تغطية وسائل الإعلام الغربية للحدث التركي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية

أطلقت وسائل الإعلام الغربية قبل موعد الانتخابات التركية المقبلة في مايو/أيار 2023، حملة “لتوحيد المعارضة للتخلص من الرئيس رجب طيب أردوغان”. وتكرر في الأشهر الأخيرة، ظهور مقالات معادية لتركيا وأردوغان في المنشورات الأمريكية والأوروبية.

 

فمؤخراً، نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية عدداً خاصاً عن تركيا زعمت فيه أن البلاد “على شفا الدكتاتورية” وحثت القادة الغربيين بدءاً من الرئيس الأمريكي جو بايدن، على “تحذير” أردوغان من المساس بالديمقراطية. ومن المثير للاهتمام أن نفس المجلة زعمت أن تركيا بدأت “تنزلق نحو الديكتاتورية” في أبريل/نيسان 2017 قبل أيام من الاستفتاء على الدستور عندما تبنى الشعب التركي نظام الحكم الرئاسي.

 

الحقيقة أن معظم الناس قد سئموا بالفعل من التعليقات المتعالية والتمييزية والمتحيزة في وسائل الإعلام الغربية، التي ترفض فهم حقيقة “تركيا الجديدة”.

 

في المقابل، يجب ألا يندهش أحد من نشر مثل هذه المقالات بشكل متكرر حول الانتخابات التركية، كونها تعكس المصالح الضيقة لبعض الحكومات الأجنبية أو خطاب جماعات الضغط المناهضة لتركيا. وخصوصاً أن بعض وسائل الإعلام ومراكز الفكر في واشنطن وبروكسل وبرلين لا تتردد في نشر هذا النوع من الدعاية من خلال إضفاء صفة التحليل الصحفي عليها، حول طرق ضمان خسارة أردوغان بشكل يخدم عمليات الاستخبارات.

 

وفي هذا السياق جاء المقال الذي كتبه جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق،في صحيفة وول ستريت جورنال، الأكثر وضوحاً. حيث ادعى بولتون أن الناتو سيطرد تركيا في حالة فوز آخر للرئيس أردوغان وحث القراء على دعم المعارضة.

 

في الوقت نفسه، فإن العديد من المقالات “الأكاديمية” التي تناقش “الاستبداد التنافسي” باللغات الأجنبية، بائسة لدرجة أنها تجعل المستشرقين يبدون بمظهر جيد.

 

ومن غير المنتظر خلال الأشهر التالية، أن تتراجع الدعاية في وسائل الإعلام الغربية التي تدعو إلى تنحية الرئيس أردوغان من السلطة لمنع تركيا من أن تصبح أكثر قوة.

 

وهذه الحملة التي تشنها وسائل الإعلام الغربية والتي تعارض حتى حملة تركيا لمكافحة الإرهاب، سوف تغذي مخاوف الشعب التركي وتؤجج المشاعر المعادية للغرب. والحقيقة أن جميع الناخبين الأتراك غير راضين عن الدعم الغربي لتنظيم بي كي كي وجماعة غولن الإرهابية ومطالب اليونان المتطرفة. كما أن عداء الغرب تجاه مبادرات تركيا وإنجازاتها في مجال الدفاع والطاقة لا يغيب عن أحد.

وفي ظل هذه الخلفية، سيعمل الغرب أكثر وأكثر على تعزيز حجج تحالف الشعب كلما اقتربت انتخابات مايو/أيار 2023 مثلما فعلت صحيفة الإيكونوميست أو بولتون.

 

تصوير تركيا على حافة الهاوية:

 

يعكس تصوير تركيا على أنها “على حافة الهاوية” تقييم التحالف الحاكم والمعارضة مع اختلاف الطرفين حول ما سيحدث في تركيا. فمن جهته يتحدث التحالف الحاكم عن مثاله الأعلى لدولة أكثر قوة، محذراً من أن فوز المعارضة سيؤدي إلى الفوضى والانحدار نحو القاع.

 

وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن المعارضة تتفق مع تهمة “الديكتاتورية” التي تكيلها وسائل الإعلام الغربية إلى حد أنها تصف الانتخابات القادمة بأنها “الانتخابات النهائية”. ومن المفارقات أن حملة وسائل الإعلام الغربية المناهضة لأردوغان تجعل أحزاب المعارضة عرضة للاتهام بأنهم يفكرون على غرار القوى الأجنبية.

 

وعلاوةً على ذلك، فإن المخاوف الشعبية حول “بقاء” تركيا، تلك المخاوف المتجذرة في سياسات الغرب المعادية للبلاد، والفوضى وعدم اليقين في النظام الدولي يجتمعان معاً بطريقة تخدم مصالح التحالف الحاكم.

 

الدعم الغربي للمعارضة:

هذا الأمر على جانب كبير من الأهمية لأنه سيكشف ما إذا كان القادة الغربيون سينحازون علانيةً إلى المعارضة في تركيا. وكذلك، سيتجلى الدعم الغربي للمعارضة في كيفية استجابة واشنطن للطلب التركي لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف-16 كونها تبيع طائرات إف-35 إلى اليونان. وسيكون من الخطأ الفادح ربط بيع طائرات إف-16 بالسويد ودخول فنلندا إلى الناتو أو القيام بأي محاولة لممارسة الضغط على أنقرة فيما يتعلق بهذه القضية.

 

وبالنظر إلى أن “الأجندة الإيجابية” لتركيا مع الولايات المتحدة قد تم تقليصها إلى زيادة حجم التجارة الثنائية واتفاق إف-16، فإن العلاقات بين تركيا والغرب مع الاستمرار بتجميد طلب عضوية الاتحاد الأوروبي، ستكون كذلك وسيتم اختبارها خلال الأشهر القادمة.

 

أما ما لن تفعله واشنطن وبروكسل خلال تلك الفترة فلن يكون أقل أهميةً مما ستفعلانه. والواقع أن الناخبين الأتراك سيكونون هذه المرة أكثر قلقاً من التدخل الأجنبي في انتخابات بلادهم. وبهذا المعنى، فإن أي تدخل عام من قبل الغرب مثل “التحذيرات” أو “الضغط”، من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية بشكل مذهل.

 

ومع ذلك، لا يوجد سبب لتوقع تباطؤ تدفق التمويل الأجنبي أو التلاعب على وسائل التواصل الاجتماعي أو أنشطة المنظمات غير الحكومية المفترضة الموجهة نحو التأثير غير المباشر على الانتخابات التركية.

برهان الدين دوران بواسطة / رهان الدين دوران

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.