لو فيغارو الفرنسية وسياسة التقرب إلى تركيا

نشرت صحيفة لو فيغارو الفرنسية، السبت، مقالًا لها، تحت عنوان “دور تركيا الوسيط في الحرب الروسية الأوكرانية: كيف جعلت دبلوماسية أردوغان تركيا لا غنى عنها على المسرح الدولي”.

وبالطبع، تصدر المقال على الفور عناوين وسائل الإعلام التركية، ليس فقط بسبب الفضول تجاه تعليق الصحافة الفرنسية على الدور التركي، ولكن أيضًا بسبب قيمته الإخبارية من حيث أسلوبه.

وحول دور تركيا وكونها الدولة الوحيدة التي استطاعت القيام بالوساطة في القضية الروسية الأوكرانية، أشار المقال إلى أن هذا النجاح الدبلوماسي الحقيقي يكشف عن سياسة خارجية تركية نشطة للغاية تولي أهمية كبيرة للسلام، مشيرًا إلى أن تركيا سادس دولة عالمياً في أعداد الممثليات الدبلوماسية.

وأفاد المقال، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقدم نفسه اليوم كصانع سلام ومستعد للحوار مع جميع الأطراف، مذكّرًا بالانتقادات التي وجهها العالم الغربي إلى تركيا حتى وقت قريب.

وبالطبع، من المثير للاهتمام أن نرى أن صحيفة “لو فيغارو” تستخدم الآن مصطلح “محترف التعددية القطبية” في إشارة منها إلى براعة الرئيس أردوغان في تبنيه لسياسة التعددية القطبية، بعد أن كانت تتبنى سياسة مناهضة لتركيا وتنشر أخبارًا من قبيل “أحلام العثمانية الجديدة” وما إلى ذلك.

وقد لخصت مراسلة شبكة “سي إن إن تورك” في باريس، أرزو شاكير مورين، موقف “لو فيغارو” بشكل جيد للغاية قائلة: “لو فيغارو هي صحيفة فرنسية ضمن يمين الوسط، معروفة بتبنيها سياسة مناهضة لتركيا منذ فترة طويلة، خصوصًا خلال أزمة شرق البحر الأبيض المتوسط. لكن في الآونة الأخيرة، أصبح الأمر مختلفًا تمامًا؛ حيث بدأت الصحيفة في نشر الأخبار، والتحليلات، ومقالات الرأي الإيجابية المتعلقة بتركيا. ويمكننا القول إن هذا الموقف هو الحلقة الأخيرة في السلسلة. “

وفي السياق ذاته، قال جان دي غلينياستي، السفير الفرنسي السابق لدى موسكو، ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس)، إن تركيا تعمل، باعتبارها جزءًا من الكتلة الغربية، على تنويع تحالفاتها، والبقاء في حوار دائم مع جميع الأطراف حتى وإن تعارض ذلك مع مصالحها. ولقد نجحت تركيا في ترسيخ هيمنتها من خلال سياسة موازنة القوى التي تتبعها، ما جعلها دولة لاغنى عنها، تحظى بإشادة وثناء الجميع في الوقت الحاضر. وقد أصبحت تركيا بارعة في إدارة سياسة التعددية القطبية “.

وفي السياق ذاته، قالت دوروثي شميد، المختصة في الشأن التركي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: ” إن السياسة الخارجية التركية الجديدة يمكنها تحمل مسؤولياتها بشكل أفضل مما كانت عليه في الماضي، فضلا عن أنها تلعب دور الوسيط وصانع السلام بطريقة أقل ميلاً إلى المغامرة، وتقوم على إعادة تموضع اقتصادي، وعسكري، ودبلوماسي مثير للإعجاب “.

من ناحية آخرى، قال إيغور ديلانوي، نائب مدير المرصد الفرنسي الروسي في موسكو، إن الرئيس أردوغان لديه القدرة على التعامل مع القضايا الحساسة، على عكس الأوروبيين الذين يقيمون علاقاتهم مع بوتين على أساس الملف الأوكراني.

والآن جاء دور المثقفين الأتراك المعارضين حتى النخاع، ممن يصنفون آرائهم حول العالم وفقًا لنظرة الغرب، والذين يوصفون أيضًا بأنهم أجانب على بلادهم وأنفسهم.

فأولئك مهمتهم صعبة، وسيشعرون بأنهم مستبعدون، ومحتقرون، ومعرضون دومًا للخيانة.

ربما بهذه الطريقة، ستتاح لهم الفرصة لكي يفهموا أن الغرب، الذي يشعرون أنهم مرتبطون به إلى الأبد، يبحث دومًا عن مصالحه فقط، وليس عن الصداقات والعداوات الأبدية.

علي صيدم بواسطة / علي صيدم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.