هل أصبحت طالبان غير إرهابية أم أن أمريكا هُزمت؟

أعرب متابعون عن استغرابهم من تسارع الأحداث في أفغانستان في الأيام الأخيرة، خاصة مع تمهيد الطريق لحركة طالبان للسيطرة على الحكم وتقدمها السريع، أو على الأقل عدم مقاومتها عسكريا من القوات الأمريكية.

وفي ظل الرفض الأمريكي لقبول الإقرار بالهزيمة في أفغانستان طرحت تساؤلات حول من الملام على هذا السقوط السريع للمدن الأفغانية بيد الحركة.

المحلل السياسي جو معكرون من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، أرجع السبب في ذلك إلى أن “الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تتمكن من بناء مؤسسات وطنية أفغانية قادرة على بسط سيطرتها على البلاد، كما أنها فشلت في تحجيم قدرات حركة طالبان القتالية”.

وأوضح كذلك أن إدارة بايدن بالتحديد لم تدرس قرار الانسحاب بعناية لتمرير المرحلة الانتقالية، بل أمعنت في تهميش الحكومة الأفغانية الضعيفة أصلا، والنتيجة المتوقعة حصلت وهي ملء حركة طالبان للفراغ الذي خلفه الجانب الأمريكي بأسرع وقت ممكن”.

طالبان تسعى لكسب ود العالم.. تركيا أولًا

وأشار الباحث إلى أن تعريف الهزيمة مبهم ويصب غالبا في الاستغلال السياسي، لكن مهما حاولت إدارة بايدن فلا يمكنها تجميل هذا القرار وكيفية تنفيذه، وماذا يعني تخلي أمريكا عن حلفائها وعدم قدرتها على بناء حكومة أفغانية والحد من قدرات طالبان القتالية وعدم وجود ضمانات لعدم عودة مجموعات إرهابية إلى أفغانستان وتهديد الأمن الدولي؟ أم أن طالبان أصبحت غير إرهابية؟

وبخصوص قرار إنهاء واشطنطن الحرب وحدها أكمل معكرون: “هذه محاولات لتبرير قرار اتخذ لأسباب داخلية أمريكية، إدارة بايدن تخلت عن دورها بعدما فشلت على مدى عقدين في تحقيق غاياتها، وأفغانستان تعود اليوم إلى ما قبل الغزو الأمريكي عام 2001”.

حكومة أفغانية هشة واتفاق سري مع طالبان

أما الكاتب والصحفي المتخصص بالشأن الأفغاني أحمد موفق زيدان: “المشكلة أن الحكومة الأفغانية لم تثبت فعاليتها ولا قدرتها على أن يستثمر الآخرون بها، بالتالي فإن واشنطن وجدت أن الحكومة حصان خاسر واقتنعت بأن دعم الميت والمراهنة عليه عبث وذلك على أثر الانهيارات السريعة التي لم تتوقعها، إذ إنها كانت تتوقع صمودا لستة أشهر”.

واعتبر زيدان، أن “الولايات المتحدة هزمت في أفغانستان هزيمة ماحقة”، في حين ظهرت على إثر الأحداث المتسارعة والمتلاحقة في أفغانستان تحليلات تشير إلى احتمالية وجود اتفاق من تحت الطاولة بين حركة طالبان وأمريكا، يسمح لواشنطن بسحب قواتها دون تعرض الحركة لها، وفي نفس الوقت يمنح المجال للحركة بالتقدم في أفغانستان.

المحللون أشاروا إلى أن “الولايات المتحدة كانت قد قرأت المشهد مسبقا، ولم تتفاجأ بالتطورات، وتدرك أن تدخلها لن يحدث تغييرا كبيرا على أرض الواقع، وبما أنها حصلت على ضمانات بعدم التعرض لها أثناء الانسحاب فإنها لن تلجأ إلى استفزاز طالبان للرد عليها أو الانتقام أثناء الانسحاب”.

وأوضحوا أن “ملامح الهزيمة في أفغانستان بدأت بعد سنتين من التدخل العسكري الأمريكي هناك عندما أدركت القوات الأجنبية أنها غير قادرة على السيطرة بنحو تسعة آلاف جندي التي كانت تشكل قوة المساندة الدولية (إيساف) والتي أنيط بها مساعدة الحكومة الأفغانية على حفظ الأمن وإعادة الإعمار، لكنها ما لبثت أن أصبحت قوات مقاتلة تضخمت ليصل عددها إلى 150 ألف جندي منها 100 ألف جندي أمريكي”.

جو بايدن يدافع

وسبق أن دافع الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قرار انسحاب الولايات المتّحدة من أفغانستان، مؤكّداً تمسّكه بهذه السياسة ومشدّداً على أنّ الوقت حان للمغادرة من هذا البلد بعد 20 سنة من الحرب.

وقال بايدن في خطابه: “أنا أقف بقوة وراء قراري. بعد 20 عاماً، تعلّمت بالطريقة الصعبة أنّه لن يكون هناك أبداً وقت جيّد لسحب القوات الأمريكية” من أفغانستان.

وأضاف أنّ المصلحة القومية لبلاده في أفغانستان كانت بشكل أساسي تتمحور دوماً حول منع استهداف الولايات المتحدة بهجمات إرهابية انطلاقاً من البلد الغارق في الحرب، مشدّداً على أنّ “المهمة في أفغانستان لم تكن يوماً بناء دولة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.