تحديات اقتصادية صعبة تواجه تركيا مع التراجع التاريخي لليرة

تواجه تركيا تحديات اقتصادية جمة، في ظل التراجع التاريخي لليرة التركية، ووصولها إلى أكثر من 13 ليرة مقابل الدولار.

ويسابق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الزمن، لخفض سعر الفائدة والحفاظ على معدل نمو الاقتصاد في مستوى معقول

قبل حلول الانتخابات في العام 2023.

وبعد تخفيض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 1%، سجلت الليرة انخفاضات متتالية إثر سلسلة تخفيضات أجراها

البنك المركزي من 23% في سبتمبر 2020 إلى 15% حاليا.

تحديات اقتصادية

وجاء انخفاض الليرة المتواصل منذ أكتوبر، بسبب تعليقات أردوغان التي قال فيها إنه يرغب في خفض معدل الفائدة المصرفية

وتطبيق البنك المركزي لسياسة نقدية جديدة، وهو ما أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين الأجانب في الليرة وتبعا لذلك انخفاضها

الحاد والسريع.

لكن مصادر قريبة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، أكدت أن تهاوي الليرة ربما يكون متعمدا من الحكومة التي تسعى لإحداث

قفزة في صادرات البلاد الخارجية والوصول بقيمتها لنحو 220 مليار دولار بنهاية العام الجاري.

وكان البنك المركزي يدافع عن الليرة التركية عند مستوى 10 ليرات مقابل الدولار حتى يوم الجمعة الماضي، بينما بات خط الدفاع

الجديد أمس الثلاثاء عند مستوى 12 ليرة مقابل العملة الأميركية.

ووفق اقتصاديين غربيين فإن الاقتصاد التركي يعاني منذ العام 2016، وهو عام الانقلاب الفاشل على أردوغان، من أربع

تحديات اقتصادية صعبة إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا. ولعل أبرز هذه التحديات، يتمثل في ارتفاع معدل التضخم كثيرا،

وهروب جزء من الاستثمارات الأجنبية من البلاد بسبب الاضطراب الحادث في السياسة النقدية، وتوتر العلاقات مع الولايات

المتحدة، وأخيرا زيادة فاتورة الوقود خاصة مع قفزة أسعار النفط والغاز خلال الشهور الأخيرة.

ويرى خبراء أن الانهيار التاريخي في السعر حدث بسبب

تضارب وجهات النظر في تركيا حول إدارة السياسة النقدية.

بينما يرى أردوغان أن معدل الفائدة المرتفع يضر بمستقبل النمو الصحي للاقتصاد، وأن معدل الفائدة المصرفية المرتفعة أدى إلى ارتفاع معدل التضخم في البلاد، يرى اقتصاديون عكس ذلك، خاصة المصارف التجارية الغربية التي أقرضت الأعمال التجارية في تركيا بكثافة في فترة الانتعاش والتوسع الاقتصادي خلال العقد الماضي.

سعر الفائدة

وتستفيد المصارف الغربية وأصحاب الأموال الساخنة من سعر الفائدة المرتفعة بتركيا، في الحصول على الربحية المرتفعة على قروضها في وقت تقارب فيه الفائدة صفر في الولايات المتحدة واليابان ودول الاتحاد الأوروبي.

وكانت الليرة حتى قبل عامين تحسب على أنها العملة الأكثر جذبا لاستثمارات المصارف التجارية الغربية ويطلق عليها “العملة الحاملة للتجارة” في سوق الصرف الأجنبي، أي أنها العملة التي تمكن البنوك التجارية الغربية من الاستدانة من بنوكها المركزية بنسبة فائدة شبه صفرية وتقديم قروض للأعمال التجارية بنسبة تقارب 20%.

من جانبه يرى أردوغان، أن خفض الفائدة المصرفية ضروري للاقتصاد التركي الذي يعاني من تراكم مديونية ضخمة وأغلبها قصيرة الأجل.

ويعتقد أن الفائدة المنخفضة ستساهم في خفض الأعباء المالية على البنك المركزي التركي والدين العام، خاصة وأن الاقتصاد التركي يعاني من الدين الخارجي المرتفع الذي يقدر بنحو 448.4 مليار دولار حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، أو ما يعادل نسبة 36% من إجمالي الناتج المحلي حسب بيانات وزارة المالية التركية

ويواجه الاقتصاد التركي الذي يقدر حجمه بنحو 765 مليار دولار، حسب بيانات البنك الدولي ويقارب التضخم فيه نسبة 20%، صعوبات مالية ومجموعة من التحديات الاقتصادية.

لكن يبدو أن السياسة النقدية هي الصداع الأكبر الذي يعاني منه أردوغان وتحديداً كيفية التعامل مع سعر مستقر لليرة يساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية ويحافظ على ربحية الأعمال التجارية في البلاد التي تستدين بالدولار واليورو والعملات الصعبة الأخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.