رفضت الوجود العسكري واعتبرتها شريكا أساسيًا للإعمار.. علاقة طالبان وتركيا بين المد والجزر

على الرغم من تصريحات طالبان الرافضة للوجود العسكري التركي في أفغانستان باعتبارها ممثلا لحلف الناتو إلا أن تصريحات المتحدث باسمها يرى أن تركيا شريك رئيسي في إعادة إعمار البلاد بعد عشرين عاما من الحرب.

وبين هذا الموقف وذاك تبقى دائرة صنع القرار في تركيا في حالة ضبابية فيما يخص التعامل مع حركة طالبان، فهي من جهة تشارك في إدارة الأحداث بالتشارك مع قطر، ومن جهة أخرى تراقب سلوك الحركة.

وجاء تصريح المتحدث باسم الحركة سهيل شاهين تركيا بأنها شريك رئيسي في إعادة إعمار أفغانستان بعد الحرب،ليؤكد أن الحركة تعوّل على التعاون مع تركيا في مجالات الرعاية الصحية والتعليم وإعادة إعمار البنى التحتية.

لكن ما الذي يبقي الغموض في العلاقة بين الطرفين، وهل فعلا هناك نقاط التقاء كبيرة بين تركيا وطالبان؟

اقرأ أيضا/ سياسيًّا.. لماذا لا تخاطرتركيا بالتعامل رسميا مع طالبان حتى الآن؟

محللون يرون أن هناك نقاط اختلاف والتقاء بين الطرفين، فأما الخلاف بينهما فيشير إليها الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج إذ يقول إن نموذج الحكم الذي قدمه كل منهما مختلف عن الآخر؛ فطالبان تقدم نفسها على أنها إمارة إسلامية، لكن العدالة والتنمية حزب سياسي حداثي تحت سقف الدستور التركي الذي يفرض العلمانية في البلاد.

وكذلك فإن تركيا -بالنسبة لطالبان- عضوا في الحلف الناتو الذي غزا أفغانستان وإن لم تشارك في مهام قتالية، وفق الحاج.

كما يرى الباحث أن ثمة علاقة مباشرة لأنقرة مع أطراف وتيارات أفغانية من أوزبك وطاجيك وتركمان ممن تعدهم من أبناء العرق التركي، وبالتالي ترى واجبا عليها الدفاع عن حقوقهم في ظل خصومتهم الميدانية لطالبان”.

فيما يؤكد السياسي التركي أنه على الرغم من الخلافات بينهما إلا أن هناك 4 عوامل تدقعهما للتعاون والحوار:

أولا: الواقع الجديد الذي فرض على أفغانستان بعد انسحاب أمريكا جعل طالبان لاعبا رئيسيا لا يمكن تجاهله وتجنبه.

ثانيا: الحالة الاقتصادية من العوامل المهمة التي تدفع الطرفين نحو شراكات اقتصادية وعلاقات تجارية متقدمة بينهما، فأفغانستان مدمرة وتركيا قوة اقتصادية طموحة وصاعدة، والعلاقة بينهما تاريخية وأخوية.

ثالثا: حاجة الحركة الجهادية إلى القبول الدولي وتجنب الحصار والمقاطعة ومحاول الإفشال الداخلية والخارجية، تفرض عليها التعامل مع تركيا كونها  تمتلك خبرة وأدوات يمكن أن تستفيد منها الحركة.

رابعا:  هناك مصالح واضحة لتركيا في أفغانستان تتعلق بتوازناتها الداخلية والتنافس الإقليمي والأهمية الجيوسياسية والعلاقات مع الولايات المتحدة، وغير ذلك.

تركيا ترى أن الموقف ضبابي ومعقد

من جانب آخر يقول المتابعون إن العنوان العريض في أفغانستان هو ضبابية المشهد وانعدام الرؤية وتضارب السيناريوهات السياسية والأمنية، وسط مساومات معقدة ومتشابكة، تشارك قطر وتركيا وباكستان في إدارتها نيابة عن المجتمع الدولي.

وأضافوا ان العقدة  الرئيسة في هذا الأمر هو سلوك طالبان وقراراتها وهل ستشرك بقية القوى السياسية والحزبية في إدارة شؤون البلاد، وكيف سيتعامل العالم معها.

ولفت المتابعون إلى أن أنقرة تنتظر من الحركة ان تعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تبقي القوى السياسية الفاعلة أمام طاولة القرار بانتظار الاحتكام إلى الصناديق، وتريد من “طالبان” تقديم الضمانات الاجتماعية والسياسية والقانونية الكافية لتسهيل العبور نحو مرحلة جديدة في البلاد.

كما أنها ترفض أن تتحمّل مسؤولية فتح الطريق أمام “طالبان”، وأن يواجهها بعضهم مجدّدا بمسؤولية ترويج الإسلام السياسي، على الطريقة الطالبانية هذه المرّة، وهي لم تخرج بعد من مشكلة تحمل مسؤولية اختيار ورفع شعارات ثورات الربيع العربي.

وكذلك من أسباب عدم ثقة تركيا وقلقها هو احتمال دوث تفاهماتٍ أميركيةٍ مع “طالبان” لإنشاء إمارة إسلامية توفر الحماية لجماعات وحركات متشدّدة، لقطع الطريق على تحالفاتٍ محتملةٍ.

وتخشى أيضا أن ينعكس ما يجري من تطورات في أفغانستان سلبيا على مصالحها، وما بنته في العقدين الأخيرين من شبكة علاقات استراتيجية هناك.

بدوره أوضح الباحث في الشأن التركي سمير صالحة أن تركيا لن تضحّي بإنجازاتها في الأعوام السابقة في أفغانستان، وتريد أن تعود إلى أفغانستان أقوى مما كانت عليه قبل سحب جنودها من هناك، و”طالبان” قد توفر لها هذه الفرصة.

وأشار صالحة في مقال له إلى أن أنقرة لا تريد ان تظهر وكأنها تقود تحالفًا جديدًا مع “طالبان” في أفغانستان، ويوفر لها الدعم والحماية في ساحةٍ من الرمال المتحرّكة، قبل أن تتأكّد من نيات الحركة ومشروعها السياسي في بناء الدولة الجديدة.

المصدر: تركيا الآن+ وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.