلات.

وأعرب عن ثقته بإمكانية إدارة التحركات في إطار القواعد الصحية، لافتا إلى أن تركيا مستعدة لذلك.

وأردف: “تم إعادة تصميم الفنادق والمنتجعات السياحية ووكالات السفر والطائرات والحافلات والمركبات (في تركيا) بصورة تجعلها تلبي هذه القواعد”.

وأشار إلى إعداد قوي وشامل لإجراء الفحوصات الطبية قبل الصعود وبعد النزول من الطائرة وإصدار التأمين الصحي والإجراءات الواجب اتباعها في حال وجود حالة مرضية.

ولفت بهذا الخصوص إلى أن وزارات الداخلية والصحة والثقافة والسياحة، أعدوا بنية تحتية يمكنها استضافة السياح بكل أمان.

وأضاف: “لا نريد أن نعرض مواطنينا للخطر، ولا نرغب في أن يواجه السياح القادمون إلينا أي مخاطر صحية في هذه الفترة”.

** تركيا والاتحاد الأوروبي

وفي معرض حديثه عن رئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي، قال قالن إن ألمانيا تعد إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية في الاتحاد.

وأوضح أن رئاسة ألمانيا ستمنح بلاده فرصة للمضي قدمًا في عملية نيل عضوية الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن تركيا قامت بأكثر مما يترتب عليها في هذا الشأن.

وفي إشارة إلى أهمية تركيا شدد قالن على أن مرحلة جائحة كورونا أثبتت أن استقرار بلد ما لا يكون كافيا لوحده، إنما ينبغي أن تكون المنطقة بكاملها مستقرة.

واستطرد: “أمن أوروبا من أمن تركيا، وأمن تركيا من أمن أوروبا، وفي الوقت نفسه بيننا شبكة متداخلة من العلاقات فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي (ناتو)”.

وأفاد بأن المضي في عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي سيكون في صالح الطرفين، مؤكدا ثقته بأن رئاسة ألمانيا للاتحاد الأوروبي سيفتح آفاقا جديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.