قبل اسبوعين اجتمع رؤساء ستة أحزاب تركية معارضة في العاصمة أنقرة من أجل التباحث لتشكيل تحالف انتخابي موسَّع من أجل إسقاط رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة؛ المقرر إجراؤها في صيف 2023.
هذا الاجتماع هو الأول من نوعه الذي يجمع الأحزاب المعارضة للرئيس، غير أنها لا تثق ببعضها البعض على الرغم من أنها ستعلن الأسبوع القادم بعض التفاصيل حول ما توصلوا إليه.
وفي هذا السياق تساءل الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل ياشا في مقال له ماذا لو فاز مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية ولم تحصل الأحزاب الستة على أغلبية في البرلمان تمكنها من تغيير الدستور أو الذهاب بالتعديلات الدستورية إلى الاستفتاء الشعبي؟
وأضاف أن هذا التساؤل يقود تلك الاحزاب إلى تأجيل حلم العودة إلى النظام البرلماني إلى الانتخابات التالية وحكم البلاد بالنظام الرئاسي المعمول به حاليا.
واشار إلى أنه من المتوقع أن حزب الرئيس الجديد قد يرغب في حكم البلاد وحده دون مشاركة الأحزاب الأخرى، علما بأن الحكومة في النظام الرئاسي ليست بحاجة إلى الحصول على ثقة البرلمان. .
ولفت ياشا إلى أن تلك الأحزاب قد تتعهد أمام الرأي العام لطمأنة أنصارها بأنها ستبقى ملتزمة بأهداف التحالف، ولن يتنصل أي منها من الاتفاقية المبرمة.
اقرأ أيضا/ اجتماع سداسي لأول مرة.. هل سيتكمن زعماء المعارضة التركية من الاتفاق على مرشح ينافس أردوغان حقاً؟
ونبه الكاتب بأن المؤرخ التركي مراد بارداقجي قد وصف اجتماع رؤساء الأحزاب الستة باجتماعين عقدتهما جماعة “تركيا الفتاة” في باريس من أجل حشد الجهود لإسقاط السلطان عبد الحميد الثاني.
وأوضح أن رؤساء الأحزاب الستة أيضا يجمعهم هدف إسقاط أردوغان فقط، وأنهم -كأعضاء جماعة تركيا الفتاة- لا يعرفون ماذا سيفعلون بعد تحقيق هدفهم المشترك.
وتابع الكاتب أن ما تعِد به المعارضة المواطنين هو العودة إلى حقبة الحكومات الائتلافية الهشة التي شهدت أزمات سياسية واقتصادية وعانت منها البلاد كثيرا.
وأكمل الكاتب أن من أهم الفوارق بين التحالفين أن حزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير لا يشاركان في الحكومة، رغم دعمهما لها، وأن حزب العدالة والتنمية هو الذي يشكل الحكومة وحده، أما الأحزاب التي تشكل التحالف المعارض فستتقاسم الحقائب الوزارية، إن فاز مرشح التحالف في الانتخابات الرئاسية.
وختم: “ما يعني أن حكومة ائتلافية هشة تتألف من ستة أحزاب هي التي ستحكم البلاد حتى لو بقيت تركيا في النظام الرئاسي”.
على الرغم من الارتياح الكبير داخل الأوساط التركية من الخطوات التصالحية وتصفير المشاكل مع الدول المناوئة التي اتخذها حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أن مراقبين رأوا أنها تخريبا لخطط المعارضة قبل نحو من عام من موعد الانتخابات الشاملة في البلاد.
وأوضح المراقبون أن حجم الاستقبال الإماراتي المهيب فاجأ أشد المتفائلين المؤيدين لترميم العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي.
وأشاروا إلى أن من شأن هذا التقارب أن يدشن صفحة جديدة للعلاقات التركية-الإماراتية في ظل التحركات الدبلوماسية التي تشهدها المنطقة، إضافة إلى تأثيرها على الاقتصاد التركي بشكل إيجابي، من خلال الاستثمارات الإماراتية الضخمة وارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل ياشا إن المعارضة التركية لا تخفي استياءها من خطوات أنقرة التي تهدف إلى المصالحة مع الدول التي تدهورت علاقات تركيا معها في السنوات الأخيرة.
وأوضح ياشا أن المعارضة انتقدت زيارة أردوغان للعاصمة الإماراتية، خاصة أن رئيس الجمهورية التركي سبق أن اتهم الإمارات بدعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط موالون لجماعة غولن في 15 تموز/ يوليو 2016.
وأضاف أن انزعاج المعارضة من التقارب التركي الإماراتي ونجاح أردوغان في زيارته يعود إلى الآثار السلبية المحتملة التي قد تنعكس على خطط المعارضة الانتخابية، مشيرًا إلى أن ذاك الانزعاج لا ينبع على الإطلاق من موقف مؤيد لمطالبة الشعوب بالديمقراطية ومعارض لوقوف الإمارات ضد ثورات الربيع العربي.
وأشار إلى أن العلاقات بين الدول تشهد صعودا وهبوطا، كما أن تاريخ البشرية مليء بالحروب ومعاهدات السلام، ولعل أقرب مثال لتحسن العلاقات بين دولتين بعد تدهورها بشكل غير مسبوق، ما جرى بين السعودية وقطر.
ولفت ياشا إلى أن بعد المصالحة الخليجية لم يعد الإعلام السعودي يتهم الدوحة بتمويل الإرهاب، ولا يتحدث عن “قناة سلوى التي ستحوِّل قطر إلى جزيرة معزولة”، كما قيل أيام الأزمة.
وتابع: “تركيا مقبلة على انتخابات في غاية الأهمية. ولذلك، فإن هذا السؤال يطرح نفسه بعد كل تطور: “هل يمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير في آراء الناخبين؟”.
ويجيب الباحث السياسي عن هذا السؤال بقوله أن الناخبين قد ينقسمون إلى قسمين: قسم المتعاطفين مع ثورات الربيع العربي والقضية الفلسطينية ومن المحتمل ألا يصوتوا للرئيس أردوغان .
أما القسم الثاني وهم عموم الناخبين الذين يهمهم الوضع الاقتصادي بالدرجة الأولى، وسيتفهمون دوافع هذه الخطوات التي تهدف إلى حماية أمن البلاد واستقرارها ومصالحها القومية والاقتصادية.
ويرى خبراء وعاملون في القطاع السياحي أن تركيا والإمارات تعدان وجهتين سياحيتين متميزتين سواء لاستقطاب السياح أو للتوسع استثماريا بالقطاع؛ لما يتمتع به البلدان من بنية تحتية قوية ومرافق ومعالم سياحية وثقافية وتاريخية متنوعة وجاذبة.
بدوره، قال صلاح الكعبي المدير التنفيذي لـ “بافاريا للعطلات”: “تركيا تعد وجهة رئيسية للسياحة، فهي تعد من أكبر الدول عالمياً على الخريطة السياحية، ولديها بنية تحتية قوية وفي نفس الوقت تعد الإمارات وجهة سياحية متميزة ومهمة تتميز أيضاً بالبنية التحتية القوية، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يعزز ذلك من حركة السياح من الجانبين».
وأشار الكعبي إلى أنه من الفوائد السياحية أيضاً تعزيز رحلات الربط والطيران بين الجانبين، من خلال الوجهات التي تسير إليها الخطوط التركية والناقلات الوطنية.
وبيّن أن تركيا تتميز بالسياحة العلاجية وسياحة المعارض، حيث يتم تنظيم فيها المعارض الطبية والسياحية والتجارية والصناعية والثقافية، فهذا التعاون سيعزز من سياحة الأعمال والمعارض أيضا.
ووفق الكعبي، من المتوقع أن تتوسع خطوط الطيران وعدد الوجهات بين البلدين، حيث من المتوقع أن تفتتح الناقلات الوطنية وجهات أكثر في تركيا إلى جانب اسطنبول مثل أنقرة وإزمير وعدد من المدن السياحية المهمة في تركيا.
وبدأت بعض الناقلات الوطنية بالفعل منذ فترة بافتتاح وجهات جديدة في تركيا مثل طرابزون على سبيل المثال، ما سيعزز من نشاط الحركة السياحية بين البلدين.
المصدر: تركيا الان